آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ادلة حجية خبر الواحد ــ آية النبأ.

ذكرنا أن المناقشة الثالثة تنقسم إلى مناقشتين:

المناقشة الأولى: أن ادلة حجية خبر الواحد هل تشمل خبر السيد الذي نقل الاجماع على عدم حجية أخبار الآحاد أو لا تشمله؟

والجواب عن ذلك: أن أدلة حجية أخبار الآحاد لا تشمل خبر السيد لجهات:

الجهة الأولى: أن المعتبر في حجية خبر الواحد ان يكون عن حس فإذا أخبر واحد عن حس فهو مشمول لأدلة حجية خبر الواحد وأما إذا كان أخباره عن حدس فلا يكون مشمولا لأدلة حجية خبر الواحد، فأدلة حجية خبر الواحد التي عمدتها سيرة العقلاء لا تشمل الخبار الحدسية وتختص بالأخبار الحسية والمفروض أن خبر السيد خبر حدسي لا حسي لأنه أخبر عن قيام إجماع على عدم حجية أخبار الآحاد ولم ينقل الاجماع عن حس وإنما نقل الاجماع عن حدس فلا يكون خبره مشمولا لأدلة حجية خبر الواحد.

الجهة الثانية: أن إجماع السيد معارض مع إجماع الشيخ حيث أن الشيخ أدعى الاجماع على حجية خبر الواحد، والمفروض كما أن السيد ثقة فكذلك الشيخ ثقة ولا مزية لنقل إجماع السيد على عدم حجية أخبار الآحاد على نقل الشيخ الاجماع على حجية أخبار الآحاد. فإذاً يقع التعارض بينهما لأن ادلة الحجية لا يمكن أن تشمل كلا الاجماعين معا لاستلزامه التناقض وشمولها لأحدهما المعين دون الأخر ترجيح بلا مرجح إذ لا مزية لأحدهما على الآخر وأما شموله لأحدهما لا بعينه فهو لا يمكن فإن أريد به أحدهما المفهومي فلا واقع موضوعي له في الخارج غير وجوده في عالم الذهن فهو مجرد مفهوم في عالم الذهن ولا واقع له في الخارج. وإن أريد أحدهما المصداقي فهو من الفرد المردد في الخارج والفرد المردد في الخارج غير معقول.

فإذاً لا يمكن شمول أدلة حجية أخبار الآحاد لكلا الاجماعين أو لأحدهما المعين.

الجهة الثالثة: أن مدلول خبر السيد عدم حجية مطلق أخبار الآحاد سواء كان من أخبار الثقة أو من غير أخبار الثقة فمدلول خبر السيد يشمل خبر الثقة وأخبار الضعاف أي مدلوله عدم حجية أخبار الآحاد مطلقا وأما مدلول أدلة حجية أخبار الآحاد التي عمدتها سيرة العقلاء الممضاة شرعا فهي حجة لخصوص اخبار الثقة دون أخبار غير الثقة.

وعلى هذا فمدلول خبر السيد أعم من مدلول أدلة حجية أخبار الآحاد فلا بد من تخصيص مدلول خبر السيد بغير أخبار الثقة فأخبار الثقة حجة وخبر السيد مختص بغير أخبار الثقة.

فإذاً أخبار الثقة حجة.

الجهة الرابعة: أنه لا يمكن شمول أدلة حجية أخبار الآحاد لخبر السيد إذ لو شملت خبر السيد لزم من فرض حجيته عدم حجيته والمفروض أن المخبر به بخبر السيد عدم حجية أخبار الآحاد ومنها خبر السيد حيث أن خبر السيد أيضا خبر واحد فعندئذ يلزم من فرض حجيته عدم جيته وكلما يلزم من فرض حجيته عدم حجيته فحجيته مستحيلة.

وبكلمة أن ادلة حجية أخبار الآحاد لا يمكن أن تشمل خبر السيد إذ لو شملت خبر السيد فلا يمكن شمولها لسائر الأخبار لاستحالة الجمع بين خبر السيد وسائر أخبار الآحاد، فإذا شملت خبر السيد فلا يمكن شمولها لسائر الأخبار ولازم ذلك تخصيص ادلة الحجية بخبر السيد فقط وخروج سائر أخبار الآحاد وهو خلاف الضرورة والوجدان ولا يمكن الالتزام به.

هذا مضافا إلى أن خبر السيد بنفسه يشمل نفسه أيضا بعنوانه وهو خبر الواحد باعتبار أن خبر السيد قضية حقيقية والقضية الحقيقية تشمل الأفراد المحققة في الخارج والأفراد المقدرة في الخارج ومنها خبر السيد أي إذا تحقق خبر السيد فهو مصداق لهذه القضية الحقيقية وتنطبق عليه القضية الحقيقية وهو من انطباق نفس خبر السيد على نفسه ودلالة خبر السيد على عدم حجية نفسه وهذا مستحيل.

وعليه لا يمكن شمول أدلة حجية أخبار الآحاد لخبر السيد.

المناقشة الثانية: هل تشمل أدلة حجية أخبار الآحاد الأخبار مع الواسطة او لا تشملها؟

والجواب: أنه لا مانع من شمول أدلة الحجية للأخبار مع الواسطة حيث أن هذه الأدلة كما تدل على حجية الأخبار بلا واسطة كذلك تدل على حجية الأخبار مع الواسطة وذلك لأن لحجية أخبار الآحاد شروط فإذا توفرت هذه الشروط في خبر فهو مشمول لأدلة الحجية سواء كانت هذه الشروط متوفرة في الأخبار بلا واسطة ام كانت متوفرة في الأخبار مع الواسطة:

الشرط الأول: ان يكون الخبر من الثقة، وأما إذا لم يكن ثقة فهو غير مشمول لأدلة حجية خبر الواحد التي عمدها السيرة العقلائية القطعية الممضاة شرعا ، ولا شبهة في أن السيرة إنما قامت على العمل بأخبار الثقة فقط دون اخبار غير الثقة.

الشرط الثاني: ان يكون الخبر عن حس وأما الأخبار الحدسية فلا تكون مشمولة لسيرة العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة فهي جارية في المحسوسات وأما أخبار الثقة إذا كانت في الحدسيات فلا سيرة على العمل بها ولا دليل على حجيتها. فلا بد أن يكون الأخبار عن حس أو ما هو قريب من الحس، فمثل هذا الخبر يكون مشمولا لدليل حجية أخبار الآحاد.

الشرط الثالث: ان يكون المخبر به بخبر الثقة أثرا شرعيا أو موضوعا للأثر الشرعي كالوجوب والحرمة والجزئية والشرطية وما شاكل ذلك.

فإذا توفرت هذه الشروط في الأخبار فتكون هذه الأخبار مشمولة لأدلة الحجية وتكون حجة، ولا شبهة في أن هذه الشروط متوفرة في الأخبار بلا وساطة فإذا أخبر عن الإمام(ع) بلا واسطة وكان الراوي ثقة وكان الخبر عن حس والمخبر به هو قول الإمام(ع) فقول الإمام إما بنفسه أثرا شرعيا كما إذا كان قول الإمام متمثلا في الوجوب أو الحرمة او الجزئية او الشرطية او موضوعا للأثر الشرعي فعلى كلا التقديرين الشروط الثلاثة متوفرة في الأخبار بدون الواسطة.

وأما إذا كانت هذه الأخبار مع الواسطة كما إذا أخبر الكليني(قده) عن علي بن إبراهيم وعلي بن إبراهيم عن أبيه وأبوه عن الإمام(ع) فلا شبهة في أن الكليني ثقة فيكون أخباره عن خبر علي بن إبراهيم عن حس لأنه سمع خبر علي بن إبراهيم فالشرطان الأولان متوفران فيه أي كون الراوي ثقة وكون الخبر عن حس.

وإنما الكلام في الشرط الثالث وهو ان يكون المخبر به أثرا شرعيا في نفسه او موضوعا للأثر الشرعي والمخبر به بخبر الكليني هو خبر علي بن إبراهيم والمفروض ان خبر علي بن إبراهيم ليس حكما شرعيا في نفسه ولا موضوعا للأثر الشرعي فمن هذه الناحية يشكل شمول أدلة الحجية للأخبار مع الواسطة والمفروض ان حجية الخبر منوطة بتوفر الشروط الثلاثة لأنها مأخوذة في موضوع حجية الخبر لأن موضوع حجية الخبر مركب من كون الراوي ثقة وكون الأخبار عن حس وكون المخبر به في نفسه حكما شرعيا أو موضوعا لحكم شرعي فمع توفر هذه الشروط في خبر ثبتت الحجية له. فكون المخبر به أثرا شرعيا أو موضوعا لأثر شرعي مأخوذ في موضوع حجية أخبار الآحاد. وخبر علي بن إبراهيم ليس في نفسه حكما شرعيا ولا موضوعا لحكم شرعي نعم هو موضوع للحجية.

فإن أريد من الأثر الشرعي الحجية لزم اتحاد الحكم مع الموضوع لأن الأثر الشرعي مأخوذ في موضوع الحجية فلو كانت الحجية هي الأثر الشرعي للمخبر به لزم اتحاد الموضوع مع الحكم ولا يمكن شمول أدلة الحجية لذلك.