الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : المطلق والمقيد – مقدمات الحكمة
الى هنا قد تبين ان الاصل في كل متكلم ان يكون في مقام البيان وكل كلام صدر منه ظاهر حاله يقتضي كونه في مقام بيان تمام راده بكلامه ومنشئ هذا الاصل هو الطريقة المألوفة المتبعة بين العرف والعقلاء في مقام التفهيم والتفاهم منذ وجود الانسان على سطح هذه الكرة فان الانسان بحاجة الى التفهيم والتفهم في جميع حوائجه وفي جميع مقاصده وحواراته، فان كل انسان يتكلم بكلام ظاهر حاله انه اراد تفهيم تمام مراده لغيره ولا شبهة في هذا الظهور، فان الشارع لم يختر طريق اخر للتفهيم والتفاهم بل امضى الطريقة المتعارفة بين العرف والعقلاء فهذه الطريقة ممضاة شرعا وهذا الظهور الحالي كاشف عن الاطلاق اذا كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقيد فظهر حاله السياقي انه في مقام بيان تمام مراده كاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت سواء كان الاطلاق امر عدمي وعبارة عن عدم لحاظ القيد، او كان امرا وجوديا كما بنى عليه السيد الاستاذ قدس سره وعبارة عدم القيد، والمقصور من الظهور السياقي في مقابل ظهور الالفاظ وهذا الظهور السياقي كاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت، فاسم الجنس يدل على ذات المطلق واما ظهور حال المتكلم السياقي في انه في مقام بيان تمام مراده الجدي كاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت اذ لو كان مراده التقيد لبين ذلك ونصب قرينة عليه وحيث انه لم ينصب فظهور حاله كاشف عن الاطلاق، وتفصيل الكلام اكثر من ذلك في مبحث التعادل والترجيح
اما العنصر الثالث : وهو نصب قرينة فيقع الكلام في ان الجزء الاخير من مقدمات الحكمة هو عدم القرينة وهل المراد من عدم القرينة هو الجزء الاخير من المقدمات وبمثابة الجزء الاخير من العلة التامة هل هو خصوص عدم القرينة المتصلة او الاعم منه ومن القرينة المنفصلة، المعروف والمشهور بين الاصحاب هو الاول فان عدم القرينة المتصلة هو الجزء الاخير من مقدمات الحكمة فاذا كان المتكلم في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقيد انعقد ظهور المطلق في الاطلاق او استقر ظهور العام في العموم في مرحلة الارادة الجدية، فان العام ظهوره في المراد الجدي منوط بعدم ورود المخصص المتصل فان المخصص المتصل مانع عن استقرار ظهور العام في العموم في مرحلة الارادة الجدية وان كان هذا الظهور موجود في مرحلة التصور كما اذا قيل اكرم كل عالم الا الفاسق منهم فان لفظ كل تدل على العموم في مرحلة التصور، ما في مرحلة التصديق النهائي وهو الارادة الجدية فيتوقف على عدم وجود المخصص المتصل فانه مانع عن هذا الظهور أي ظهور العام في العموم في مرحلة الارادة الجدية ويعبر عن هذا الظهور بالظهور المستقر فان هذا الظهور يتوقف على ان لا ينصب المتكلم مخصص متصل، لكن ذبت مدرسة المحقق النائيني قدس سره الى ان الجزء الاخير من مقدمات الحكمة اعم من عدم القرينة المتصلة وعدم القرينة المنفصلة ايضا جزء مقدمات الحكمة ولكن الالتزام بذلك مطلقا لا يمكن اذ لا يمكن ان يكون عدم القرينة المنفصلة مطلقا جزء مقدمات الحكمة والا فلازمه اجمال اكثر مطلقات الكتاب والسنة وعموماتهما لان احتمال وجود القرائن المنفصلة موجود في الروايات الواردة من الائمة الاطهار عليهم السلام الواصلة الينا وغير الواصلة، مع هذا الاحتمال لم نحرز تمامة مقدمات الحكمة فان منها عدم القرينة المنفصلة فلابد من احراز القرينة المنفصلة او احتمال وجودها لا يمكن احراز تمامية المقدمات اما مع عدم اراز تمامية المقدمة لم يحرز ظهور المطلق في الاطلاق ولم يحرز استقرار العام في العموم فيصبح المطلق مجملا ولا يمكن التمسك به لا يمكن العام ونتيجة ذلك لا يمكن التمسك بكثير من مطلقات الكتاب والسنة وكثير من عموماتهما وهذا خلاف الضرورة الفقيهة اذ لا شبهة في جواز التمسك باطلاقات الكتاب والسنة وعموماتهما ولا شبهة في ذلك، وعدم جواز التمسك خلاف الضرورة الفقهية ولا يمكن الالتزام به
اما السيد الاستاذ قدس سره قد التفت الى هذا الاشكال فقام بعلاجه بطريق اخر وحاصل هذا الطريق ان عدم قرينة المنفصلة جزء مقدمات الحكمة حين مجيئها لا مطلقا، فعدمها في هذا الحين جزء مقدمات الحكمة ووجودها في هذا الحين مانع عن الظهور المطلق في الاطلاق وعن استقرار ظهور العام في العموم مثلا اذا ورد من المولى مطلق وكان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة متصلة انعقد ظهوره في الاطلاق وهذا الظهور حجة وهو مستمر الى ان جاءت قرينة منفصلة فان عدمها في هذا الحين جزء المقدمات ووجودها رافع لهذا الظهور، والمفروض ان ظهور المطلق في الاطلاق معلول لتمامية مقدمات الحكمة فاذا انتفت المقدمات انتفى الظهور فاذا جاءت قرينة منفصلة فهي رافعة لظهور المطلق في الاطلاق من جهة انها رافعة لتمامية مقدمات الحكمة ومانعة عن تماميتها ومع وجودها لا تتم مقدمات الحكمة فاذا لم تتم لم يكن للمطلق ظهور في الاطلاق، فمجيء القرينة المنفصلة رافعة لهذا الظهور وحينئذ لا يلزم محذور اجمال مطلقات الكتاب والسنة او عموماتهما لان ظهور العام في العموم قد استقر وكذلك انعق ظهور المطلق في الاطلاق فاذا كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة متصلة انعقد ظهور المطلق في الاطلاق وهذا الظهور مستمر الى ان جاءت قرينة منفصلة في ظرف مجيئها رافعة لهذا الضهور من هذا الحين لا انها رافعة من الاول فهي غير كاشفة بل هي رافعة باعتبار ان عدمها من الان جزء مقدمات الحكمة فاذا وجدت قرينة منفصلة فهي رافعة للظهور الثابت للمطلق بارتفاع مقدمات الحكمة وعندئذ لا يلزم أي محذور، هذا ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره في مقام علاج مشكلة لزوم الاجمال في اكثر من مطلقات الكتاب والسنة او عموماتهما اذا قلنا بان عدم القرينة المنفصلة جزء مقدمات الحكمة لكنه قدس سره عالج المشكلة بهذا الطريق
لكن هذا غير صحيح فان مجيء القرينة المنفصلة اذا جاءت فهذه القرينة عدم وجودها في هذا الحين جزء مقدمات الحكمة او عدم وصولها ايضا جزء مقدمات الحكمة، اما على الاول فان كان عدم وجودها في الواقع جزء مقدمات الحكمة لزم المحذور المذكور فاحتمال وجود القرينة المنفصلة في كل زمان واحتمال ان المتكلم جاء بقرينة منفصلة ومع هذا الاحتمال لم يحرز تمامية مقدمات الحكمة ومع دم احرازه لم يحرز انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق فيصبح المطلق مجملا فان احتمال وجود القرينة المنفصلة في كل زمان موجود، وان اراد قدس سره من ان عدم القرينة المنفصلة جزء المقدمات عدم وصولها لا عدم وجودها في الواقع وعدم علم المكلف بها، فيرد عليه ان عدم وصولها ليس جزء مقدمات الحكمة فان وصول القرينة وهو العلم بوجود القرينة وهو لا يمكن ان يكون رافعا للظهور فان العم شأنه كشف الواقع ولا يكون مؤثرا في الواقع نفيا او اثباتا والظهور المنعقد للمطلق ظهور واقعي وهو امر تكويني فلا يمكن رفعه بوصول القرينة المنفصلة وان وصول القرينة المنفصلة لا يمكن ان يكون رافعا لهذا الظهور فمن اجل ذلك ما ذكره قدس سره غير تام .