الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/12/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : التمسك بالعام
كان كلامنا في وجوب الفحص وانه لا يجوز التمسك بعموم العام قبل الفحص او باطلاق المطلق فقد استدل على وجوب الفحص في الشبهات الحكمية بوجوه :-
الوجه الاول : العلم الاجمالي وانه منحل ولا اثر له ولا يمنع من التمسك باصالة العموم او اصالة الاطلاق هذا مضافا الى الواجب على كل مجتهد ان يبحث عن كل مسألة اراد استنباط الحكم الشرعي منها سواء انحل العلم الاجمالي الكبير ام لم ينحل، فوجب الفحص عن كل مسألة لا يتوقف على بقاء العلم الاجمالي وتنجيزه بل ولو انحل مع ذلك يجب عليه الفحص في كل مسألة اراد استنباط الحكم الشرعي منها، وللمحقق العراقي (قده) في المقام كلام وحاصله ان انحلال العلم الاجمالي حقيقتا بالعلم التفصيلي اوو بالعلم  الاجمالي الصغير يتوقف على ان يكون العلم التفصيلي متعلق بنفس ما تعلق به العلم الاجمالي او العلم الاجمالي الصغير تعلق بنفس ما تعلق به العلم الاجمالي الكبير فعندئذ ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي كما اذا فرضنا انا نعلم بنجاسة اناء زيد وهو مردد بين الاناء الابيض والاناء الاسود ثم علمنا تفصيلا ان الاناء الابيض هو اناء زيد ففي مثل ذلك ينحل العلم الاجمال حقيقتا، واما اذا لم يكن متعلق العلم التفصيلي عين المتعلق العلم الاجمالي حقيقتا واحتمال انه عينه اما العلم بان العلم التفصيلي تعلق بعين العلم الاجمالي فهو غير موجود كما اذا فرضنا اننا نعلم اجمالا بنجاسة احد الاناءين ثم علمنا ان الاناء الاسود نجس بملاقاة البول احتمال ان المعلوم بالاجمال هو المعلوم بالتفصيل واما اليقين بذلك غير موجود واحتمال التطابق بين المعلوم بالتفصيل والمعلوم بالاجمال  وانه عينه ففي مثل ذلك ذكر (قده) ان العلم الاجمالي لا ينحل حقيقتا وانما ينحل حكما ويشترط في الانحلال الحكمي ان يكون العلم التفصيلي او العلم الاجمالي الصغير معاصرا للعلم الاجمالي الكبير وهو معتبر في الانحلال العلمي او العلم الاجمالي الصغير معاصرا للعلم الاجمالي الكبير وهو معتبر في انحلال العلم الاجمالي الكبير بالعلم الاجمالي الصغير، واما اذا كان العلم الاجمالي الكبير متقدما على العلم التفصيلي او على العلم الاجمالي الصغير فلا يكون معاصرا فاذا كان متقدما زمنا يكون منجزا لإطراقه فاذا كان كذلك سقطت الاصول العملية واللفظية في اطرافه فانها لا تجري في جميع الاطراف لاستلزامه المخالفة القطعية العملية وجريانه في بعضها دون بعضها الاخر ترجيح من غير مرجح فتسقط الاصول اعم من اللفظية والعملية في اطراف العلم الاجمالي الكبير وماتت تلك الاصول فحينئذ اذا حصل علم تفصيلي ببعض اطراف العلم الاجمالي الكبير او علم اجمالي صغير بان تكون دائرته اضيق من دائرة العلم الاجمالي الكبير فهذا العلم التفصيلي الذي تعلق ببعض اطرافه لا يوجب اعادة الاصول العملية او الاصول اللفظية في سائر اطرافه لانها قد ماتت فلا يمكن ان تعيدها الى الحياة لانها قد سقطة وخرجت عن ادلة الحجية والاعتبار فلا يمكن شمولها مرة اخرى بدليل الاعتبار والحجية، هكذا ذكره (قده) وللمناقشة فيه مجال من وجوه :-
الوجه الاول : ان هذا ليس من الانحلال الحكمي فان معنى الانحلال الحكمي ان العلم الاجمالي باقي على حاله ولا ينقلب من الجامع الى الفراد غاية الامر قد جرى الاصل في بعض الاطراف دون البعض الاخر كما اذا فرضنا انه يعلم بنجاسة احد الاناءين لكن احدهما خارج عن محل الابتلاء ففي مثل ذلك لا مانع من التمسك باصالة الطهارة بالنسبة الى الاناء الذي هو محل ابتلائه وهنا ينحل العلم الاجمالي حكما أي بحكم الشارع اما العلم بالجامع فهو باقي فان المكلف يعلم بنجاسة احدهما وهذا العلم باقي وخروج احدهما عن محل الابتلاء لا يوجب انحلال هذا العلم وانقلابه وهذا هو معنى الانحلال الحكمي أي الانحلال بحكم الشارع، واما العلم الاجمالي الذي هو متعلق بالجامع فهو باقي على حاله وهذا معنى الانحلال الحكمي وما ذكره (قده) من الانحلال الحكمي في ما اذا احتمل التطابق بين المعلوم بالتفصيل والمعلوم بالاجمال او بين المعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الصغير والمعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الصغير ففي مثل هذه الموارد الانحلال حقيقي فان العلم الاجمالي ينقلب من الجامع الى علم اجمالي اضيق منه والى شك بدوي بالنسبة الى الاطراف التي هي خارجة عن اطراف العلم الاجمالي الصغير ولا يمكن بقاء العلم الاجمالي بالجامع فاذا فرضنا العلم الاجمالي بنجاسة احد الاناءين ثم علم تفصيلا نجاسة احدهما بالبول واحتمال التطابق والانطباق بينهما موجود ومع هذا الاحتمال لا يمكن بقاء العلم الاجمالي بالجامع فينقلب من الجامع الى علم تفصيلي بنجاسة الاناء الشرقي وشك بدوي بالنسبة الى الاناء الغربي فكيف يمكن ان يكون هذا من الانحلال الحكمي فان معنى الانحلال الحكمي ان العلم الاجمالي يبقى على الجامع لكن الشارع حكم بالانحلال من جهة ان الاصل الترخيصي يجري في بعض اطرافه ولا يجري في بعضها الاخر فما ذكره المحقق العراقي من ان هذه الموارد من الانحلال الحكمي فهو غريب
الوجه الثاني : مع الاغماض عن ما تقدم وتسليم ان هذه الموارد من الانحلال الحكمي ولكن ما ذكره (قده) من ان الاصول اذا ماتت وسقطت عن اطراف العلم الاجمالي فلا يمكن اعادتها احياء ولا يمكن ان تكون مشمولة لدليل الاعتبار مرة اخرى فما ذكره غير تام فان العلم الاجمالي في هذه الموارد يوجب تنجز اطرافه فاذا كان اطرافه جميعا منجزة بهذا العلم فهي مانعة عن جريان الاصول في اطرافه من الاصول العملية واللفظية فان جريانها في الجميع يستلزم المخالفة القطعية العملية وجريانها في بعضها دون بعضها الاخر ترجيح من غير مرجح فتسقط عن الاعتبار وماتت ولكن اذا انحل العلم الاجمالي ولو حكما ارتفع تنجيزه ايضا فان تنجيز العلم الاجمالي معلول له والمعلول يدور مدار وجود العلة حدوثا وبقاءً فاذا ارتفعت العلة فلا يعقل ان يبقى المعلول واذا ارتفع هذا العلم الاجمالي ولو بحكم الشارع ارتفع معلوله وهو التنجز فاذا ارتفع التنجز ارتفع التعارض بين الاصول العملية او اللفظية في اطرافه فان منشأ سقوط هذه الاصول في اطرافه تنجز هذه الاطراف قياس ذلك بالموت الطبيعي والموت التكويني قياس مع الفارق فان ادلة الاعتبار لا تشمل هذه الاصول في اطراف العلم الاجمالي من جهة المعارضة ومنشأ المعارضة هو التنجز فاذا ارتفع ارتفعت المعارضة واذا ارتفعت المعارضة ارتفع المانع عن شمول ادلة الاعتبار لها والمفروض انها ارتفعت بارتفاع منشأها وهو التنجز فما ذكره (قده) من ان هذه الاصول اذا ماتت لا تعيدها مرة اخرى قياس ذلك بالموت الطبيعي قياس مع الفارق
الوجه الثالث : ومع الاغماض عن ما تقدم ايضا ا ذكره (قده) مبني على الخلط بين الاصول العملية والاصول اللفظية ما ذكره على تقدير تمامية انما يتم في الاصول العملية ولا يتم في الاصول اللفظية الذي هو محل الكلام .