41/02/01
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: حکم المراهنة علی اللعب بغیر الآلات المعدة للقمار / القمار / المکاسب المحرمة
أدلّة القول الأوّل: (الحرمة في غیر ما نصّ علی جوازه)
الدلیل الأوّل: الآیة.
قوله- تعالی: ﴿... لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ...﴾. [1]
قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله):«لا يبعد جواز الاستدلال على المطلوب بقوله- تعالی: ﴿... لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ...﴾.[2]
أقول: دلالة الآیة الشریفة علی الحرمة الوضعیّة في صورة عدم الرضا مسلّمة. و أمّا دلالتها علی الحرمة التکلیفیّه فلا؛ إذ عدم جواز الأکل مربوط بالحرمة الوضعیّة لا التکلیفیّة. و أمّا النهي عن السبب إذا کان ملازماً للمسبّب فینتهي النهي عن المسبّب إلی النهي عن السبب. و أمّا إذ لم یکن ملازماً بأن انعقد العهد علی اللعب بالرهان ولکن لم یأخذ الرهان عملاً؛ فلا تدلّ الآیة الشریفة علی الحرمة التکلیفیّة إلّا إذا کانت ملازمةً.
کلام الإمام الخمینيّ بعد إتیان الآیةقال(رحمه الله):«يحتمل أن يكون [الآیة] كنايةً عن تحصيل الأموال بالباطل، فيكون النهي متعلّقاً على سبب تحصيلها، فيكون المعنى: لا يجوز تحصيل المال بالأسباب الباطلة كالقمار و البخس[3] و السرقة و نحوها. و يرجّح هذا الاحتمال بالروايات الواردة في تفسيرها؛ كصحيحة زياد بن عيسى، قال: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع)عَنْ قَوْلِهِ- عَزَّ وَ جَلَ: ﴿وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ....﴾[4] فَقَالَ: «كَانَتْ قُرَيْشٌ تُقَامِرُ الرَّجُلَ بِأَهْلِهِ وَ مَالِهِ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ- عَزَّ وَ جَلَّ- عَنْ ذَلِكَ».[5] فإنّ الظاهر منها أنّ اللّه- تعالى- نهاهم عن القمار بالمعنى المصدري، لا عن التصرّف في الأموال.
و نحوها رواية العيّاشيّ[6] عن أسباط بن سالم[7] قال: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع)فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ...﴾ [8] قَالَ «يَعْنِي بِذلك الْقِمَارَ».[9] و قريب منها رواية محمّد بن عيسى المرويّة عن نوادر ابنه[10] . و أظهر منها رواية العيّاشيّ[11] الاُخرى عن محمّد بن عليّ[12] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع)فِي قَوْلِ اللَّهِ- عَزَّ وَ جَلَ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ...﴾. قَالَ:«نَهَى عَنِ الْقِمَارِ وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ تُقَامِرُ الرَّجُلَ بِأَهْلِهِ وَ مَالِهِ فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ».[13] و يؤيّده استثناء التجارة عن تراض. فكأنّه قال: لا يجوز استنقاذ الأموال بشيء من الأسباب الباطلة، لكن لا بدّ و أن يكون بنحو التجارة عن تراض.
فإذا كان النهي متعلّقاً بالأسباب التي تحصل بها الأموال كالقمار و البخس و الربا و السرقة، و يكون المعنى: لا يجوز تحصيل المال بتلک الأمور، تدلّ الآية بإطلاقها على حرمة كلّ لعب يكون فيه رهن، و كذا لو كان المذكور جزء مدلولها».[14]
یلاحظ علیه: أنّ هذه الروایات في تفسیر الآیة الشریفة تدلّ علی حرمة أکل المال بالباطل و القمار الذي تسبّب تقامر الرجل بأهله أو ماله؛ فإذا کان القمار مع الرهان فحرام قطعاً. و أمّا بدون الرهان فلا تشمله الأدلّة. و هکذا لو لم یصدق علیه القمار؛ إذ للقمار قیدان اللعب بالآلات المتعارفة للقمار مع الرهان، بانتفاء أحد القیدین؛ فینتفي المرکّب؛ ففي صورة تحقّق الأکل بالباطل و أخذ الرهان خارجاً تتحقّق الحرمة الوضعیّة و التکلیفیّة معاً. و أمّا لو لم یأخذ الرهان خارجاً، فلا تدلّ الآیة علی الحرمة التکلیفیّة إذا لم تکن مقرونةً بالأکل بالباطل. و الظاهر من هذه الروایات النهي عن الأکل بالباطل و التقامر بالأهل و المال. و أمّا مع عدمها فلا تدلّ الآیة و الروایات علی الحرمة التکلیفیّة فقط، خصوصاً مع عدم التلازم بینهما.