آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/08/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 5): المدار قيمة وقت الإخراج لا وقت الوجوب والمعتبر قيمة بلد الإخراج لا وطنه ولا بلد آخر، فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده وأراد الإخراج منه كان المناط قيمة ذلك البلد لا قيمة بلده الذي هو فيه)[1] .

ان وجوب زكاة الفطرة من مغرب يوم ليلة العيد ووقته موسع الى صلاة العيد او الى قبل الظهر على الاختلاف بين الفقهاء في ذلك ، واما وقت الاخراج فهو مخير في اخراج زكاة الفطرة من اول الليل الى قبل صلاة العيد ففي أي وقت اخرج زكاة الفطرة فهو مخير بين ان يدفع زكاة الفطرة من نفس جنسها او يدفع زكاة الفطرة من قيمتها بالنقدين أي بالدرهم او الدينار فالواجب عليه هو الجامع بين دفع زكاة الفطرة من جنس الحنطة او يدفع قيمتها من النقدين ، وذكرنا ان هذا التخيير ثابت بجملة من الروايات التي تنص على انه يجوز دفع زكاة الفطرة من النقدين فالمكلف مخير بين ان يدفع زكاة الفطرة من الحنطة نفسها مثلا او يدفع قيمتها من النقدين ، أما دفع قيمتها من جنس آخر فهو محل اشكال وإن كان المشهور على ذلك ولكن ذكرنا انه لا دليل عليه فالدليل انما هو في النقدين.

فالواجب هو دفع قيمة المخرج وقت الاخراج أي مقدار كان فالمكلف ملزم بدفع قيمة هذا المقدار فلو فرضنا ان قيمته وقت الوجوب اقل من ذلك او اكثر من ذلك لكن اذا فرضنا ان قيمتها وقت الاخراج أي مقدار كان فالمكلف ملزم بدفع قيمة هذا المقدار فقط يعني انه مخير بين دفع زكاة الفطرة من نفس الجنس او يدفع قيمتها من الدرهم والدينار ، اذن اعطاء الدرهم والدينار بدلا عن زكاة الفطرة يكون على القاعدة فان المكلف وقت الاخراج مخير والواجب عليه هو الجامع فله ان يطبق الجامع على زكاة الفطرة من نفس الجنس وله ان يطبق الجامع على النقدين فهو مخير في ذلك.

واما اذا فرضنا ان هناك دليل على جواز اعطاء قيمة زكاة الفطرة من جنس اخر غير النقدين ـــ كما هو المشهور ومختار الماتن قدس سره ـــ فالدليل عليه ليس دليلا لفظيا لان الدليل اللفظي غير موجود واما موثقة اسحاق ابن عمار ذكرنا انها منصرفة الى النقدين فلا تشمل الاجناس والدليل هو الاجماع والاجماع دليل لبي لابد من الاقتصار على القدر المتيقن كالحنطة مثلا فالمكلف مخير بين ان يدفع زكاة فطرته من الحنطة او يدفعها من جنس اخر بعنوان القيمة بديلا عن قيمة صاع من الحنطة هذا هو المقدار المتيقن.

ثم ذكر فرعا اخر وهو ان المناط بقيمة بلد زكاة الفطرة لا بقيمة وطنه او بلد اخر كما اذا كان للمكلف حنطة في بلد اخر او شعير او تمر او زبيب او غير ذلك في بلد اخر واراد اعطاء زكاة الفطرة من الحنطة في بلد اخر فالمناط بقيمة الحنطة في ذلك البلد واذا فرضنا ان قيمة الحنطة في ذاك البلد اكثر من قيمة الحنطة في وطنه فعليه ان يدفع قيمة الحنطة في ذلك البلد لا في وطنه لأنه مخير بين اعطاء صاع من الحنطة او قيمة الصاع من الدرهم والدينار في ذلك البلد فالواجب في ذلك البلد عليه الجامع بين صاع من الحنطة وبين قيمته من الدرهم والدينار ، اما قيمة صاع من الدرهم والدينار فهو اقل من ذلك فليس فردا للجامع فان الواجب هو دفع الجامع اما في ضمن صاع من الحنطة او في ضمن قيمته من الدرهم والدينار.

وهل يجوز للمكلف ان يعطي قيمة ادنى من الذي يجوز دفع الزكاة من هذا الجنس فلو فرضنا ان هذا الجنس قيمته ادنى من سائر الاجناس والاطعمة كالسلت وفرضنا ان قيمة السلت اقل بكثير من قيمة الحنطة والشعير والتمر والزبيب وما شاكل ذلك فهل يجوز له ذلك او لا يجوز؟

الجواب:- الظاهر انه يجوز بمقتضى اطلاقات الادلة وذكرنا سابقا ان مقتضى الروايات انه يجوز اعطاء زكاة الفطرة من كل فرد من افراد الطعام وكل فرد من افرد القوت وكل فرد من افراد الغذاء.

واما قيمته فأيضا كذلك فانه مخير بين ان يدفع صاع من السلت وبين ان يدفع قيمته من النقدين باعتبار ان الواجب هو الجامع بينهما.

واما اذا فرضنا ان الذي يعطي قيمته فهو غير موجود في الاسواق فعلا فلو فرضنا انه اراد ان يعطي قيمة الشعير والشعير غير موجود في الاسواق هل يجوز ان يدفع قيمة الشعير او لا يجوز.

الجواب:- ذهب جماعة الى عدم جواز ذلك فان دفع القيمة للفقير من اجل انه يشتري من هذا الجنس فاذا لم يكن هذا الجنس موجودا في الاسواق فهو لا يتمكن من الشراء.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فان الفقير مختار ان يشتري من هذا الجنس او من جنس اخر كما ورد في الروايات ان دفع القيمة من الدرهم والدينار اصلح بحال الفقير وانفع بحاله يشتري ما يريد واي شئ يريد هو يشتري فقد يريد حنطة وقد يريد الدقيق او اللحم فقد علل بذلك ، اذن ما قيل من انه لا يجوز دفع قيمة شئ لا يكون موجودا في الاسواق لا وجه له اصلا ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج4، ص221، ط جماعة المدرسين.