46/05/17
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: فقه النقد/التضخّم و انخفاض قیمة النقد / لزوم تدارك انخفاض القیمة
خلاصة الجلسة السابقة: کان الکلام في بحث الفقه المعاصر حول انخفاض قیمة النقد و أنّه هل یجب تداركه أم لا؟ قد دارسنا في هذا الصدد الروایات الوارد فیه أنّ الحنطة قد قلّت في زمان و قد أمر الإمام المعصوم (علیه السلام) بأوامر. إستدلّ بعض بهذه الروایات علی أنّ التضخّم کان موجوداً في زمن المعصومین (علیهم السلام) أیضاً و قد أجبنا عنه بأنّ غلاء بعض السلع في زمان خاصّ لیس من التضخّم، بل التضخّم حاصل فیما إذا صارت السلع کلّها غالیةً و لم یتحقّق هذا في الزمن السابق. کان النقد آنذاك الذهب و الفضّة فکان إذا ازدادت قیمة السلع إزدادت أیضاً قیمة الذهب و الفضّة. إذا کانت خلفیّة النقد هي الذهب و الفضّة فلا تضخّم. مضافاً إلی أنّه جاء في الروایة أنّ القیمة «تزيد و تنقص»[1] ؛ فلا یکون الأمر بحیث کانت القیمة غالیةً دائماً بل قد کان تنقص أحیاناً.
هنا سؤال:
هل قیمة النقد تنخفض أم السلع تغلو؟ عندما تسمح الحكومة غلاء سلعةٍما مثل السيارة أو البنزين فستصبح السلعة غالیةً و تغلو بتبعها السلع الأخری أیضاً. قد استدلّ بعض بأنّ قیمة النقد إعتباريّ فلذا لا تنخفض قیمة النقد بل السلعة هي التي تغلو.
برأینا أنّ السلعة لم تغلُ في الحقیقة بل قیمة النقد قد انخفضت. عندما اتّفق جفاف و مجاعة، أمکن أن تصبح إحدى السلع غالیةً و یبقی سائرها علی السعر السابق. في التضخّم یمکن أن یقول جمهرة الناس إنّ السلع قد غلت و لکنّ الخواصّ یقولون إنّ قیمة النقد قد انخفضت.
الشاهد علی ما ادّعیناه أن نعلم ممّا یُنشأ الغلاء؟ إن ازداد العرض و قلّ الطلب فإذاً قد انخفضت القیمة و إذا قلّ العرض و کثر الطلب، ازدادت القیمة.
علی سبیل المثال إنّ کثیراً من الناس یریدون بیع منازلهم و لکن طالب شراءها قلیل، في البدایة یحدّد الباعة سعراً مرتفعاً و لکن حینما قلّ المشتري یخفّضونه. هکذا بالنسبة إلی استیجار المنزل؛ إذا ازدادت المنازل الفارغة، انخفضت القیم. إذا أراد الناس ألّا یشتروا الدجاجة و بیضها انخفض القیم. کلّما خلقت نقود أکثر ازداد الطلب فسیوجب التضخّم. کلّما ازداد النقد انحفضت قیمته و عندما تناسب العرض مع الطلب فقد تمّت السیطرة علی التضخّم.
ضامن التدارك
قال بعض: لیس المدین ضامناً لتدارك انحفاض قیمة النقد. من استقرض مأة ملایین تومان فعلیه الأداء بعد عشر سنین نفس هذه المأة؛ إذ قیمة النقد و إن انخفضت و لکنّ المدین لیس مقصّراً فیه بل الحکومة هي التي تسبّب الانخفاض مع خلق النقود.
هنا إشکال
صحیح أنّ الحکومة هي المسبّبة في انخفاض القیمة و لکنّ المباشر له هو المدین. یستطیع صاحب النقد أن یشتري به الذهب و الأرض و ... أو یعمل عملیّةً اقتصادیّةً حتّی یبقی قیمته و لکن قد انخفضت القیمة مع الاستقراض. الحکومة دخیلة في انخفاض القیمة و لکن علی المباشر (المدین) تدارك الضرر.
دلیل العدل و الإنصاف
إنّ العدل و الإنصاف قاضیان بأنّ تدارك انخفاض قیمة النقد واجب. علی سبیل المثال إن کان مهر امرأة قبل خمسین عاماً مأة ملایین تومان أ فمن الإنصاف و العدل أن یدفع بعد الخمسین هذا المبلغ من المهر؟ لا، بل الإنصاف و العدل یقضیان بإنّ انحفاض القیمة یجب أن یتدارك.
قاعدة «الجهالة»
قال بعض في إثبات عدم لزوم تدارك انخفاض قیمة النقد: إن أدَّوا دین سنین ماضیة بقیمته الماضیة فلا جهالة. «نهى رسول الله... عن بيع الغرر»[2] و لا جهالة و لا غرر في هذه الصورة و لکن إذا جعلنا القیمة الواقعیّة و قدرة الشراء هما الملاکین في التأدیة فإذا تقع الجهالة. هل المعیار هو الذهب أو الدولار أو الأرض أو شيء آخر؟
سنجیب عن هذا السؤال في الجلسة الآتیة إن شاء الله- تعالی.