46/06/22
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه النقد/التضخّم و انخفاض قیمة النقد /لزوم تدارك انخفاض القیمة
خلاصة الجلسة الماضية:
كان الحديث في الفقه المعاصر حول مسألة انخفاض قيمة النقود و أنّه هل يجب تدارك هذا الانخفاض أم لا؟ قد استعرضنا في الجلسة الماضية أدلّة العلماء الذين اعتقدوا بلزوم تدارك انخفاض قيمة النقود. كانت حجّتهم أنّ تقييم السلع و الخدمات في المجتمع هو الفلسفة التي قامت عليها فكرة خلق النقود. على سبيل المثال، يقولون إنّ الثلّاجة و المجمِّد و المدفأة و الفِراش و ... لها أسعار معيّنة بعضها أغلى و بعضها أرخص و تؤثّر الكمّيّة و الکیفیّة على تحديد السعر و القیمة. الكميّة تعني مثلاً: إذا كان الوزن أثقل فالسعر يكون أعلى. و الکیفیّة تعني مثلاً: إذا كان الأرز، الأرز المحليّ في جيلان فإنّه أغلى مقارنةً بنوع معين من الأرز المستورد.
الخدمات أیضاً تُقدَّر مثل السلع بالنقود؛ على سبيل المثال، قيمة عمل موظّف البنك أو موظّف البلديّة تُقاس بالنقود. إذا كان الطبيب عامّاً فزيارة الطبيب لها سعر و إذا كان متخصّصاً کان لزیارته سعر أعلى. إذا أجرى عمليّة القلب فإنّ قيمتها مثلاً مئة مليون تومان و إذا أجرى عمليّة البروستات فإنّ قيمتها مثلاً خمسون مليون تومان. في كلّ وقت و مكان، تختلف هذه التقديرات. السلعة في مدينة قد تكون غاليةً و في مدينة أخرى رخيصةً. في وقتٍ مّا قد تكون السلعة بسعر و لكن في وقت آخر له سعر آخر. في ذاکرتي أنّه یمکن شراء المنزل بعشرة آلاف تومان التي لو أعطيتها اليوم للمحتاج فلن يقبله.
یزیدون الرواتب الشهریّة سنویّاً مع أنّ العمل و قیمته کما کان في السابق و لکن نظراً إلی انخفاض قیمة النقود، قاموا بزیادة الرواتب.
إنخفاض قيمة النقود له تأثير أيضاً على الديون و الضمانات. على سبيل المثال: كان يقال في الماضي لضمان المدين إنّ المحکوم بالسجن بحاجة إلى كفالةٍ قدرُها عشرة آلاف تومان حتّى لا یدخل في السجن، أمّا الآن قد یلزم تقديم كفالةٍ بمليارات تومان. في ذلك الوقت، كانت عشرة آلاف تومان كافيةً لتكون رادعةً، لكن مع مرور الزمن و انخفاض قيمة النقود، أصبحت الحاجة إلى مبالغ أكثر لتحقيق ذلك التأثير. أيضاً، قيمة الدية قد تغيّرت بمرور الوقت بسبب انخفاض قيمة النقود. إذا كان شخص قد كسر يدَ شخص آخر قبل عدّة سنوات، فإنّ دية ذلك یتمّ تقویمها حالیّاً بسعر الیوم؛ لأنّ القيمة الحقيقيّة و الواقعيّة هي الأهم. الفلاح أو البستانيّ الذي تعب و أثمر شيئاً بجهده يجب أن يعطی إلیه قيمته الواقعیّة الحالیّة لا القیمة السابقة. إذا حدث ضرر، فيجب تدارکه بالقيمة الواقعیّة لا بالقيمة الاسميّة التي تعني مبلغاً معیّناً فحسب.
على هذا الأساس، أشار آية الله نوريّ الهمدانيّ حفظه الله في جواب الاستفتاء إلى نقطتين؛ الأولى أنّ فلسفة وجود النقد هي تحديد القيمة و الثانیة أنّ الضرر کلّه یجب تدارکه بالقیمة الواقعیّة.
قد قبل هو أیضاً في الجنایات أنّه یجب التدارك بالقیمة الواقعیّة و لکن هناك اختلاف حول الدیون.
إحدى القواعد العقلائيّة في مسألة الديون هي «الشروط المبنيّ عليها»؛ أي الشروط التي علیها بناء العرف و العقلاء. الآن، بناء العرف و العقلاء علی أن یُستردَّ نفس المبلغ الذي تمّ أخذه. إذا تمّ الاتفاق على أنّ المدين بعد فترة سيُعيد نفس المبلغ، فلا بأس بذلك. و إذا اتّفقوا على أنّ علی المدين أن یدفع حین الأداء زیادةً بنسبة عشرین بالمأة لأجل التضخّم الموجود بنسبة عشرین بمأة فلا بأس بذلك أيضاً.
إذا كان الشرط مساوياً أو أقلّ من التضخّم، فلا يوجد ربا في هذا الافتراض. الربا يحدث عندما تبقى قيمة النقد ثابتةً من دون تغيّر و لکن هناك أداء بأكثر ممّا قد أُخذ. مع انخفاض قيمة النقد إذا اشترط التدارك فلا يعدّ ذلك زيادةً بل يتمّ استرداد القيمة الواقعیّة. القدرة الشرائيّة بمئة ألف تومان قبل عام، تساوي الآن بمئة و عشرين ألف تومان. لذلك، ما تأخذه البنوك مثل الفائدة على القروض إذا كانت مساويةً لمعدّل التضخّم أو أقلّ منه فلا بأس به.
الآن، لا يقرض أحد أحداً؛ لأنّ قيمة النقد ستنخفض. عندما نقول إنّه ينبغي الاتفاق فهو لأجل أنّ هناك ثنائیّةً في الاستقراض حيث يُقرض بعض الناس بفائدة و البعض الآخر بدون فائدة.
النقطة التي أشار إليها آية الله نوري همداني حفظه الله هي أنّ الضرر يجب تدارکه، لكنّ المشكلة توجد في أنّ هذا الضرر لا يأتي من قِبَل المدين، بل من قِبَل الحكومة التي تخلق النقود و تسبّب التضخّم. الجواب هو أنّ المدين يعلم بحدوث مثل هذا التضخّم سنويّاً و أنّه سيكون هناك قدر من التضخّم كلّ عام. مع العلم بذلك يستقرض الشخص و یشترط صاحب النقد تدارك انخفاض القيمة. الربا ليس زيادةً اسميّةً، بل زيادة واقعیّة و تدارك انخفاض القيمة لا يعدّ زيادةً واقعیّةً.