الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

35/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التمسك بأصالة عدم الاستخدام
الى هنا قد تبين ان الآية المباركة خارجة عن محل الكلام اذ لا استخدام فيها فان محل الكلام انما هو في ما اذا دار الامر بين التمسك بأصالة عدم الاستخدام والتمسك بأصالة الوجوب ، واما الآية الكريمة فلا استخدام في البين فان الضمير يوجب للمطلقات بالمعنى العام ولا مخالفه بينهما بالمدلول التصوري ولا بالمدلول الاستعمالي فلو كنا نحن والآية الكريمة فنقول هذا الحق ثابت للزوج وهو رجوعه الى زوجته في اثناء العدة ثابت مطلقا بلا فرق بين المطلقات الرجعيات والمطلقات البائنات ولكن ثبت هذا التخصيص والتقيد من الخارج ومن الروايات ثبت ان هذا الحق ثابت في المطلقة الرجعية فقط لا في المطلقة البائنة وهذه الروايات مقيدة للإطلاق ولا تكون رافعة للظهور الاطلاقي فإنما تكون مانعة عن الحجية فاذا التطابق بين الضمير والمرجع موجود في مرجع الاستعمال فان بحسب المدلول التصوري والمدلول الاستعمالي ، واما بحسب المدلول الجدي وان كان خاص كما ان الضمير خاص والمرجع ايضا خاص بالنسبة الى هذا الحكم ، فهنا ثلاث حالات بحسب الفرض والتصور ومقام الثبوت
الحالة الاولى : ان الضمير يرجع الى المطلقات فرضنا ان الآية الشريفة او ما شاكلها في نفسها وبواسطة القرائن الخارجية في ان الضمير يرجع الى المطلقات بمعناه العام والمراد من المرجع وهو المطلقات ايضا معناه العام فعندئذ لا استخدام في البين كما انه لا موضوع لإصالة العموم فان موضوع التمسك بإصالة العموم انما هو الشك في المراد شك في ان المراد من العام معناه العام او الخاص وفي المقام لا شك فان المراد من المطلقات المعنى العام والضمير ايضا يرجع اليه فلا موضوع للاستخدام ولا لإصالة العموم فان موضوع الاستخدام انما هو في ما اذا كان المراد من الضمير معلوم ولكن نشك في ان المراد من المراد من المرجع كما اذا فرضنا ان الضمير يرجع الى المطلقات في معناه العام ولكن نشك في ان المراد من المطلقات هل هو معناه العام او الخاص ، ففي مثل ذلك نتمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق ونحكم بان المرجع مطابق للضمير او كان الامر بالعكس بان يكون ان المراد من المرجع معلوم ولكن المراد من الضمير غير معلوم ولا ندري ان الضمير يرجع الى العام او الى الخاص ولكن المراد من المرجع معلوم انه العام فعندئذ نتمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق بين الضمير والمرجع وهي تثبت ان الضمير مطابق للمرجع فلا اختلاف بينهما فاذا موضوع التمسك بإصالة عدم الاستخدام في هذين الفرضين أي في ما اذا كان المراد من الضمير معلوم والمراد من المرجع غير معلوم او بالعكس ففي هذين الفرضين نتمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق
الحالة الثانية : ان الضمير في نفسه او بواسطة القرينة الخارجية يرجع الى بعض افراد العام الى المعنى المجازي للعام وهو الخاص واما المراد من العام هو معناه الموضوع وهو العموم فعندئذ لابد من الالتزام بالاستخدام فان المراد الاستعمال من الضمير الخاص ومراد الاستعمال من المرجع العام ، فلابد من الالتزام بالاستخدام نعم اذا شككنا في المراد من المرجع هل هو معناه العام وهو معناه الموضوع له او ان المراد منه معناه الخاص ففي مثل ذلك نتمسك بإصالة عدم الاستخدام اي اصالة التطابق وهي تثبت ان المرجع يطابق للضمير والمفروض ان الضمير يرجع الى الخاص فأصالة التطابق تحكم بان المرجع يطابق للضمير ولا اختلاف بينهما فعندئذ فلا يمكن التمسك بإصالة العموم فان اصالة عدم الاستخدام حاكمة عليها واصالة العموم محكومة بها فلا تجري مع جريان اصالة عدم الاستخدام كما تقدم ففي مثل ذلك اذا شككنا في ان المراد من المرجع هو العام او الخاص فالمرجع هو اصالة التطابق وهي تثبت ان المرجع يطابق للضمير ولا تجري اصالة العموم لأنه محكومة بإصالة عدم الاستخدام
الحالة الثالثة : ما اذا شككنا ان الضمير هل يرجع الى العام او يرجع الى الخاص ولا ندري ان الضمير يرجع الى العام او الى الخاص فعندئذ تارة يكون المرجع معلوم واخرى لا يكون المرجع معلوماً فالمرجع ايضا مردد بين العام والخاص ، اما في الفرض الاول وهو اذا كان المرجع معلوم فان كان المراد من المرجع المطلق أي معناه العام فعندئذ فلابد من التمسك بإصالة عدم الاستخدام واصالة التطابق وهي تحكم ان الضمير يطابق للمرجع فان المراد من المرجع هو المعنى العام والمراد من الضمير غير معلوم فالنتيجة اصالة عدم الاستخدام واصالة التطابق وهي تحكم ان الضمير يطابق للمرجع وكذا الحال اذا كان المراد من المرجع الخاص فعندئذ ايضا نتمسك بإصالة عدم الاستخدام نحكم بان الضمير مطابق للمرجع ، واما اصالة العموم فهي لا تجري في المقام لعدم الموضوع له اذا لا شك في المراد من العام او الخاص اما ان يكون المراد من المرجع العام او يكون المراد منه الخاص ولا تردد واما اذا كان المرجع ايضا متردداً كما ان الضمير مشكوك ومتردد بين انه يرجع الى العام او الى الخاص فالمرجع ايضا مشكوك ومتردد فان المراد منه العام او الخاص ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق فان موضوع اصالة التطابق هو اذا كان المراد من الضمير معلوم والمراد من المرجع غير معلوم فعندئذ نتمسك بإصالة التطابق لإثبات ان المرجع مطابق للضمير او بالعكس بان يكون المراد الاستعمالي من المرجع معلوم ولكنه مراد الاستعمال من الضمير غير معلوم فعندئذ نتمسك بإصالة عدم الاستخدام بإصالة التطابق لإثبات ان المرجع مطابق للضمير
فاذا موضوع اصالة عدم الاستخدام فيما اذا كان المراد في احدهما معلوماً وفي الاخر مجهولً ، اما اذا كان المراد في كليهما مجهول كما ان المراد من الضمير غير معلوم كذلك المراد من المرجع ايضا غير معلوم فعندئذ لا موضوع للتمسك بإصالة التطابق أي اصالة عدم الاستخدام وهل يمكن التمسك بإصالة العموم اولا ثم التمسك بإصالة عدم الاستخدام في طولها ولا مانع من التمسك بإصالة العموم في ما اذا شككنا في المراد من المرجع هل المراد منه المعنى العام او المعنى الخاص فلا مانع من التمسك بإصالة العموم وهل يمكن التمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق بعد جريان اصالة العموم او لا ، وهذا مبني على ان المراد من العلم بالمراد من الضمير او العلم من المراد بالمرجع هل هو اعم من العلم التعبدي والعلم الوجداني او المراد منه خصوص العلم الوجداني ، فعلى الاول فلا مانع من التمسك بإصالة التطابق بعد جريان اصالة العموم فان اصالة العموم توثبت ان المرجع عام وتثبت العلم التعبدي بعموم المرجع فاذا ثبت عموم المرجع بالعلم التعبدي فلا مانع من التمسك بإصالة التطابق والحكم بان الضمير مطابق للمرجع اما اذا قلنا ان العلم بالمراد هو العلم الوجداني فلا تجري اصالة التطابق حينئذ ، الظاهر هو الاول فان المراد من العلم اعم من العلم الوجداني والعلم التعبدي وعندئذ فلا مانع من التمسك بإصالة عدم الاستخدام في طول التمسك بإصالة العموم ، نتمسك بإصالة العموم اولا وبهذه الاصالة نثبت موضوع اصالة التطابق ثم بعد ذلك نتمسك بإصالة التطابق في طول اصالة العموم ولهذا لا تكون منافيه لها فانها في طولها ومتفرعة عليها
وهذه الحالات الثالثة والآية المباركة انما تنطبق على الحالة الاولى فقط دون الثانية والثالثة فنهما مجرد افتراض لا واقع لهما بالنسبة للآية المباركة وما شاكلها ، ثم انه لا فرق في ذلك بين ان يكون الدليل متكفل لحكمين او اكثر كما في الآية المباركة فأنها متكفله لأكثر من حكمين الاول وجوب العدة الثاني حرمة الكتمان في ارحامهن الثالث رجوع الزوج الى زوجته في اثناء العدة ، او متكفل لحكم واحد كقولنا (رأيت اسد وضربته) فانه متكفل لحكم واحد وهذه الحالات الثلاث متصورة فيه ايضا
هذا كله ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من التمسك بإصالة العموم دون التمسك بإصالة الاستخدام وذكرنا ما افاده قدس سره غير تام فان اصالة عدم الاستخدام حاكمة على اصالة العموم فلا تجري اصالة العموم مع جريان اصالة عدم الاستخدام
القول الثاني : وهو التمسك بإصالة عدم الاستخدام على اصالة العموم قد اختار هذا القول السيد الاستاذ قدس سره اذا دار الامر بين التمسك بإصالة العموم او اصالة الحقيقة والتمسك بإصالة عدم الاستخدام أي اصالة التطابق لابد من تقديم اصالة عدم الاستخدام على اصالة العموم او اصالة الحقيقة وعلل ذلك ان ظهور سياق الكلام المرتكز في الاذهان وهو مطابقة الضمير مع مرجعه امر ارتكازي في الاذهان وهذا الظهور اقوى من ظهوره العام في ظهوره او المطلق في الاطلاق فلا يمكن التمسك بإصالة العموم فلابد من التمسك بإصالة عدم الاستخدام وتقديمها على هذا ، هكذا ذكره قدس سره وما ذكره في نفسه صحيح ولكن الكلام في تعليل التقديم