الموضوع : العام والخاص _ جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية _ التفصيل بين المخصص اللفظي واللبي

الوجه الثاني : ماذكره المحقق الأصفهاني قد : بتقريب إن المخصص إذا كان لفظيا فكما انه يدل على منافات عنوان الخاص لحكم العام كذلك يدل على وجود المنافي بين أفراد العام

بيان ذلك : إن العام أذا صدر من المولى ( أكرم كل شاعر) فان هذا العام يدل بعمومه على وجوب إكرام كل فرد من أفراد الشعراء سواء كان عادلا أم فاسقا نحويا أو أصوليا أو فقهيا بكل لون أو صنف كان فلا تنافي في مابين أفراد العام كل هذه الإفراد بالنسبة إلى وجوب الإكرام على حد سواء ونسبة واحدة وإذا ورد المخصص بعد ذلك وقال لاتكرم الشاعر الفاسق فانه كما يدل على منافات عنوان الخاص لحكم العام باعتبار أن عنوان الخاص مانع لحكم العام وعدمه قيد لموضوعه فمن اجل ذلك يكون عنوان الخاص منافيا لحكم العقل فالمخصص اللفظي اذا ورد من المولى فكما انه يدل على منافات عنوان الخاص لحكم العام فكذلك يدل على وجود المنافي بين إفراد العام فان أفراد الفاسق منافية لسائر الأفراد في الحكم إذن المخصص إذا كان لفظيا له هاتان الدلالتان الدلالة على منافات عنوان الخاص لحكم العام باعتبار انه مانع عن حكم العام وعدمه قيدا لموضوعه وأيضا له دلالة على وجود المنافي بين أفراد العام فان أفراد الفاسق تمتاز عن سائر الأفراد ،هذا إذا كان المخصص لفظيا أما إذا كان لبيا فحيث انه متمثل في القطع واليقين ( القطع بفسق الشاعر وبعداوة الجار) ولكن العبد يعلم من القرائن الخارجية أن المولى لم يرد إكرام من كان من جيرانه عدوا له المخصص اللفظي لم يرد من الشارع وإنما حصل له قطع من القرائن الخارجية إذن المخصص أللبي هو القطع بفسق الشاعر والفاسق خارج عن العام أو الجار المعلوم العداوة خارج عن العام فالمخصص إنما يدل على منافات عنوان الخاص وهو القطع واليقين لحكم العام ولا يدل على وجود المنافي بين أفراد العام باعتبار إن المخصص هو القطع بفسق الشاعر أو عداوة الجار والقطع ليس له واقع موضوعي إلا في عالم الذهن وليس المخصص الشاعر الفاسق أو الجار العدو بوجوده الواقعي حتى يكون منافيا لسائر أفراد العام فالمخصص أللبي إنما يدل على منافات عنوان الخاص وهو القطع واليقين لحكم العام لأنه مانع لحكم العام وعدمه قيد لموضوعه ولا يدل على وجود المنافي بين أفراد العام باعتبار أن المخصص أللبي هو القطع بفسق الشاعر ، الشاعر الفاسق بوجوده الواقعي ليس مخصصا وكذلك الجار العدو بوجوده الواقعي ليس خاصا حتى يكون منافيا لأفراد العام في الواقع بل المخصص هو الشاعر الفاسق بوجوده العلمي الذي لاواقع موضوعي له إلا بعالم الذهن والخاص هو الجار العدو بوجوده العلمي وليس له واقع موضوعي إلا في عالم الذهن وعلى ضوء هذه المقدمة فان كان المخصص لفضيا كالمثال أكرم كل شاعر ثم قال لاتكرم الشاعر الفاسق فإذا شككنا في شاعر في الخارج فالتخصيص يوجب تقييد موضوع العام بعنوان غير عنوان المخصص وموضوع وجوب الإكرام بعد التخصيص الشاعر الذي لايكون فاسقا في الواقع فإذا شككنا في فرد من الشاعر فالشبهة موضوعية بالنسبة إلى كل من العام والخاص فكما لايمكن التمسك بالخاص لإثبات انه فاسق كذلك لايمكن التمسك بالعام لإثبات انه عادل وذلك لما تقدم من إن مفاد العام هو إثبات الحكم للموضوع المقدر الوجود في الخارج وأما إثبات الموضوع فهو ليس مدلول العام وكذلك مدلول المطلق ومن اجل ذلك لايمكن التمسك بإطلاق المخصص ولا بعموم العام فالمرجع الأصول العملية المؤمنة هذا إذا كان المخصص لفضيا وإما إذا كان المخصص لبيا فهو متمثل بالقطع واليقين القطع بفسق الشاعر فمعلوم الفسق خارج عن العام فالمخصص أللبي يوجب تقييد موضوع العام بعدم اليقين فموضوع العام هو الشاعر الذي لايعلم انه فاسق ما إذا علم انه فاسق فهو خارج عنه وأما مع الشك انه فاسق أو عادل فهو لايخرج عن موضوع العام لان الخارج من العام إنما هو الشاعر المعلوم الفسق وعلى هذا إذا شك في شاعر وان إكرامه واجب أو لا فلا مانع من التمسك بالعام لان الشك في الحكم في ثبوت وجوب الإكرام للموضوع المقدر وجوده فان المشكوك مصداق للعام وليس خارج عنه فالخارج هو معلوم الفسق ومشكوك الفسق داخل في العام فإذا شك في وجوب إكرامه فنتمسك بعموم العام مع إن الشبهة مصداقية ،

وبعبارة أخرى: إن المخصص إذا كان متمثلا بالقطع واليقين فلا يتصور فيه الشك لان موضوع العام مقيد بعدم اليقين بالفسق موضوع العام الشاعر الذي لايعلم فسقه وإما الشاعر الذي يتيقن بفسقه فهو خارج عن العام وأما إذا لم يعلم بفسقه فهو داخل في العام قطعا إذ لايتصور الإنسان انه شاك أو ليس بشاك أو انه متيقن أو ليس متيقنا فان المخصص من القضايا الوجدانية ولا يتصور قيها الشك فإذا علم بفسق الشاعر فهو خارج عن العام ولا يشك في علمه ماما إذا لم يعلم بفسقه فهو داخل في العام ولا يشك في شكه أيضا وعلى هذا إذا شك في ثبوت وجوب الإكرام له فلا مانع من التمسك بالعام هذا ماذكره المحقق الأصفهاني قد مع التوضيح ، ولكنه لايمكن المساعدة عليه بل هو خاطئ ولاواقع موضوعي له لأمرين ،

الأمر الأول: أن القطع بفسق الشاعر ليس تمام المخصص ولا جزئه بل هو طريق إليه وكاشف عنه وأخذ العلم بالموضوع بحاجة إلى دليل وعناية ثبوتية واثباتية وبدون العناية فالعلم طريق وكاشف والمخصص هو الإجماع أو حكم العقل أو ... ، وأما العلم واليقين الحاصل منها فهو طريق وكاشف عنها وليس نفس العلم هو المخصص ، ومع الإغماض عن ذلك وتسليم أن اليقين جزء المخصص فمع ذلك لايكون المقام من التمسك بالعام في الشبهات في الشبهات المصداقية فالخارج هو معلوم الفسق أما الشاعر الفاسق بوجوده الواقعي داخل في العام سواء شك في فسقه أو لم يشك وأما معلوم الفسق فهو خارج وعلى هذا إذا شككنا بوجوب إكرام مشكوك الفسق فالتمسك بالعام هو من التمسك بالشبهة الحكمية لان الميزان في التمسك بالشبهة الحكمية هو الشك بالحكم مباشرتا والشك إنما هو في وجوب الإكرام لافي الموضوع فمشكوك الفسق من أفراد العام فإذا شككنا في وجوب إكرامه فالمرجع هو عموم العام ، فما ذكره قد انه من الشبهة الموضوعية مبني على الخلط فالشك في الشبهة الموضوعية ليس في الحكم وإنما في الموضوع والشك في الحكم بالتبع وأما في الشبهة الحكمية فالشك مباشرتا في الحكم وما نحن فيه كذلك فمشكوك الفسق داخل في العام قطعا والخارج هو معلوم الفسق فإذا شككنا في وجوب إكرامه فالمرجع أصالة العموم لأنه من التمسك بالعام في الشبهة الحكمية ،إذا هذا التفصيل غير تام وهنا تفصيل أخر ذكره المحقق النائيني قد ...