الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : جريان الاستصحاب في العدم الازلي
 انتهى كلامنا الى ما اذا كان الموضوع مركب من الجوهر وعرضه كما اذا كان الموضوع مركب من وجود زيد وعدالته او وجود الماء وكريته ففي مثل ذلك لا شبهة في ان العرض نعت للموضوع والموضوع في الحقيقة ليس مركب بل مقيد فان العرض بالنسبة الى موضوعه نعت وصفة له لان وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه لا ان للعرض وجودين وجود في نفسه ووجود لغيره بل وجود واحد في الخارج وهو وجوده لغيره وهو موضوعه وصفه له ونعت ومن هنا اذا اخذ في الموضوع العرض ومحله فبطبيعة الحال يكون الموضوع عنوان النعتية والصفتيه وعلى هذا فالمأخوذ في الموصوف الوجود النعتي فان كانت له حالة سابقة فلا مانع من جريان استصحابه كما اذا كان زيد عادل ونشك في باق عدالته فلا مانع من استصحاب بقائها ويترتب عليه اثره كقبول شهادته وصحة الاقتداء به وما شاكل ذلك وكذا الحال في الماء اذا كان هذا الماء كررا سابقا ونشك في بقاء كريته فنستصحب بقائها وكذا الحال بالنسبة الى العدالة اذا كانت عدالة زيد مأخوذة في الموضوع بنحو العدم النعتي ومرد عدم النعت الى اتصاف زيد بعدم العدالة واتصاف هذا الماء بعدم الكرية فان كانت لهذا العدم النعتي حالة سابقة فلا مانع من استصحاب بقائه ويترتب عليه اثره وان لم تكن له حالة سابقة فلا يجري الاستصحاب في العدم النعتي واما جريان الاستصحاب في العدم المحمولي فلا يجدي فانه لا يثبت العدم النعتي الا على القول بالأصل المثبت وهذا ليس من جهة العدم المحمولي في الخارج غير العدم النعتي بل هو عين العدم النعتي والاختلاف بينهما انما هو بالإضافة فان وجود العرض اذا لوحظ في نفسه فانه وجود محمولي وعدمه اذا لحظ في نفسه فهو عدم محمولي واذا لوحظ مضاف الى موضوعه فهو وجود نعتي او عدم نعتي فالفرق بينهما في الاضافة فقط وحيث ان استصحاب العدم المحمولي لا يثبت هذه الاضافة الا على القول بالأصل المثبت فمن اجل ذلك لا يجري ، هذا ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من المقدمات
 ثم ذكر ان نتيجة المقدمة الاولى ان التخصيص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص وهو العدم البديل له أي نقيض العنوان المخصص هذا نتيجة المقدمة الاولى
 اما نتيجة المقدمة الثانية الفرق بين الوجود المحمولي والعدم المحمولي وبين الوجود النعتي والعدم النعتي فان الوجود اذا اضيف الى ماهيته فهو وجود محمولي والعدم اذا اضيف الى ماهيته فهو عدم محمولي واذا اضيف الى موضوعه فهو وجود نعتي واذا اضيف العدم العرض الى موضوعه فهو عدم نعتي هذا نتيجة المقدمة الثانية واما نتيجة المقدمة الثالثة هي ان العدم الذي مأخوذ في موضوع العام بمقتضى الدليل المخصص فان الدليل المخصص يدل على تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص وقد ذكر قدس سره ان نتيجة المقدمة الثالثة ان هذا العدم عدم نعتي وليس محمولي وقد بنى على ذلك انكار جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية مثلا قد ورد في الروايات ان المرآة تحيض الى خمسين الا اذا كانت قرشية فأنها تحيض الى ستين فان هذا الدليل المخصص المتوصل بالاستثناء يوجب تقيد موضوع العام بالمرآة التي لا تكون قرشية يوجب تقيد الموضوع بعدم عنوان المخصص وهو القرشية وذكر قدس سره ان هذا التقيد عدم نعتي وهذا العدم عدم نعتي فاذا دليل المخصص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص بنحو العدم النعتي فان كانت له حالة سابقة فلا مانع من استصحاب بقائه واما اذا لم تكن له حالة سابقة فلا يجري الاستصحاب فيه كما هو الحال في هذا المثال فان اتصاف المرآة بعدم القرشية ليس له حالة سابقه فان المرآة منذ وجودها ومنذ تولدها نشك في انها متصفة بالقرشية او لا تكون متصفة بها فأذن ليس اتصافها بالقرشية الة سابقة ولا لاتصافها بعدم القرشية حالة سابقة واما استصحاب عدم القرشية بنحو الاستصحاب بالعدم الازلي الذي هو عدم محمولي فهو ان كان جاري في نفسه الا انه لا اثر له فان الاثر مترتب على العدم النعتي ولا يكون مترتب على العدم المحمولي والمفروض من الاستصحاب العدم المحمولي لا يثبت العدم النعتي الا على القول بالأصل المثبت ومن اجل ذلك انكر جريان الاستصحاب في العدم الازلي لأنه لا يترتب عليه أي اثر والاثر انما يترتب على العدم النعتي واستصحاب العدم المحمولي لا يثبت العدم النعتي الا على القول بالأصل المثبت وقد ذكر قدس سره في رسالته في اللباس المشكوك اذا شككنا في ثوب ان مادته من اجزاء ما لا يؤكل لحمه او انه من اجزاء ما يؤكل لحمه فعندئذ اذ كانت مادته من اجزاء مالا يؤكل فانه مانع للصلاة فان لبس ما لا يؤكل مانع في الصلاة وقد ورد في الرواية لا تصلي في ما لا يؤكل لحمه ولا في شعره ولا في وبره ولا في روثه وفي كل شيء منه لا تجوز الصلاة فيه فاذا وجود الاجزاء الغير مأكول الحم مانع عن الصلاة وعلى هذا اذا صلى في هذا الثوب نشك في ان هذه الصلاة مقترنه بالمانع او ليس مقترنه بالمانع فاذا ليس لاقترانها بالمانع حالة سابقه ولا لعدم اقترانها بالمانع حالة سابقة فلا يجري الاستصحاب واما استصحاب عدم الاقتران بنحو الاستصحاب العدم الازلي وان كان في نفسه جاري الا انه لا يثبت عدم الاقتران بنحو العدم النعتي الا على القول بالأصل المثبت وعلى هذا ذكر ان استصحاب العدم الازلي لا يجري هذا نتيجة ما ذكره قدس سره فان المخصص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص بنحو العدم النعتي ومن اجل ذلك لا يجري الاستصحاب الا اذا كانت للعدم النعتي حالة سابقة ولا فلا يجري الاستصحاب وقد ذكر السيد الاستاذ قدس سره انما ذكره المحقق النائيني قدس سره من المقدمات فهي لا تنتج هذه النتيجة وهي عدم جريان الاستصحاب في الاعدام الازلية اما المقدمة الاولى وهي ان المخصص سواء كان متصل ام منفصل فالمخصص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص أي بنقيضه ولا تدل على ان هذا العدم عدم نعتي ولا اشعار به بذلك فمفاد دليل المخصص تقيد موضوع العام لعدم عنوان المخصص اما ان هذا العدم عدم نعتي او عدم محمولي فدليل المخصص غير ناظر الى ذلك بل يمكن القول بان دليل المخصص ظاهر ان هذا العدم عدم محمولي وان العدم النعتي بحاجة الى مؤونه زائده ثبوتا واثباتا كما سوف نشير اليه فأذن المقدمة الاولى لا تقتضي ان هذا العدم عدم اكيد واما المقدمة الثانية فهي في مقام الفرق بين الوجود والعدم المحموليين وبين الوجود والعدم النعتيين في مقام الفرق بينهما ولا نظر الى ان العدم المأخوذ في موضوع العام هل هو عدم نعتي او انه عدم محمولي واما المقدمة الثالثة وهو ما اذ كان الموضوع مركب فاذا كان الموضوع مركب من جوهرين او عرضين او جوهر وعرض قائم بجوهر اخر فلا اشكال فيه فان احد جزئي الموضوع ليس نعت للجزء الاخر وفرضنا انه لم يأخذ في الموضوع أي عنوان زائد غير ذات الجزئيين كعنوان التقارن والحوق والسبق وغير ذلك فان كان الموضوع بكلا جزئيه محرز بالوجدان او محرز بالتعبد او احدهما بالتعبد والاخر بالوجدان يترتب عليه اثره وانما الكلام في ما اذا كان الموضوع مركب من العرض والجوهر من الغرض ومحله كعدالة زيد وكرية الماء وقرشية المرآة فاذا كان الموضوع مركب من العرض ومحله فلا شبهة في ان العرض نعت لمحله فالعرض بوجوده النعتي مأخوذ في الموضوع لان العرض في نفسه نعت للموضوع واذا اخذ بالموضوع بطبيعة الحال يكون المأخوذ وجوده النعتي فان وجوده في نفسه وجود نعتي واذا كان المأخوذ في الموضوع وجوده النعتي فان كانت له حالة سابقة فلا مانع من استصحاب بقائه وان لم تكن له حالة سابقة فلا يمكن اثباته باستصحاب بقاء وجود المحمول فان استصحاب بقاء المحمول لا يمكن اثبات الوجود النعتي الا القول بالأصل المثبت ومحل الكلام بين المحقق النائيني قدس سره والسيد الاستاذ نفيا واثباتا في ما اذا كان المأخوذ في الموضوع عدم العرض عدم العدالة عدم الكرية عدم القرشية فهل المأخوذ العدم النعتي كما ذكره المحقق النائيني قدس سره او ان المأخوذ العدم المحمولي فان كان العدم النعتي فلا يجري الاستصحاب في الاعدام الازلية وان كان العدم المحمولي يجري الاستصحاب في الاعدام الأزلية ومحل الخلاف بين المحقق النائيني قدس سره والسيد الاستاذ في هذه النكتة