الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : تعدد الجمل المتعلقة بالاستثناء
ذكرنا ان الاستثناء يرجع الى الجملة الاخيرة او يرجع الى جميع الجمل او لا هذا ولا ذاك ففيه اقوال القول الاول ان الاستثناء لا يكون ظاهرا في الرجوع الى الجملة الاخيرة ولا ظاهرا في الرجوع الى جميع الجمل بل هو مجمل من هذه الناحية وقد اختار هذا القول صاحب الكفاية القول الثاني انه يرجع الى الجملة الاخيرة فقط وقد اختار هذا القول المحقق النائيني قدس سره وتبعه فيه السيد الاستاذ قدس سره القول الثالث انه يرجع الى جميع الجمل ، هذه هي الاقوال في المسالة
اما القول الاول فقد ذكرنا انه لا يكون ظاهر في الرجوع الى الجملة الاخيرة ولا ظاهرا في الرجوع الى جميع الجمل بل هذا يختلف باختلاف الموارد فان الاستثناء قد يكون ظاهرا في الرجوع الى الجملة الاخيرة وقد يكون ظاهرا في الرجوع الى جميع الجمل وقد لا يكون ظاهرا في ذلك فليس لهذا ضابط طلي وهذا يختلف باختلاف الموارد فلابد من ملاحظة ذلك في كل مورد
واما القول الثاني وهو رجوع الاستثناء الى جملة الاخيرة فقد ذكر المحقق النائيني قدس سره وكذا السيد الاستاذ قدس سره ضابط لذلك
بيان ذلك : ان الموضوع في القضية اذا كان واحدا والمحمول متعددا كما اذا قال المولى اكرم العلماء وقلدهم الا الفساق منهم ، ذكر انها جملة واحدة بنظر العرف والعقلاء غاية الامر ان موضوع هذه الجملة حكمان احدهما وجوب الاكرام والاخر وجوب التقليد فالجملة جملة واحدة فاذا كانت الجملة جملة واحدة فالاستثناء يرجع الى جميع هذه الجملة فالاستثناء استثناء حكمين من موضوع هذه الجملة واخراج العلماء الفساق بلحاظ كلا الحكمين أي بلحظ وجوب الاكرام ووجوب التقليد معا ففي مثل ذلك الاستثناء يرجع الى الجميع وكذلك الحال فيما اذا كان المحمول واحدا والموضوع متعددا كما اذا قال المولى اكرم العلماء والشيوخ والسادة فان الموضوع متتعددُ ولكن المحمول واحد فوحدة المحمول قرينة على ان الموضوع هو المجموع لا كل واحدا واحد فالموضوع وحدته وحدة اعتبارية لا حقيقية فالجملة جملة واحدة ووحدة المحمول فيها قرينة على وحدة الموضوع وان الموضوع بنحو المجموع ووحدة الموضوع ذكرنا اعتبارية ففي مثل ذلك الاستثناء يرجع الى الجميع أي العلماء والشيوخ والسادة معا استثناء الفساق بلحاظ هذا الحكم عن جميع هؤلاء باعتبار ان هؤلاء بمثابة موضوع واحد فالقضية قضية واحدة لا متعددة ففي مثل ذلك اذا كانت الجملة متعددة اما موضوعا او محمولا فالاستثناء يرجع الى الجميع
واما اذا كانت الجملة متعددة فتعدد الجملة يتصور على نحوين : الاول ان يكون متعدد موضوعا ومحمولا كما اذا قال المولى اكرم العلماء وجالس الشرفاء واضف السادة فان هذه الجمل جمل متباينة موضوعا ومحمولا
النحو الثاني ان يكون الموضوع متعددا سنخا ولكن المحمول متحدا سنخا ومتعددا مصداقا كما اذا قال المولى اكرم العلماء وجالس الشرفاء واضف السادة او تصدق على الفقراء ، فان الموضوع متعدد سنخا والمحمول متحدا سنخا ومتعدد مصداقا كما اذا قال اكرم العلماء واكرم السادة واكرم الفقراء ، فان الموضوع متعدد سنخا واما المحمول وان كان متحدا سنخا ولكنه متعدد مصداقا ومتكرر ففي مثل ذلك ايضا الجمل متعددة ومتباينات موضوعا ومحمولا او بالعكس كما اذا كان المحمول متعدد سنخا والموضوع واحد سنخا ولكنه متعددٌ مصداقا كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال قلد العلماء ، فالموضوع متحد سنخا ومتعدد مصداقا ثم قال قلد العلماء فالموضوع متحد سنخا والمحمول متعدد سنخا ولكن الموضوع متحدد سنخا ومتعدد مصداقا اكرم العلماء وقلد العلماء الا الفساق منهم فهذا ايضا الجمل متعددة موضوعا ومحمولا ، ففي مثل ذلك ذكر المحقق النائيني قدس سره وكذا السيد الاستاذ ان الضابط في رجوع الاستثناء الى الجملة الاخيرة هو انفصال الجملة الاخيرة عن الجملة الاولى وحيث ان الجملة الاخيرة مستقرة موضوعا ومحمولا ومنفصلة عن الجملة الاولى كذلك موضوا ومحمولا فهذا هو الملاك في رجوع الاستثناء الى الجملة الاخيرة دون سائر الجمل ، فالجملة الاولى بقية على اطلاقها او على عمومها ولا مانع من التمسك بإصالة العموم او اصالة الاطلاق في الجملة الاولى فان الاستثناء يرجع الى الجملة الاخيرة فقط والضابط في رجوع الاستثناء الى الجملة الاخيرة هو ان تكون الجملة الاخيرة منفصلة عن الجملة الاولى ومستقلة واذا كانت منفصلة عن الجملة الاولى ومستقلة موضوعا ومحمولا فالاستثناء يرجع اليها فقط دون الاولى هكذا ذكره المحقق النائيني قدس سره وكذلك السيد الاستاذ وللمناقشة في كلا الضابطين مجال
اما الضابط الاول وهو ما اذا كانت الجملة واحدة بان يكون الموضوع واحدا والمحمول متعددا كقولنا اكرم العلماء وقلدهم الا الفساق منهم ففي مثل ذلك ذكر ان الاستثناء يرجع الى العلماء بلحاظ كلا الحكمين أي بلحاظ وجوب الاكرام ووجوب التقليد ، الظاهر ان هذا لا يمكن اثباته بنحو ضابط كلي بنحو الكبرى الكلية فانه يمكن رجوع الاستثناء بلحاظ الحكم الاخير أي بلحاظ وجوب التقليد هذا ممكن ثبوتا فاذا كان ممكن ثبوتا فلا مانع من اثباته اذا ساعد فهم العرف على ذلك ففي مثل هذا المثال اكرم العلماء وقلدهم الا الفساق منهم ، مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية العرفية تقتضي ان الاستثناء بلحاظ الحكم الاخير أي بوجوب التقليد استثناء العلماء الفساق من العلماء انما هو بلحاظ الحكم الاخير وهو وجوب التقليد لا بلحاظ الحكم الاول ففي مثل هذا المثال لا يبعد دعوى ان المرتكز في الاذهان هو رجوع الاستثناء بلحاظ الحكم الاخير ودعوى ان لازم ذلك هو تكرر الموضوع في القضية فان لازم ذلك هو ان الضمير يرجع الى العلماء العدول والعلماء العدول صورة ثانية للعلماء الجدد فان الاستثناء اذا كان من الجم الاخيرة أي بلحاظ الحكم الاخير فلازم ذلك تكرر الموضوع ورجوع الضمير الى العلماء العدول وقلدهم الا الفساق منهم فالضمير يرجع الى العلماء العدول فعندئذ يلزم تكرر الموضوع فالموضوع بلحاظ الحكم الاول مطلق العلماء اعم من العدول والفساق واما الموضوع بلحاظ الحكم الاخير فهو وجوب التقليد وخصوص العلماء العدول فلازم ذلك رجوع الاستثناء الى الحكم الاخير رجوع الضمير الى العلماء العدول وهؤلاء العلماء العدول صورة جديدة للعلماء فيلزم تكرار الموضوع ومع تكرار الموضوع طبعا تكون القضية قضيتان في احداهم مع الموضوع طبيعي العلماء مطلقا اعم من العدول والفساق وفي القضية الثانية خصوص العلماء العدول موضوع فمع تكرر الموضوع والمفروض من المحمول متعدد فلا محال يستلزم تعدد القضية والجملة وهذا خلف وخلاف الظاهر فان الظاهر ان الضمير يرجع الى العلماء في صدر القضية لا الى العلماء العدول التي هي صورة جديدة من العلماء بل يرجع الى الصورة الاولى وهي العلماء مطلقا اعم من العدول والفساق
هذه الدعوى مدفوعة بان الاستثناء انما يوجب خروج الفساق عن العلماء بلحاظ الارادة الجدية لا بلحاظ الارادة الاستعمالية فالاستثناء قينة على ان المراد من الضمير جدا هو العلماء العدول واما المراد الاستعمالي هو مطلق العلماء اعم من العدول والفساق ، فاذاً هذا الاستثناء لا يوجب تكرار الموضوع والتغير في المراد الاستعمالي فان المراد الاستعمالي من الضمير هو العلماء اعم من العدول والفساق واما المراد الجدي الثابت بقرينة الاستثناء هو العلماء العدول فاذاً الضمير مستعمل في العلماء مطلقا بلحظ الارادة الاستعمالي ولكن المراد الجدي منه العلماء العدول واما المراد الجدي ليس مستعمل فيه لبس وان المستعمل فيه لبس هو المراد الاستعمالي وعلى هذا لا يستلزم تكرر الموضوع حتى يلزم تعدد القضية والجملة
فالنتيجة انما ذكره المحقق النائيني قدس سره وكذلك السيد الاستاذ من الضابط في مثل ما اذا كان الموضوع واحدا والمحمول متعددا فالقضية قضية واحدة وان الاستثناء يرجع الى مجموع الحكمين ويدل على اخراج الفساق من العلماء بلحاظ  كلا الحكمين ، ولكن هذا ليس ثابت كلي ويختلف باختلاف الموارد قد يكون الاستثناء بلحاظ الحكم الثاني ولا يلزم تكرر الموضوع في المراد الاستعمالي وانما يلزم في ان يكون المراد الجدي هو الخاص أي العلماء العدول واما الموضوع الذي هو مراد بالإرادة الاستعمالية فهو غير متكرر