آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

ذكرنا انه على القول بتعلق الزكاة في اموال الصبي والمجنون وجوبا فعندئذ اذا شك الولي في اخراج الزكاة وانه هل اخرج زكاتها او لم يخرج؟ فحينئذ يدور الامر بين المحذورين فان زكاتها اذا كانت باقية وجب اخراجها او اذا لم تكن باقية؟ حرم التصرف في اموالهما ، فإذن يدور الامر بين المحذورين ، وذكرنا ان في دوران الامر بين المحذورين لا يكون التكليف منجزا لان العلم الاجمالي لا يكون منجزا وكذلك احتمال التكليف سواء أكانت الشبهة قبل الفحص ام كانت بعد الفحص فان احتمال التكليف انما يكون منجزا في الشبهة قبل الفحص اذا امكن الاحتياط واما اذا لم يمكن الاحتياط فلا اثر لاحتمال التكليف ولا يمكن ان يكون منجزا ، اذن اذا دار الامر بين الوجوب والحرمة تكون المسالة داخلة في دوران الامر بين المحذورين في الشبهة الحكمية بلا فرق بين ان تكون الشبهة قبل الفحص او بعد الفحص فعلى كلا التقديرين العلم الاجمالي لا يكون منجزا وكذا احتمال التكليف لان المكلف لا يتمكن لا من الموافقة القطعية العملية ولا من المخالفة القطعية العملية وهو مخير وهذا التخيير عقلي ولابد منه لان الجمع بين النقيضين لا يمكن فالمكلف اما فاعل او تارك ولا يتصور شق ثالث في البين ، اذن لا فرق بين ان يكون دوران الامر بين المحذورين في الشبهة الحكمية قبل الفحص او بعد الفحص.

ولكن ذكرنا ان دوران الامر بين المحذورين في المقام ليس كذلك لان المقام غير داخل في كبرى دوران الامر بين المحذورين لتمكن المكلف من المخالفة القطعية العملية فحينئذ يكون العلم الاجمالي منجزا بالنسبة الى المخالفة القطعية العملية باعتبار احد الاحتمالين عبادي فالوجوب وجوب عبادي لو كان ثابتا والحرمة توصلية وعلى هذا فاذا اخرج الزكاة من مال الصبي او مال المجنون بدون قصد القربى فقد ترك الواجب وارتكب الحرام معا فمن اجل ذلك هو متمكن من المخالفة القطعية العملية والعلم الاجمالي في المقام منجز ، بقي هنا امران.

الامر الاول:- ان دوران الامر بين المحذورين في المقام ينحل باستصحاب بقاء حرمة التصرف في مال الصبي ومال المجنون فانه لا شبهة في ان التصرف في مال الصبي ومال المجنون قبل تعلق الزكاة بهما حرام او قبل حلول الحول حرام وبعد حلول الحول وتعلق الزكاة بمالهما وشك في اخراج الزكاة وبقائها ولا مانع من استصحاب بقاء حرمة التصرف في اموالهما ويترتب على هذا الاستصحاب ان المقام ليس من دوران الامر بين المحذورين ولا يجب حينئذ اخراج الزكاة من مال الصبي فان احتمال الوجوب مفقود من جهة الاستصحاب وهذا الاستصحاب لا مانع منه.

الامر الثاني:- ان ولي الصبي او المجنون اذا رأى مصلحة في الاحتياط والاحتياط هو اخراج الزكاة من اموال الصبي والمجنون او رأى انه لا مفسدة فيه فلا مانع من هذا الاحتياط حينئذ باعتبار انه حينئذ داخل في حدود ولاية الولي واحتمال الحرمة مفقود لان هذا الاخراج في حدود ولايته فلا يكون حراما ولا مانع من ذلك وهذا غير بعيد.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((الثانية: إذا علم بتعلق الزكاة بماله وشك في أنه أخرجها أم لا وجب عليه الإخراج للاستصحاب إلا إذا كان الشك بالنسبة إلى السنين الماضية فإن الظاهر جريان قاعدة الشك بعد الوقت أو بعد تجاوز المحل هذا، ولو شك في أنه أخرج الزكاة عن مال الصبي في مورد يستحب إخراجها كمال التجارة له بعد العلم بتعلقها به فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب، لأنه دليل شرعي، والمفروض أن المناط فيه شكه ويقينه، لأنه المكلف، لا شك الصبي ويقينه، وبعبارة أخرى ليس نائبا عنه))[1] .

يقع الكلام في مسالتين.

المسالة الاولى:- في زكاة السنة الحالية.

المسالة الثانية:- في زكاة السنين السابقة.

اما الكلام في المسالة الاولى فان كانت العين الزكوية موجودة فحينئذ لا مانع من استصحاب بقاء الزكاة ومقتضى هذا الاستصحاب وجوب اخراج الزكاة ، واما اذا كانت العين الزكوية تالفة فحينئذ هو يشك في الضمان وان ذمته مشغولة بالزكاة او لا تكون مشغولة؟ فاذ فرضنا انه قصّر في حفظ الزكاة وتلفت الزكاة فهو ضامن حينئذ بالمثل او القيمة وحيث يشك في هذا الضمان باعتبار انه شاك في انه اخرج الزكاة او لا؟ وحيث ان الضمان تكليف جديد من جهة تلف الزكاة فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة عن الضمان ، اذن فرقٌ بين ان تكون عين الزكاة موجودة فحينئذ لا مانع من استصحاب بقائها ويترتب على هذا الاستصحاب وجوب اخراجها وبين ان تكون عين الزكاة تالفة ويشك في ان ذمته مشغولة ببدلها من المثل او القيمة ، وبما ان الضمان تكليف جديد وهو مشكوك فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة.

والضمان على قسمين.

تارة بمعنى اشتغال الذمة ببدل العين التالف او مثله فاذا كانت العين التالفة مثلية فالذمة مشغولة بالمثل واذا كانت العين التالفة قيمية فالذمة مشغولة بالقيمة هذا احد فردي الضمان.

واخرى الضمان بمعنى التعهد فان زيد تعهد بان عمر اذا لم يؤدي دينه فانه يؤدي دينه وهذا تعهد وليس ذمة زيد مشغولة بدين عمر بل ذمة عمر مشغولة بالدين ولكن زيد تعهد اذا عمر قصّر في اداء الدين فانه متعهد بأدائه وهذا قسم آخر من الضمان وهو عبارة عن التعهد فهو تعهد بأداء هذا الدين وتعهد بإيصال هذه العين الى مالكها.

والحاصل في المقام ان الضمان بالمعنى الاول وهو ان المالك يشك في ان ذمته مشغولة اذا كانت العين تالفة ام تكن مشغولة؟ وحيث انه يشك في اشتغال ذمته فلا مانع من الرجوع الى اصالة البراءة وهل بين هذين الضمانين جامع؟ بحيث يكون هذا الجامع موجود فان المالك متعهد بأداء الزكاة وايصالها الى مستحقيها ولكن الزكاة تلفت واذا تلف فانه يشك في بقاء هذا التعهد في ضمن فرد اخر وهو اشتغال الذمة اذن يشك في بقاء الجامع في ضمن فرد اخر ولا مانع حينئذ من استصحاب بقاء هذا التعهد.

ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطباطبائي، ج4، ص162، ط جماعة المدرسين.