آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- قصد القربى والتعيين.

تحصل مما ذكرنا أنَّ صحة الوكالة تكون على القاعدة في الامور الاعتبارية كافة من العقود والايقاعات كالطلاق والنكاح والبيع والشراء والمضاربة وما شاكل ذلك ، فان صحة الوكالة في هذه الامور لا تحتاج الى أي دليل وتكون على القاعدة ، وان بيع الوكيل هو بيع الموكل حقيقة ونكاح الوكيل هو نكاح الموكل واقعا وحقيقة وكذا طلاق الوكيل هو طلاق الموكل وهذا مما لا شبهة فيه.

واما الوكالة في الامور التكوينية المباشرة كالأكل والشرب والسفر والاقامة والنوم والصلاة والصيام والحج وجميع الافعال الصادرة من الانسان مباشرتا فهي غير قابلة للوكالة ولا يمكن انتساب ما صدر من الوكيل الى الموكل فالصلاة الصادرة من الوكيل لا يمكن انتسابها الى الموكل والصوم الصادر من الوكيل لا يمكن انتسابه الى الموكل ، وهو فعل الوكيل لا فعل الموكل وهذا ايضا مما لا شبهة فيه.

نعم قد ورد في الروايات الخاصة صحة الوكالة في الصلاة والصيام ولكن بعد الموت لا في زمن الحياة وفي الحج بعد الموت وفي حال الحياة اذا كان المكلف عاجزا عن الحج طول حياته ، ولكن الوكالة هنا بمعنى النيابة وليس بمعنى الوكالة المصطلح ، ومعنى النيابة انه يأتي بصلاته بداعي فراغ ذمة الميت ويصوم بقصد القربى بداعي فراغ ذمة الميت كما هو الحال في الولد الاكبر فان صلاة الاب وصيامه على الولد الاكبر فان هذه الصلاة فعل الولد الاكبر ولا يصح اسناده الى المنوب ـــ لا حقيقتا ولا مجازا ـــ عنه لان المنوب عنه ميت والولد الاكبر يصلي بقصد القربى بداعي فراغ ذمة والده الذي مات وعليه صلاة او صوم ، وهذا ليس بمعنى الوكالة باعتبار ان فعل الوكيل فعل الموكل قطعا بل هو بمعنى النيابة ، اذن الامور التكوينية التي يعتبر صدورها مباشرتا عن الفاعل لا تتصور فيها الوكالة.

واما الامور التكوينية الانشائية ويعبر عنها بالأمور الاعتبارية وهي في الحقيقة امور تكوينية كالقبض ودفع المال الى الفقير او اخراج الزكاة من ماله او تعيين الزكاة ودفعها الى مستحقيها وايصالها ، هذه الامور امور تكوينية انشائية قابلة للوكالة فاذا امر شخصا بإخراج الزكاة من ماله فهو وكيل في اخراج الزكاة من ماله فيصح اسناد هذا الاخراج الى الوكيل والموكل معا وكلا الاسنادين حقيقي فيصح ان يقال ان المالك اخرج زكاته من ماله غاية الامر ان الوكالة تارة تكون في الايصال فقط ، اما الاخراج فان المالك هو بنسفه يخرج زكاته من ماله وعينها في مالٍ ودفعها الى من يوصلها الى مستحقيها فهو وكيل في الايصال فقط ، واخرى يكون وكيلا في الاخراج والتعيين والدفع والأداء جميعا حاله حال المالك.

اما على الاول فهو وكيل في الايصال وعندئذ لا يجب على الوكيل نية القربى فان الذي هو وكيل في الايصال وظيفته الايصال فقط ، اما قصد القربى فلا يعتبر فيه بل لا يعتبر في الايصال ان يكون الوكيل بالغاً ، بل يجوز ان يكون الوكيل صبيا او مجنونا ، فان الغرض هو الايصال وصرفها في مواردها ، ولهاذ لا يعتبر فيه قصد القربى فان قصد القربى انما يعتبر في أداء الزكاة ودفعها ، واما اذا كان وكيلا في ايتاء الزكاة وادائها ودفعها الى الفقير فهل يعتبر في الوكيل ان يقصد القربى في حال دفع الزكاة الى الفقير وفي حال اداء الزكاة الى الفقير او ان قصد القربى انما هو على المالك لا على الوكيل؟

الجواب:- الزكاة مركب من فعلين فعل خارجي وهو الدفع والايتاء والاداء وفعل قلبي وهو قصد القربى ، واما الفعل الخارجي فهو قابل للنيابة وقابل للوكالة فيجوز ان يوكل زيدا في اداء زكاته ودفعها الى مستحقيها ، اذن هذا الاداء كما هو منتسب الى الوكيل كذا هو منتسب الى المالك ايضا ولكن لا يجب على الوكيل قصد القربى لان الامر بإيتاء الزكاة واداء الزكاة ودفعها الى مستحقيها متوجه الى المالك لا الى الوكيل وهذا الامر تعلق بأداء الزكاة مع قصد القربى ، والمفروض ان هذا الامر متوجه الى المالك دون الوكيل ، اذن الوكيل وكيل في الدفع فقط دون ان يكون وكيلا في قصد القربى باعتبار ان الامر لا يكون متوجها اليه بل امر الوكالة متوجه اليه وامر الاجارة متوجه اليه لا الامر الاولي والامر العبادي فان الامر العبادي متوجه الى المالك ، اذن الواجب على الوكيل هو اداء الزكاة واما اعتبار قصد القربى فهو بحاجة الى الدليل ولا دليل على ذلك.

مضافا الى ان قصد القربى غير قابل للوكالة فان قصد القربى قائم بالشخص فلا يمكن ان يكون زيد وكيلا في القصد عن عمر ، فان قصد الوكيل قائم به لا يمكن ان ينسب الى المالك ، اذن التوكيل في قصد القربى لا يمكن ومن اجل ذلك يكون قصد القربى على المالك.

فاذا وكل زيدا في الاداء فاذا شرع في الاداء فحينئذ المالك يقصد القربى باعتبار ان الاداء منتسب اليه ايضا وهو مأمور بالأداء غاية الامر ان الامر بالأداء اعم من ان يكون مباشرتا او بالواسطة.

فما عن الماتن (قدس سره) من الاحتياط بقصد القربى على الوكيل لا يمكن المساعدة عليه ، هذا تمام كلامنا في هذه الجهة.