الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

34/01/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع : النهي التنزيهي
 بقي هناك شيء وهو ان السيد الاستاذ قدس سره ذكر في تعليقته في اجود التقريرات انه الصحيح عدم صحة العبادة المنهي عنها لاستحالة التقرير بالمبعوث وما يستحيل من المكلف قبيح لان العبادة المنهي عنها ليس انها بنفسها قبيحة ومبغوضة فلا يمكن التقرير بها من المولى فمن اجل ذلك تقع فاسدة هكذا ذكره قدس سره ، وقد علق عليه بعض المحققين على ما في تقرير بحثه وحاصل هذا التعليق ان نتيجة المبغوضية في بعد المكلف عن المولى بالنظر الى المعلومات النفسية وهذا البعض المعلومات هو نتيجة المبغوضية واما البعد النفسي في المقام هو البعد المنتزع عقلا من الجري العملي على خلاف العبودية والاطاعة وليس نتيجة للمبغوضية فان المبغوضية والقبيح ملاكان لبطلان العبادة وهما مستقلان ولا يرتبط احدهما بالأخر وما ذكره السيد الاستاذ مبني على الخلط بينهما فجعلهما ملاك واحد فان قوله قدس سره ان العبادات منهي عنها بنفسها قبيحة ومبغوضه فهذا الامر تفصيلي جعل القبيح والمبغوض ملاك واحد للبطلان مع ان الامر ليس كذلك هكذا علق على ما ذكره السيد الاستاذ قدس سره لكن للمناقشة في هذا التعليق مجال ، اذ لا شبهة في ان مراد السيد الاستاذ من المبغوضية ليس المبغوضية بخلاف المعلومات النفسية فانه قدس سره قد صرح بان المراد من المبغوضية مبغوضية للمولى ومبغوضية العمل للمولى الحقيقي لا تتصور ذلك فان المبغوضية في الانسان بخلاف المعلومات النفسية وهذا المعنى غير متصور في المولى الحقيقي الذي تكون اطاعته واجبة ذاتا فهذا مورد متصور فيه وقد صرح قدس سره بان مبغوضية العبادة المنهي عنها ضرورة للمولى فلا يمكن التقرب بها من المولى وقد صرح بذلك ومن الواضح ان البعد الحاصل من المبغوضية هو البعد المنتظر عقلا من الجري العملي خلاف معنى العبودية فان المكلف اذا ترك الواجب حصل له البعد من ساحة المولى واذا حصل البعد من ساحة المولى حصل البعد والعقل يحكم بقبح ذلك وحكم العقل بالقبح في طول المبغوضية لا انه في عرضها وملاك البطلان هو مبغوضية العبادة فاذا نهى المولى عن الصلاة في الارض المغصوبة فهذا النهي يدل على ان الصلاة في الارض المغصوبة مبغوضه للمولى ولا تكون فيها مصلحة فاذا اتى بها فلا يمكن الحكم بصحتها لأنه التقرير بالمبغوض لا يمكن فاذا كانت الصلاة في الارض المغصوبة مبغوضة فالعقل يحكم بالقبح وحكم العقل بالقبح في طول المبغوضية والحكم بعدم صحة العبادة هو المبغوضية فاذا لبطلان العبادة وفساد الملاك واحد وهو المبغوضية فان حكم العقل بالقبح ناشئ من ذلك والمبغوضية هي منشئ حكم العقل بقبح الاتيان بهذا العمل المبغوض والمحرم كما ان العقل يحكم بحسن الاطاعة فان حكم العقل بحسن الاطاعة في طول الملاك في طول محبوبية العمل فاذا كان العمل محبوبا فالعقل يحكم بحسن الاتيان به واذا كان مبغوضا للمولى فالعقل يحكم بقبح الاتيان به فمن اجل ذلك يحكم بالفساد لان التقرب بالمبغوض غير ممكن ومن اجل ذلك يكون العمل مبعدا للمكلف ويحكم ببطلان تلك العبادة فالنتيجة ما ذكره قدس سره من التعليق غير وارد
 الى هنا قد تبين ان النهي عن الحصة الخاصة من العبادة اذا كان تحريميا ونفسيا كالنهي عن الصلاة في المكان المغصوب او في الفضاء المغصوب او في الستر المغصوب او ما شاكل ذلك فهذا النهي يدل على ان هذا الصلاة مشتمله على مفسدة ملزمه بالالتزام يدل على حرمتها بالمطابقة وعلى اشتمالها على المفسدة الملزمة وعلى مبغوضيتها بالالتزام فاذا كانت مبغوضة فلا يمكن التقرب بالصلاة بالاتيان بهذه الحصة ومن اجل ذلك مبغوضية تلك الصلاة توجب تقيد العبادة بغير هذه الحصة وهذا التقيد عقلي وليس بشرعي وايضا ما هو نكتة هذا التقيد فاذا يقع الكلام بمقامين المقام الاول في ان هذا التقيد عقلي وليس بشرعي المقام الثاني في نكتة هذا التقيد وما هو المبرر له :-
 المقام الاول : فان التقيد الواجب شرعا بقيد وجودي او بقيد عدمي انما هو مدلول الاوامر والنواهي الارشاديين كالأمر بالقيام بالصلاة فان مفاد هذا الامر ارشاد كما ان القيام شرط للصلاة وقيد لها وكالأمر باستقبال القبلة في الصلاة فان مفاده المطابقي هو الارشاد ارشاد الى ان استقبال القبلة قيد في الصلاة وكذا الامر بالستر في الصلاة فان هذا الامر مفاده الارشاد مباشرة الى ان الستر شرط في صحة الصلاة وقيد لها واذا نهى المولى عن لبس ما لا يؤكل بالصلاة فمفاده الارشاد الى مانعية الى لبس ما لا يؤكل بالصلاة وعدم المانع قيد في الصلاة وشرط لها واذا نهى عن الصلاة في النجس او الصلاة الحرير او في الذهب فمفاده الارشاد الى مانعية النجاسة في الصلاة وان مانعية عدم المانع قيد عدمي للصلاة ولبس الحرير مانع للصلاة ولبس الذهب مانع عن الصلاة وعدمه قيد فاذا القيد اذا كان شرعي سواء كان وجودي او عدمي فهو مفاد الامر والنهي الارشاديين مباشرة وهذا بخلاف القيد في المقام فان النهي المتعلق بحصة خاصة من العبادة ليس نهي ارشادي فهو نهي نفسي ومفاده التحريم فاذا لا تنافي بين هذا النهي والامر المتعلق بطبيعي الصلاة فان متعلق الامر طبيعي الصلاة ومفاده وجوب الصلاة بنحو صرف الوجود ومفاد النهي حرمة الصلاة حرمة هذه الحصة فلا تنافي بين الدليلين في المدلول الوضعي ولا تنافي بينهما وحيث ان النهي المتعلق بحصة خاصة من الصلاة كالصلاة في الارض المغصوبة يدل على حرمتها مطابقة ولا مبغوضيتها واشتمالها على المفسدة الملزمة التزاما فهذه الدلالة الالتزامية تحقق موضوع الحكم عقلا باستحالة انطباق المحبوب على المبغوض واستحالة انطباق المراد على المبغوض واستحالة انطباق ما فيه مصلحة ملزمه على ما فيه مفسدة ملزمه ومن اجل ذلك يحكم العقل بتقيد تقيد العبادة بغير هذه الحصة بملاك استحالة انطباقها بهذه الحصة وانطباقه عليها انطباق المحبوب على المبغوض وهذا غير ممكن فاذا هذا التقيد تقيد عقلي العقل هو الحاكم بهذا التقيد وليس التقيد تقيد لفظي نعم الدلالة اللفظية الالتزامية تحقق موضوع حكم العقل فاذا دل النهي بالالتزام على مبغوضية متعلقة واشتماله على المفسدة الملزمة وبهذه الدلالة تحقق موضوع الحكم العقلي بالتقيد ولكن استحالة انطباق المحبوب على المبغوض ومن اجل ذلك يكون التقيد تقيد عقلي
 المقام الثاني : وما هو المبرر ونكتة هذا التقيد فقد ذكر المحقق النائيني قدس سره وكذا السيد الاستاذ قدس سره ان نكتة هذا التقيد هو ان مفاد الاطلاق ترخيص المكلف في تطبيق الواجب على أي فرد من افراده شاء فان معنى اطلاق الامر بالصلاة معناه ترخيص المكلف في تطبيق الصلاة معمول بها على أي فرد من افرادها شاء واي حصة من حصصها وهذا الترخيص متعدد بعدد افراد الطبيعي الواجب في الخارج واطلاق العبادة بالنسبة الى هذا الترخيص شمولي وانطباقها على افرادها فهذا دليل فان هذا الترخيص متعدد بعدد افراد الواجب في الخارج واطلاقها بالنسبة اليه اطلاق شمولي وعلى هذا فان الفرد او الحصة اذا كانت محرمه فلا يمكن تطبيق المأمور بها على هذا الفرد المحرم والا لزم ان يكون هذا الفرد مجمع للترخيص والحرمة معا وهذا غير معقول لان معنى ترخيص المكلف في تطبيق الواجب على هذا الفرد جواز الاتيان بهذا الفرد ومعنى تحريم هذا الفرد وجوب الاجتناب عنه ووجوب تركه فاذا الجمع بينهما يستلزم الجمع بين النقيضين او الضدين فلا يمكن ان يكون الفرد المنهي عنه والفرد المحرم او الحصة المحرمة مجمع للتحريم والتحلل معا فلا يمكن ان يكون المكلف مرخص في تطبيق الواجب على الحصة المحرمة وعلى الفرد المحرم اذ معنى تطبيق الواجب على الفرد المحرم هو جواز الاتيان به ومعنى تحريمه هو عدم جواز الاتيان به ولا يمكن الجمع بينهما لأنه من الجمع بين النقيضين وهذا بخلاف تقيد الشرعي فان التقيد اذا كان شرعيا بمدلوله المطابقي يدل على هذا التقيد فان الامر اذا كان ارشاديا مفاده الارشاد الى المانع و الى الشرطية او الى القيديه او الى الجزئيه والنهي اذا كان ارشاديا فإرشاد المانعيه عدمها قيد المأمور به وهذا بخلاف اذا كان القيد عقلي فانه لا تنافي بين الدليلين الدليل الدال على وجوب الطبيعي والدليل الدال على حرمة الفرد وحرمة الحصه فلا تنافي بينهما في المدلول اللفظي غاية الامر معنى اطلاق الامر هو ترخيص المكلف شرعا في تطبيق المأمور به على أي فرد من افرادها شرعا وهذا لا يمكن بينها وبين الفرد المحرم فاذا نكتة هذا التقيد العقلي انما هو ترخيص المكلف الشارع الذي هو مفاد الاطلاق ترخيص المكلف في تطبيق المأمور به على أي فرد من افارده بالخارج شاء وهذا التطبيق لا يمكن بالنسبة الى الفرد المحرم لأنه يستلزم اجتماع النقيضين او اجتماع الضدين هكذا ذكر المحقق النائيني والسيد الاستاذ قدس سره ولكن للمناقشة فيه مجال .