الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : دوران الامر بين التخصيص والتخصص
الوجه الثالث : انه لا شبهة في ثبوت الملازمة بين نجاسة شيء ونجاسة ملاقيه وهذه الملازمة ارتكازية في اذهان العرف والعقلاء فاذا حكم بنجاسة شيء فهو يدل على نجاسة ملاقيه وعلى ضوء ذلك فالملازمة ثابتة بين طهارة شيئا وطهارة ملاقيه فاذا كان طاهرا فلا محال يكون ملاقيه ايضا طاهر، وعلى هذا فالطائفة الثالثة تدل على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء او البدن الملاقي لماء الاستنجاء بالمطابقة وتدل بالالتزام على طهارة ماء الاستنجاء فعندئذ تصلح ان تكون مقيدة لإطلاق الطائفة الاولى بغير ماء الاستنجاء فان الطائفة الاولى تدل على نجاسة الملاقي لعين النجس وحيث ان ماء الاستنجاء ملاقي لعين النجس فلابد من تقيد اطلاق الطائفة الاولى بغير ماء الاستنجاء فان الطائفة الثالثة تدل على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء بالمطابقة وبالالتزام الارتكازي العرفي تدل على طهارة ماء الاستنجاء، واستفادة طهارة الشيء من طهارة ملاقيه امر متعارف كما اذا ورد في الدليل ان ملاقي الحية او ملاقي العقرب او ما شاكله من الحشرات طاهر فان هذه الروايات تدل على طهارة الملاقي لها بالمطابقة وعلى طهارة نفسها بالالتزام، فاستفادة طهارة الشيء من طهارة ملاقيه او استفادة طهارة الملاقي من طهارة الشيء امر متعارف
والجواب عن ذلك انه لا مانع من الالتزام بهذه الدلالة الالتزامية الارتكازية في مثل ما دل على طهارة ملاقي الحية والعقرب فانه يدل بالالتزام على طهارتهما فلا مانع من الالتزام بهذه الدلالة الالتزامية، وفي المقام وهو الطائفة الثالثة التي تدل بالمطابقة على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء او البدن الملاقي لماء الاستنجاء بالمطابقة وعلى طهارة ماء الاستنجاء بالالتزام فلا بمكن الالتزام بذلك لوقوع المعارضة والمصادمة بين الطائفة الثالثة والطائفة الاولى فان الطائفة الاولى تدل على نجاسة ماء الاستنجاء باعتبار انه ملاقي لعين النجس فان الطائفة الاولى تدل على نجاسة البول او نجاسة العذرة بالمطابقة وعلى نجاسة ملاقيه بالالتزام واما الطائفة الثالثة تدل على طهارة الملاقي لماء الاستنجاء بالمطابقة وعلى طهارة ماء الاستنجاء بالالتزام فتقع المصادمة والمعارضة بين الطائفتين في ماء الاستنجاء فان الاولى تدل بالالتزام على نجاسته والثالثة تدل بالالتزام على طهارته فتقع المعارضة بينهما وحيث انه لا ترجيح في البين فتسقطان معا من جهة المعارضة فعندئذ لا دليل على ان ماء الاستنجاء طاهر او انه نجس فلا مانع من الرجوع الى الاصل من الرجوع الى الاصل العملي كإصالة الطهارة او استصحاب بقاء الطهارة او ما شاكل ذلك
ولكن قد يقال كما قيل ان الطائفة الثالثة اخص من الطائفة الاولى فان مورد الطائفة الثالثة ماء الاستنجاء الثوب او البدن الملاقي لماء الاستنجاء، واما الطائفة الاولى فهي مطلقة وعامة فعندئذ نسبة الطائفة الثالثة الى الطائفة الاولى نسبة الخاص الى العام او المقيد الى المطلق فعندئذ مقتضى القاعدة حمل العام على الخاص او المطلق على المقيد الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي فعندئذ لابد من تقديم الطائفة الثالثة في مورد المعارضة على الطائفة الاولى فالنتيجة طهارة ماء الاستنجاء
والجواب عن ذلك اولا : ان الطائفة الثالثة وان كانت اخص من الطائفة الاولى لان موردها خاص الا ان منشأ المعارضة بينهما واحد وهو الارتكاز العرفي فان الارتكاز العرفي هو منشأ المصادمة والمعارضة بينهما في المدلول الالتزامي فان الارتكاز العرفي بين نجاسة شيء ونجاسة ملاقيه وبين طهارة شيء وطهارة ملاقيه وهذا الارتكاز العرفي هو منشأ هذه الدلالة الالتزامية فاذا ضممنا هذا الارتكاز العرفي الى الطائفة الاولى فهو يشكل لها دلالة الالتزامية وهي الدلالة على نجاسة ملاقيه واذا ضممنا الى الطائفة الثالثة فهو يشكل لها دلالة الالتزامية وهو الدلالة على طهارة ملاقيه فمنشأ المعارضة بينهما في المدلول الالتزامي نفيا واثباتا واحد فاذا كان كذلك فلا موضوع لتجريح فعندئذ لا موجب لترجيح الطائفة الثالثة على الطائفة الاولى تقع المعارضة بينهما في المدلول الالتزامي فلا ترجيح في البين لان منشأ هذه المعارضة والمصادمة شيء واحد ولهذا فلا يمكن الترجيح ولا موضوع له، نعم لو دلت الطائفة الثالثة على طهارة ماء الاستنجاء بالمطابقة لكانت مخصصة لها ولكن الامر ليس كذلك بل هي تدل على طهارة ماء الاستنجاء بالالتزام .
وثانيا : يظهر من الطائفة الثانية بقرينة سؤال السائل الثوب الملاقي لماء الاستنجاء وطهارته فان السائل سأل الامام عليه السلام عن طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء ونجاسته فان هذا السؤال قرينة على ان السائل شاك في هذه الملازمة اما في مرتبة ملاقاة الثوب لماء الاستنجاء او ملاقاة ماء الاستنجاء للنجاسة فهو شاك في ثبوت هذه الملازمة في احد المرتبتين فان سؤاله عن طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء وعن نجاسته فهذا السؤال قرينة على انه شاك في ثبوت هذه الملازمة ما في مرتبة ملاقاة الثوب لماء الاستنجاء وان هذه الملازمة غير ثابتة واما في مرتبة ملاقاة ماء الاستنجاء للعذرة، وعلى هذا فتصبح الطائفة الثالثة مجملة فان الطائفة الثالثة تدل على طهارة الثوب الملاقي لماء الاستنجاء ولكن لا ندري ان ماء الاستنجاء طاهر او انه نجس ولكنه لا ينجس ملاقيه فانه شاك في ذلك فعندئذ لا مانع من التمسك باطلاق الطائفة الاولى وبعمومها فانا نشك في ان ماء الاستنجاء قد خرج عن الطائفة الاولى بالتخصيص وحكما او انه لم يخرج فلا مانع من التمسك بإطلاقها لإثبات انه غير خارج فالنتيجة ان ماء الاستنجاء نجس لكنه لا ينجس ملاقيه وهذه هي نتيجة الجمع بين الروايات في الطائفتين .
الوجه الرابع : ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره وحاصله ان الروايات تدل على طهارة الملاقي لماء الاستنجاء كالثوب او البدن فان الملاقي لماء الاستنجاء طاهر فهذه الروايات تدل بالملازمة على طهارة ماء الاستنجاء ومن هذه الروايات معتبرة عبد الكريم قال (سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجى به فهل ينجس ذلك ثوبه فقال عليه السلام، لا ) ومن الواضح ان جواب الامام عليه السلام يدل بالمطابقة على عدم نجاسة الثوب وبالالتزام على طهارة ماء الاستنجاء كما اذا فرضنا انه سأل عن شخص هل الملاقي لماء الاستنجاء طاهر او نجس فاذا قال طاهر فهو يفهم منه طهارة ماء الاستنجاء وهذا امر مرتكز في الاذهان .