آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- وقـت الاخـراج.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((فيعتبر فيها نية القربة والتعيين))[1] .

ذكرنا انه يعتبر في الزكاة قصد القربى لأنها من العبادات ويعتبر في العبادات امور ثلاثة:

الامر الاول:- تعيين اسمها وعنوانها فان المكلف لابد ان يأتي بالزكاة بعنوانها واسمها الخاص وعنوانها المخصوص ، فلو دفع مالا الى الفقير ولم ينوي اسم الزكاة وعنوانها فلم يقع زكاة بل هو هدية او ما شاكل ذلك ، فان ووقعه زكاة منوط بان ينوي عنوان الزكاة واسمها الخاص كما هو الحال في جميع انواع العبادات فلو صلى اربع ركعات ولم ينوي انها صلاة الظهر بعنوانها الخاص وباسمها المخصوص لم تقع صلاة الظهر ولا صلاة العصر ، حتى فيما اذا لم تكن لهذه العبادات شريكة كصلاة المغرب فانه ليس لها شريكة في العبادات لان الصلاة اما واجبة او مستحبة وهي اما اربع ركعات او ركعتين ، فغير صلاة المغرب لا توجد صلاة واجبة عدد ركعاتها ثلاثة بعنوان ، ولهذا لو صلى ثلاث ركعات بدون ان ينوي عنوان صلاة المغرب واسمها الخاص لم تقع صلاة المغرب ، اذن المعتبر في العبادات بالدرجة الاولى تعيين الاسم وتعيين العنوان ، فعلى المكلف ان يأتي بها بعنوانها الخاص واسمها المخصوص والا لم يقع عبادة ، وما نحن فيه كذلك فانه اذا دفع مالا الى الفقير ولم ينوي انه زكاة بعنوانها الخاص واسمها المخصوص لم يقع زكاة ، وكذا الحال في سائر العبادات كما اذا صام في شهر رمضان ولم ينوي انه صوم شهر رمضان لم يقع صوم شهر رمضان فلابد ان ينوي العنوان الخاص والاسم المخصوص ولو ارتكازا ، اذن قصد العنوان وقصد الاسم الخاص في العبادات من مقوماتها وبانتفائه تنتفي العبادة.

الامر الثاني:- قصد القربى ولابد ان يأتي بالعبادة بقصد القربى , فانه يجب على المكلف ان يأتي بالزكاة بقصد القربى , فاذا دفع ماله الى الفقير بعنوان الزكاة وباسم الزكاة بدون قصد القربى لم تقع زكاة فلابد ان يكون هذا الدفع بقصد القربى ولله تعالى وتقدس.

الامر الثالث:- الاخلاص ويعتبر في صحة العبادة الاخلاص ويعني عدم الرياء فان الرياء مبطل للعبادة فاذا صلى في المسجد رياء او في الحرم رياء او في الجماعة رياء بطلت صلاته ومعنى الرياء هو ان يكون صلاته بالمسجد بغرض مدح الناس له وان يقال عنه انه رجل مؤمن ومقدس وطيب , فاذا كانت عبادته بهذا الداعي فهي باطلة ، اذن الاخلاص معتبر في صحة العبادة واذا كانت عبادته ـــ ولو كانت بقصد الاسم والعنوان وبقصد القربى ـــ رياءً اي ضم اليه ان يمدحه الناس على هذه العبادة فهذا موجب لبطلان عبادته , فاذا المعتبر في صحة العبادات امور ثلاثة.

ادلة عبادية الزكاة:-

لا شبهة في ان الزكاة من العبادات بل هي من ضروريات الدين والاجماع القولي والعملي ثابت على عبادية الزكاة , فهذا الاجماع قد وصل الينا من زمن الائمة (عليهم السلام) فلا شبهة في ذلك بل عبادية الزكاة امر متسالم عليه بين الفريقين ولا خلاف فيه.

ولكن مع ذلك قد استدل على عبادية الزكاة بوجوه:-

الوجه الاول:- الروايات وهي على طائفتين.

الطائفة الاولى:-

منها:- صحيحة محمد بن مسلم ((قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل كانت له جارية فآذته فيها امرأته فقال : هي عليك صدقة ؟ فقال : إن كان قال ذلك لله فليمضها ، وإن لم يقل فليرجع فيها إن شاء))[2] .

فان هذه الصحيحة تدل على ان الصدقة لله تعالى غاية الامر انه إن قصد في الصدقة قصد القربى وانها لله تعالى فهي ماضية وصحيحة واما اذا لم يقصد بها فهي باقية في ملكه ولم تخرج عن ملكها ومتى اراد ان يرجعها جاز الرجوع ومعنى ذلك ان الصدقة اذا لم تكن لله فهي باطلة وباقية في ملك المتصدق ولهذا له ان يرجع اليها متى شاء.

اذن هذه الصحيحة تدل على اعتبار قصد القربى في الصدقة.

ولكن للمناقشة في هذه الصحيحة وما شاكلها مجال فان هذه الصحيحة ليست في مقام بيان اعتبار قصد القربى في صحة الصدقة فهي ليست في مقام البيان من هذه الناحية بل هي في مقام بيان حكم اخر وهو ان الصدقة اذا كانت لله فليس بإمكان المتصدق الرجوع اليها وان لم تكن لله فله ان يرجع اليها متى شاء ، اما ان قصد القربى معتبر في صحة الصدقة او غير معتبر فهي ليست في مقام البيان من هذه الجهة.

اذن هذه الصحيحة وما شاكلها لا تدل على ذلك.

الطائفة الثانية:- وهي صحيحة الفضلاء وصحيحة حنان وصحيحة جميل فهذه الصحاح تدل على انه لا صدقة ولا عتق الا ان يكون لوجه الله , فان هذه الصحاح ظاهرة في نفي حقيقة الصدقة فان كلمة (لا) نافية وليست ناهية , وكلمة لا النافية ظاهرة في نفي الحقيقة.

واما حملها على نفي الصحة او نفي الكمال او ما شاكل ذلك فهو بحاجة الى قرينة مثل قوله (عليه السلام) ((لا صلاة الا بطهور)) فان كلمة لا ظاهرة في نفي حقيقة الصلاة باعتبار ان الطهور مقوم للصلاة ومن اركانها وبانتفائه تنتفي الصلاة , اذن قوله (عليه السلام) ((لا صلاة الا بطهور)) أي لا صلاة حقيقة الا بطهور.

الا هناك قرينة بالنسبة الى العتق فان العتق بدون قصد القربى صحيح كما اذا اعتق عبده فيكون غافلا عن قصد القربى او ترك قصد القربى فهذا العتق صحيح.

اذن لا محالة ان المراد (لا عتق) أي نفي الوجوب لا نفي الحقيقة ولا نفي الصحة , اما في الصدقة فهو نفي الصحة لا نفي الحقيقة فان الصدقة وهي دفع المال الى الفقير تحققت في الخارج ولكن لا لنفي الصحة , اذن قصد القربى معتبر في صحة الصدقة , كما هو الحال في سائر العبادات فان قصد القربى ليس مقوما وانما هو شرط في صحة العبادات وكذا الحال بالنسبة الى الصدقة.

النتيجة ان هذه الطائفة من الروايات تدل بوضوح على ان قصد القربى معتبر في صحة الصدقة.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطبطبائي اليزدي، ج4، ص151، ط جماعة المدرسين.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج19، ص209، ابواب الصدقات، الباب13، ح1، ط آل البيت (عليهم السلام).