آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- خــتــام.

الجهة الثالثة:- في ضمان الولي وعدم ضمانه.

فاذا فرضنا ان الصبيَ بلغ وبعد البلوغ قلّد مجتهداً يرى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي او بمال المجنون ، فعندئذ هل يضمن الوليُ الذي قام باخراج الزكاة من مال الصبي او من مال المجنون وإعطائها للفقير بعنوان الزكاة بنية القربى باعتبار ان ما اخرجه ليس زكاةً بنظر الصبي البالغ بعد تقليده مجهداً يرى ان مال الصبي والمجنون ليس متعلقا بالزكاة او لا يضمن؟.

الجواب:- يوجد اقوال في المسألة.

القول الاول:- ما ذكره جماعة منهم السيد الماتن (قدس الله نفسه) وهو انه لا يجوز للصبي البالغ ان يرجع الى الولي ويطالب بالمال فالولي ليس ضامنا ، فلا يحق للصبي بعد البلوغ وتقليد من يرى عدم تعلق الزكاة بماله وبمال المجنون ، فلا يجوز له ان يرجع الى الولي ويطالبه بالمال حتى لو كان المال موجوداً عند الفقير فليس له ان يسترده ويسترجع هذا المال.

القول الثاني:- التفصيل بين ما اذا كان المال الذي اخرجه الولي اجتهداً او تقليداً من مال الصبي او المجنون بعنوان الزكاة واعطائه للفقير موجوداً عند الفقير فحينئذ يجوز للصبي البالغ بمقتضى تقليده ان يسترد هذا المال ويسترجعه لأنه يرى انه ماله وليس بزكاة ، وأما إذا تلف فلا ضمان على الولي لان الولي أمينٌ ويدُه يدٌ امينة فلا ضمان عليه وليس للصبي البالغ ان يرجع على الولي ويطالب بالمثل او القيمة بمقتضى تقليده.

القول الثالث:- الضمان مطلقا ، سواء كان ما أداه الولي من مال الصبي او المجنون بعنون الزكاة باقياً عند الفقير او كان تالفاً ، فان كان باقيا فالصبي يقوم باسترداده واسترجاعه وان كان تالفا يرجع الى الولي ويطالبه بالمثل او القيمة ، فان كان مثليا فالولي ضامن للمثل وان كان قيميا فالولي ضامن للقيمة.

والتحقيق.

ان تصرف الولي واخراجه الزكاة من مال الصبي او مال المجنون انما هو بطبق ولايته ، وذكرنا ان الولي مستقل بالتصرف في ولايته فهو كالمالك من هذه الناحية ، ولكن إخراج الولي للزكاة من مال الصبي او المجنون لا يخلوا.

إما إعتمادا على اجتهاده فان الولي اذا كان مجتهدا ويرى بحسب اجتهاده ان مال الصبي متعلق بالزكاة ومال المجنون متعلق بالزكاة.

وإما بحسب تقليده أي بحسب رأي من يقلده لو كان رأيه تعلق الزكاة بمال الصبي والمجنون.

ومن الواضح ان فتوى المجتهد حكم ظاهري قد تكون مطابقة للواقع وقد تكون مخالفة للواقع ، فان فتوى المجتهد لا تغير الواقع فالواقع باقٍ على حاله سواء أكانت فتوى المجتهد مطابقة للواقع او مخالفة للواقع فلا يتغير الواقع ، وكذا اجتهاد مجتهد كالصبي البالغ فانه قلد من يرى عدم تعلق الزكاة بمال الصبي او المجنون واجتهاده لا يكشف عن بطلان اجتهاد الولي او عن بطلان اجتهاد من يقلده الولي لان اجتهاده حكم ظاهري لا يكشف عن بطلان حكم ظاهري آخر ، اذن بين اجتهاد الولي او اجتهاد من يقلده الولي وبين اجتهاد من يقلده الصبي بعد بلوغه تنافٍ وتعارض فان الولي بمقتضى اجتهاده او اجتهاد من يقلده يحكم بتعلق الزكاة بمال الصبي وبمال المجنون ، واما الصبي البالغ بمقتضى اجتهاد من يقلده يحكم بعدم تعلق الزكاة بمال الصبي وبمال المجنون فبين الاجتهادين وبين الفتويين تناف وتعارض وحينئذ توجد صور:-

الصورة الاولى:- ان يكون احدهما اعلم من الاخر ففتواه حجة دون فتوى غير الاعلم فان فرضنا ان المجتهد الذي يرجع اليه الصبي بعد بلوغه اعلم من الولي اذا كان الولي مجتهدا فان فتواه حجة دون فتوى الولي لان فتوى غير الاعلم في مقام المعارضة لا تكون حجة في مقابل فتوى الاعلم ، وان كان العكس فبالعكس فاذا كان الولي مجتهدا اعلم من المجتهد الذي يكون مقلَدا للصبي البالغ او من يقلده الولي هو اعلم منه فيكون قول الولي وفتوى الولي حجة او فتوى مقلده تكون حجة ، واما فتوى مقلد الصبي البالغ لا تكون حجة ، اذن لا ضمان على الولي ولا يحق للصبي البالغ ان يقوم باسترجاع المال الموجود عند الفقير اذا لم يكن تالفا فليس له ان يقوم باسترجاعه لانه موجود عند الفقير بعنوان الزكاة وهو مال الفقير بمقتضى فتوى الولي وهو حجة واما فتوى مقلَد الصبي البالغ لا تكون حجة ، اذن المال الباقي عند الفقير زكاة وملك للفقير ظاهراً ولا يجوز للصبي البالغ ان يقوم باسترداده واسترجاعه.

الصورة الثانية:- ان يكونا متساويين بالاعلمية فيسقطان معا من جهة المعارضة ، ودليل فتوى المجتهد لا يشمل كلتا الفتويين لا فتوى الولي او فتوى مقلده ولا فتوى مقلد الصبي بعد بلوغه فكلتا الفتويين ساقطة عن الحجية وغير مشمولة لدليل حجية الفتوى فحينئذ لابد من الرجوع الى الاصول العملية وهل يمكن الرجوع الى استصحاب بقاء هذا المال في ملك الصبي؟ فانه كان ملكا للصبي قبل تعلق الزكاة به؟

الجواب:- لا مانع من اجراء هذا الاستصحاب وبمقتضى هذا الاستصحاب للصبي ان يقوم باسترداد المال واما الضمان فلا ، فاذا تلف هذا المال فلا يكون ضامانا لان الولي يكون تصرفه على مقتضى ولايته وتصرفه مشروع وبمقتضى ولايته واذا كان تصرفه بمقتضى ولايته فلا يكون ضامنا وليس للصبي البالغ ان يرجع الى الولي ويطالبه بالضمان

اذن في هذا الفرض القول بالتفصيل هو الصحيح وهو ان الصبي البالغ يقوم باسترداد المال من عند الفقير اذا كان موجودا ، اما اذا كان تالفا فليس له ان يرجع الى الولي ويطالبه بالضمان من المثل او القيمة.

واما تصرف الولي في مال الصبي ومال المجنون باخراج الزكاة منه واعطائها للفقير اذا كان فيه مفسدة او ليست فيه مصلحة بل فيه مفسدة فاذا لم تكن فيه مصلحة فلا ولاية له فان ولاية الولي مقيدة بان يكون في تصرفه في مال الصبي او مال المجنون مصلحة واما اذا لم تكن مصلحة فلا يجوز هذا التصرف ولا ولاية له ، اذن اخراج الولي الزكاة من مال الصبي ومن مال المجنون واعطائها للفقير لم تكن فيه مصلحة فلا ولاية له فاذا لم تكن له ولاية فهو ضامن؟ او لابد من التفصيل بين ان يكون الولي الاب الجد من قبل الاب فان ولايتهما اقوى من ولاية الحاكم الشرعي وولاية الحاكم الشرعي في طول ولاية الاب والجد من قبل الاب ، والاب والجد له ولاية على التصرف في اموال الصبي والمجنون وان لم تكن فيه مصلحة ، نعم لا يجوز له ان يتصرف في مال الصبي والمجنون اذا كانت فيه مفسدة ولا ولاية له في هذا الفرض ، واما اذا لم تكن فيه مفسدة ولا مصلحة فولايته ثابتة ، واما الحاكم الشرعي فولايته مقيدة بان تكون في تصرفه في مال اليتيم او المجنون مصلحة ، اما اذا لم تكن في تصرفه مصلحة فلا ولاية له فنفصل في المقام.