الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: أقسام القطع
اذا كانت النسبة بين الدليلين عموما من وجه فيمكن جعل حكم ثالث في مورد الاجتماع ثبوتا وإن كان في مقام الاثبات بحاجة الى دليل كما اذا فرضنا انه ورد في دليل وجوب أكرام العلماء وفي دليل اخر وجوب اكرام الهاشمين والنسبة بين الدليلين عموم من وجه، فعندئذ اطلاق الدليل الاول يشمل العالم الهاشمي والعالم غير الهاشمي وكذلك اطلاق الدليل الثاني يشمل الهاشمي غير العالم والهاشمي العالم ومورد الاجتماع والالتقاء هو العالم الهاشمي ولا مانع ثبوتا من تقييد اطلاق كل من الدليلين بمورد افتراقه وفي مورد الاجتماع لا مانع من جعل حكم ثالث اكد واقوى من كل من الحكمين بحده ولكن في مقام الاثبات بحاجة الى دليل، هذا بحسب الكبرى الكلية .
واما في المقام فهناك دليلان احدهما يدل على وجوب الصلاة واطلاقه يشمل ما اذا كان المكلف ظانا بوجوبها او لا يكون ظانا به والدليل الاخر يدل على وجوب الصلاة المظنون وجوبها واطلاقه يشمل ما اذا كان المكلف ظانا بوجوبها بالظن المطابق للواقع او بالظن غير المطابق للواقع، والنسبة بينهما عموم من وجه ومادة الاجتماع بينهما ما اذا كان الظن بالوجوب مطابقا للواقع ومورد افتراق الدليل الاول هو وجوب الصلاة   الثابت في الواقع ولا ظن به ومورد افتراق الدليل الثاني الصلاة المظنون وجوبها بالظن غير المطابق للواقع .
وهل يمكن ان يجعل المولى حكما ثالثا في مورد الاجتماع ويقيد اطلاق كل من الدليلين بمورد افتراقه اولا يمكن ؟
والجواب : انه لا يمكن للمولى جعل حكم ثالث في مورد الالتقاء والاجتماع وتقييد اطلاق كل من الدليلين بمورد افتراقه، اما تقييد اطلاق الدليل الاول فلأن وجوب الصلاة مجعول مقيدا بعدم الظن به في الواقع أي عدم الظن به في الواقع مأخوذ في موضوع وجوب الصلاة فيلزم توقف الشيء على نفسه واتحاد الحكم مع الموضوع فإن الموضوع مركب من عدم الظن ووجوب الصلاة في الواقع والمفروض ان نفس هذا الوجوب حكم لهذا الموضوع فيلزم اتحاد الحكم مع الموضوع ذاتا وتوقف الحكم على نفسه مباشرة بدون التوقف على مقدمة خارجية كالدور ونحوها وهو مستحيل، فإذن لا يمكن تقييد وجوب الصلاة بعدم الظن بهذا الوجوب في الواقع أي تقييد اطلاق هذا الدليل بمورد افتراقه مستحيل وحينئذ يستحيل جعل حكم ثالث في مورد الاجتماع لأن جعل حكم ثالث في مورد الاجتماع يستلزم هذا التقييد المستحيل، نعم لو كان عدم الظن تمام الموضوع للحكم فلا يلزم محذور لا محذور توقف الشيء على نفسه ولا محذور الدور، فإن وجوب الصلاة يتوقف على عدم الظن به وعدم الظن تمام الموضوع والمفروض ان عدم الظن لا يتوقف على شيء فوجوب الصلاة يتوقف عليه من باب توقف الحكم على موضوعه وحيث ان عدم الظن به تمام الموضوع فعدم الظن به لا يتوقف على شيء فعندئذ لا يلزم المحذور، هذا بالنسبة الى تقييد اطلاق الدليل الاول واما تقييد اطلاق الدليل الثاني فهو ايضا مستحيل فإنه لا يمكن جعل الوجوب للصلاة المظنون وجوبها بالظن غير المطابق للواقع وهذا الحكم لا يمكن ان يصير فعليا،فإن فعلية الحكم انما هي بفعلية موضوعه في الخارج واستحالة فعلية موضوعه في الخارج تستلزم استحالة فعلية الحكم واذا استحالت فعلية الحكم استحال جعله لأنه لغو اما استحالة هذا التقييد فإن الظان بوجوب الصلاة يستحيل ان يظن بان ظنه غير مطابق للواقع اذ ان الظان يحتمل ان ظنه غير مطابق للواقع ولكن هذا الاحتمال لم يبلغ الى درجة الظن بل يستحيل بلوغ هذا الاحتمال الى درجة الظن لأن كلا طرفي الاحتمال لا يمكن ان يكون مظنونا وراجحا فاذا كان احد الطرفين راجحا فبطبيعة الحال يكون الطرف الاخر مرجوحا ولا يمكن ان يكون راجحا فالظان بوجوب الصلاة ظان بمطابقة ظنه للواقع ويستحيل ان يظن بعدم مطابقة ظنه للواقع لأنه يستلزم التناقض أي انه يظن بالمطابقة وفي نفس الوقت يظن بعدم المطابقة، وحيث ان الموضوع مقيد بالظن بالوجوب غير المطابق للواقع فيستحيل تحقق هذا الموضوع لما اشرنا اليه، فكما انه لا يمكن ان يكون الظان بوجوب الصلاة يعلم بعدم مطابقة ظنه للواقع فإن العلم لا يجتمع مع الظن اذ مع العلم لا يمكن تحقق الظن في افق النفس فكذلك الظان بوجوب الصلاة يستحيل ان يظن ان ظنه غير مطابق للواقع فإن اجتماع الظنين في طرف القضية الواحدة وفي موضوع واحد لا يمكن لأن احد الطرفين اذا كان مظنونا فلا محالة يكون الطرف الاخر مرجوحا ويستحيل ان يكون راجحا .
هذا تمام كلامنا في اخذ العلم بالحكم في موضوع حكم اخر من الحكم المخالف والمضاد والمماثل، واخذ العلم بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم وكذلك الحال في الظن أي اخذ الظن بالحكم في موضوع حكم اخر مخالف لحكمه او مضاد له او مماثل له واخذ الظن بالحم في موضوع نفس هذا الحكم .
وبعد ذلك يقع الكلام في قيام الامارات والاصول العملية الشرعية مقام القطع
ويقع الكلام هنا في مسألتين :
المسألة الاولى : في قيام الامارات الشرعية كأخبار الثقة وظواهر الالفاظ ونحوهما من الامارات المعتبرة شرعا مقام القطع .
المسألة الثانية : في قيام الاصول العملية الشرعية مقام القطع .
اما الكلام في المسألة الاولى فيقع في عدة مقامات :
المقام الاول : في قيام الامارات المعتبرة مقام القطع الطريقي المحض .
القطع طريق الى الواقع بطريقية محضة ولا دخل له في الحكم الواقعي اصلا لا جزءا ولا قيدا .
المقام الثاني : في قيام الامارات المعتبرة مقام القطع الطريقي الموضوعي، القطع الطريقي قد اخذ في موضوع الحكم فهل يجوز قيام الامارات المعتبرة مقامه او لا يجوز؟
المقام الثالث : قيام الامارات المعتبرة مقام القطع الصفتي، أي القطع الصفتي اذا اخذ في موضوع الحكم .
وهذا التقسيم انما هو بلحاظ ما ذكره صاحب الكفاية (قده) تبعا لشيخنا الانصاري (قده)، واما بناءا على ما هو الصحيح فلا مجال لهذا التقسيم .