الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والنسخ
تحصل مما ذكرنا ان علاج مشكلة قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة يمكن بأمرين :
الامر الاول : ان بيان الاحكام الشرعية يكون بنحو التدريج على طبق المصالح العامة والظروف الملائمة وليس بيانها دفعة واحدة او في فترة زمنية خاصة بل بحسب الظروف والمصالح العامة وحيث ان المصالح العامة تتقدم على المصالح الشخصية فان تأخير البيان وان استلزم تفويت مصلحة شخصية عن المكلف او وقوعه في مفسدة شخصية ولكن مصلحة العامة اهم من ذلك فاذاً المصلحة العامة تقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة ولهذا النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم لم يتمكن من بيان الاحكام الشرعية جميعا بل اوكله الى الائمة الاطهار عليهم السلام بحسب ظروفهم الخاصة والمصالح العامة كان بيانها بنحو التدريج لا بنحو دفعة واحدة فعندئذ لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة
الامر الثاني : ان تأخير البيان عن وقت الحاجة حيث انه من المولى الحكيم فلا يمكن ان يكون جزافا وبلا مصلحة وبلا نكتة تبرر ذلك فاذاً في التأخير لا محال تكون مصلحة اقوى من مصلحة الواقع التي تفوت عن المكلف او في التقديم مفسدة ملزمة اقوى مصلحة التقديم فمن اجل ذلك يكون تأخير البيان حسنا وواجبا وتقديمه يكون قبيحا فتأخير البيان عن وقت الحاجة انما هو لمصلحة في التأخير وهي اقوى من مصلحة الواقع او لوجود مفسدة ملزمة في التقديم وهي اقوى من مفسدة التأخير فيكون تأخير البيان من المولى الحكيم لا محال ان يكون من اجل مصلحة او في التقديم مصلحة ولا يعقل ان يكون جزافا، الى هنا قد تبين انه لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة وهل هذه البيانات الصادرة من الائمة الاطهار عليهم السلام هل هي مخصصة لعمومات الكتاب والسنة او انها ناسخة لها ؟
لا شبهة ان هذه البيانات الصادرة من الائمة عليهم السلام لسانها لسان الحكاية عن الواقع والشريعة المقدسة فأنها تدل على ان الحكم المجعول في الشريعة المقدسة هو الحكم الخاص دون العام فان اللسنة هذه البيانات اللسنة الحكاية عن الشريعة المقدسة وتدل على مضمونها وهو الحكم الخاص وهو المجعول في الشريعة المقدسة دون العام فان لسان الائمة لسان الحكاية عن الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك يكون الائمة الاطهار عليهم السلام بمثابة متكلم واحد مع النبي صلى الله عليه واله بالنسبة عن الحكاية عن الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك اذا صدر عام من النبي وخاص من الائمة يحمل العام على الخاص، او اذا صدر عام من امام وصدر خاص من امام اخر يحمل العام على الخاص وكذلك الحال في المطلق والمقيد والاظهر والظاهر والحاكم والمحكوم مع ان المعتبر في حمل العام والخاص ان يكون صادرين من متكلم واحد فان العام اذا صدر من متكلم والخاص صدر من متكلم اخر فلا وجه لحمل العام على الخاص ولا يمكن جعل الخاص قرينة لبيان المراد من العام لذا من شروط حمل العام على الخاص ان يكونا صادرين من متكلم واحد حقيقة او حكما كالأئمة الاطهار عليهم السلام من الواضح ان لسان الائمة لسان الحكاية عن الشريعة فاذاً البيانات الصادرة منهم فهذه البيانات تحكي عن الاحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة وحيث ان لهذه البيانات احكام خاصة فهي تدل على ان المجعول في الشريعة المقدسة هي الاحكام الخاصة من الاول دون الاحكام العامة فمن اجل ذلك لابد من حمل هذه البيانات على التخصيص لا على النسخ فلا يمكن حملها على النسخ فان حمل هذه البيانات على النسخ بحاجة الى مقدمة زائدة وهي الالتزام بان الاحكام العامة التي قد صدرت في الكتاب والسنة فهذه الاحكام العامة احكام واقعية وهذه العمومات عمومات واقعية قد صدرت من المولى ومرادة للمولى وقعا وجدا وهذه الاحكام العامة مستمرة واقعا الى زمان صدور هذه البيانات من الائمة الاطهار عليهم السلام فاذا صدرت هذه البيانات من الائمة الاطهار فهي ناسخة لهذه الاحكام العامة في الاكتاب والسنة ومعنى النسخ ارتفاع الحكم في مرحلة الجعل بارتفاع امده وبارتفاع عمره فان امد هذه الاحكام العامة المجعولة في الشريعة المقدسة التي هي مرادة للمولى واقعا وجدا هذه الاحكام مستمرة الى زمان صدور البيانات من الائمة الاطهار عليهم السلام اذا صدرت هذه البيانات تنتهي هذه الاحكام بانتهاء امدها وهذا معنى انها ناسخة لها، ولازم ذلك ان يكون للسان هذه البيانات للسان جعل الاحكام الخاصة من حين صدورها من الائمة عليهم السلام وهذا مما لا يمكن الالتزام به فان تشريع الاحكام الشرعية وجعلها من الله تعالى وتقدس نعم قد اوكل جعل الحكم نادرا الى الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم والا فجعل الاحكام الشرعية وتشريعها من الله تعالى وبيانها من النبي والائمة عليهم السلام، فلو كانت هذه البيانات الصادرة من الائمة عليهم السلام ناسخة فمعناه ان الاحكام الخاصة مجعولة من الان وهذا لا يمكن الالتزام به فان الوحي قد انقطع بعد وفاة النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وشئن الائمة بيان الاحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة فمن اجل ذلك لا يمكن حمل هذه البيانات على النسخ فيتعين كونها مخصصة لعمومات الكتاب والسنة وانها تدل على ان المجعول في الشريعة المقدسة هو الاحكام الخاصة دون الاحكام العامة فاذاً يتعين كون هذه البيانات الصادرة من الائمة عليهم السلام في زمانهم هذه البيانات مخصصة لا انها ناسخة فلا يعقل حملها على النسخ، هذا كله في ما اذا كان الخاص متأخر عن وقت الحاجة للعام
واما اذا كان الامر بالعكس بان يكون العام متأخر عن وقت العمل بالخاص صدر من المولى الخاص ووصل وقت العمل به وصدر منه العام بعد وقت الحاجة والعمل فهل هذا الخاص مخصص لهذا العام او ان العام المتأخر ناسخ لهذا الخاص، فيه وجهان :
الوجه الاول : ذهب صاحب الكفاية الى ان هذا الخاص مخصص للعام ولا فرق في تخصيص الخاص للعام بين ان يكون متقدم او متأخرا فقد علل ذلك بكثرة التخصيص في الشريعة المقدسة حتى قيل ما من عام الا وقد خص وندرت النسخ في الشريعة المقدسة فكثرة التخصيص وندرت النسخ قرينة عامة على حمل الخاص في المقام على التخصيص لا جعل العام ناسخ للخاص بل جعل الخاص مخصص للعام فان هذه الكثرة قرينة على ذلك فلابد من حمل الخاص على التخصيص وان كانت دلالة الخاص على استمرار الحكم ومقدمات الحكمة ودلالة العام على العموم بالوضع فمع ذلك لابد من تقديم الخاص على العام بلحاظ ان تقديم الخاص على العام بملاك ان الخاص قرينة على التصرف في العام ومبين للمراد النهائي الجدي من العام ليس تقديمه على العام بملاك الاظهرية او بملاك الاقوائية لكي يقال ان دلالة العام على العموم حيث انها كانت بالوضع ودلالة الخاص على الاستمرار حيث كانت بالإطلاق ومقدمات الحكمة فالعام اقوى من الخاص واظهر من الخاص ليس من باب الاظهرية والاقوائية بل التقديم بملاك القرينية والخاص وان كان اظهر من العام، هكذا ذكره المحقق الخرساني قدس سره .