بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

41/02/06

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حکم المراهنة علی اللعب بغیر الآلات المعدة للقمار / القمار / المکاسب المحرمة

الدلیل الثاني: الروایات.

فمنها: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ[1] بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى[2] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى[3] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ[4] عَنْ أَبِيهِ[5] عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ[6] عَنْ مُوسَى بْنِ النُّمَيْرِيِّ[7] عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ[8] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع)قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:‌«لَا بَأْسَ‌ بِشَهَادَةِ الَّذِي‌ يَلْعَبُ بِالْحَمَامِ وَ لَا بَأْسَ بِشَهَادَةِ[9] الْمُرَاهِنِ عَلَيْهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص)قَدْ أَجْرَى الْخَيْلَ وَ سَابَقَ وَ كَانَ يَقُولُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُ الرِّهَانَ فِي الْخُفِّ[10] وَ الْحَافِرِ[11] وَ الرِّيشِ[12] وَ مَا سِوَى ذلك فَهُوَ[13] قِمَارٌ حَرَامٌ».[14]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[15]

یلاحظ علیه، أوّلاً: بضعف السند.

و ثانیاً: قوله(ع):«لا بأس بشهادة الذي یلعب بالحمام» یحتمل أن یراد أنّه لا إشکال في شهادة من یلعب بالحمام و لا إشکال بشهادة المراهن علیه. و الشاهد علیه أنّ رسول الله(ص)قد أجری الخیل و سابق... و المقصود من و ما سوی ذلك ما سوی الثلاثة و اللعب بالحمام و المراهن علیه. و هذا الاحتمال یوجب عدم الظهور.

و ثالثاً: هذه الروایة لا تدلّ علی الحرمة التکلیفیّة؛ بل تدلّ علی أنّ الرهان في غیر الثلاثة قمار و محرّم؛ فتدلّ علی الحرمة الوضعیّة فقط.

الإشکال علی الاستدلال بالروایة

رواية ابن سيابة على خلاف المطلوب أدل؛ لأنّ الظاهر منها أنّ المسابقة في المذكورات ليست قماراً و أنّ غيرها قمار حرام، مع أنّ الصدق في جميعها سواء، فلا محالة تحمل الرواية على الإلحاق الحكميّ و تنزيل غير القمار منزلته. و احتمال أن يكون المراد أنّ غير المذكورات قمار حرام و هي قمار غير حرام، بعيد جدّاً. مع ما عرفت من إباء الآية الكريمة من التخصيص؛ مضافاً إلى أنّ الإستعمال أعم. و الإنصاف أنّ الاستدلال للحكم بصدق عنواني القمار و الميسر عليه في غير محلّه.[16]

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ[17] بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ[18] قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام)... قَالَ ... أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص)قَالَ:«إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَنْفُرُ عِنْدَ الرِّهَانِ‌ وَ تَلْعَنُ صَاحِبَهُ مَا خَلَا الْحَافِرَ[19] وَ الْخُفَّ[20] وَ الرِّيشَ[21] وَ النَّصْلَ[22] ... وَ قَدْ سَابَقَ رَسُولُ اللَّهِ(ص)أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَ أَجْرَى الْخَيْلَ».[23]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[24]

الإشکالات علی الاستدلال بالروایةالإشکال الأوّل

ما دلّ على نفار الملائكة عند الرهان و لعنها صاحبه ما خلا الحافر و الخفّ و الريش و النصل، جميعه ضعيف السند.[25]

أقول: روایة علاء بن سیابة مسندة و صحیحة، لا الضعیفة و لکنّ المحقّق الخوئيّ(رحمه الله)قال في المعجم:«الرجل لم یوثّق و لم یثبت مدحه و قد مرّ غیر مرّة أنّ روایة مثل أبان [أبان بن عثمان من أصحاب الإجماع] عن رجل لا یدلّ علی وثاقته»[26] خلافاً لکثیر من العلماء. و روایة سعدان مسندة، صحیحة علی الأقوی و إشکال المحقّق الخوئيّ في سعدان بن مسلم و هو مختلف فیه و رأیه ضعف سعدان و لکنّ الصحیح و الأقوی أنّه إماميّ ثقة. و أشکل المحقّق الخوئيّ(رحمه الله)سنداً في روایة النرسي[27] ، فذهب إلی ضعف سند الروایة و هو الحق.

الإشکال الثاني

إنّ عدم حضور الملائكة أعمّ من الحرمة.[28]

أقول: إنّ عدم حضور الملائکة مع لعن صاحب الرهان یناسب الحرمة.

الإشکال الثالث

إنّ المتيقّن من هذه [الروایة] هو ما إذا كانت الآلات متعارفةً كالبيض و الجوز، لا ما إذا كانت غير متعارفة، كالمسابقة بالخطّ و الكتابة.[29]

أقول: کلامه- دام ظلّه- في کمال المتانة.

 


[1] محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسي‌ : إماميّ ثقة.
[2] الأشعري : إماميّ ثقة.
[3] محمّد بن موسى بن عيسى الهَمْدَاني‌ : ضعیف رمي بالغلو، واضع الحدیث علی قول.
[4] أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضال‌ : فطحيّ ثقة.
[5] الحسن بن عليّ بن فضّال التیمي : فطحيّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول.
[6] عليّ بن عقبة بن خالد : إماميّ ثقة.
[7] موسى بن أكيل النميري‌ : إماميّ ثقة.
[8] إماميّ ثقة.
[9] في تهذيب الأحكام ‌6 : 284، ح190. : بِشَهَادَةِ صَاحِبِ السِّبَاقِ
[10] من الإبل و الفيل.
[11] كالخيل و البغال و الحمير.
[12] أي : السهم (تیر)، تیر پردار.
[13] في المصدر السابق : بدون «فَهُوَ».
[14] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج19، ص253، أبواب السبق والرماية، باب3، ح3، ط آل البيت.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود محمّد بن موسى في سندها و هو ضعیف رمي بالغلو)
[15] انوار الفقاهة(كتاب التجارة)، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص302.
[16] المكاسب المحرمة، الخميني، السيد روح الله، ج2، ص15.
[17] محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه‌ القمّي : إماميّ ثقة.
[18] إماميّ ثقة.
[19] كالخيل و البغال و الحمير.
[20] من الإبل و الفيل.
[21] أي : السهم (تیر)، تیر پردار.
[22] السيف و الرمح و السهم‌.
[23] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص413، أبواب کتاب الشهادات، باب54، ح3، ط آل البيت.. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[24] كتاب المكاسب، الشيخ مرتضى الأنصاري، ج4، ص106.
[25] مصباح الفقاهة، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج1، ص578.. (التلخیص)
[26] معجم رجال الحدیث 11 : 172.
[27] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج14، ص79.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة). زَيْدٌ النَّرْسِيُّ فِي أَصْلِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(علیه السلام)قَالَ‌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَ مُجَالَسَةَ اللَّعَّانِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَنْفِرُ عِنْدَ اللِّعَانِ وَ كَذَلِكَ تَنْفِرُ عِنْدَ الرِّهَانِ وَ إِيَّاكُمْ وَ الرِّهَانَ إِلَّا رِهَانَ الْخُفِّ وَ الْحَافِرِ وَ الرِّيشِ فَإِنَّهُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ الْخَبَرَ‌
[28] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص657.
[29] المواهب في تحرير احکام المکاسب، السبحاني، الشيخ جعفر، ج1، ص657.