آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- وقت الإخراج.

ذكرنا ان الروايات الواردة في هذه المسالة على طوائف ثلاثة ، ولا معارضة بن الطائفة الاولى التي تدل على وجوب اخراج الزكاة وعزلها من النصاب فورا ، وكذا وجوب دفعها وتسليمها الى مستحقيها فورا وبين الطائفة الثانية التي تدل على جواز التأخير لان الجمع الدلالي العرفي بينهما ممكن فلا يكون التعارض بينهما مستقرا ، فان الطائفة الاولى ظاهرة في وجوب الفور واما الطائفة الثانية فهي ناصة في نفي وجوب الفور ، فلابد حينئذ من رفع اليد عن ظهور الطائفة الاولى في الوجوب وحملها على الاستحباب بقرينة الطائفة الثانية.

واما الطائفة الثالثة وهي تفصّل بين وجوب اخراج الزكاة من النصاب وعزلها فيجب فورا وبين التسليم والدفع الى الفقير فيجوز تأخيره ، وعمدتها صحيحة يونس ابن يعقوب واما رواية ابي بصير فهي ضعيفة من ناحية السند.

وقد جاء في صحيحة يونس بن يعقوب ((قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : زكاتي تحل علي في شهر ، أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني ؟ فقال : إذا حال الحول فأخرجها من مالك ، لا تخلطها بشيء ، ثم أعطها كيف شئت ، قال : قلت : فان أنا كتبتها وأثبتها ، يستقيم لي ؟ قال : لا يضرك))[1] .

اذن هذه الصحيحة واضحة الدلالة على التفصيل فقوله (عليه السلام): (( فأخرجها)) يدل على الفور ولكن لا من جهة ان صيغة الامر تدل على الفور فان صيغة الامر لا تدل على الفور بل بقرينة ما سبق فان صدرها قد جاء فيه ((أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني ؟ فقال : إذا حال الحول فأخرجها)) فان هذا قرينة على انها ظاهرة في وجوب الاخراج فورا من مال المالك ، ثم قال (عليه السلام): ((ولا تخلطها بشيء)) أي لا تجعل الزكاة مخلوطة بشيء لا بمالك ولا بغير مالك ، ثم قال ((ثم أعطها كيف شئت)) أي اعطها أي وقت شئت فهذا المقطع من الرواية يدل على جواز التأخير في الدفع الى المستحق.

ولكن لهذه الصحيحة ذيل فان يونس ابن يعقوب في ذيلها قال ((فان أنا كتبتها وأثبتها ، يستقيم لي ؟ قال : لا يضرك)) فان المراد من هذه الجملة انه اذا كتب الزكاة واثبتها في ذمته فحينئذ لا يجب عليه عزل الزكاة في الخارج ، فاذا كتب الزكاة واخذها في عهدته وفي ذمته انتقلت الزكاة الى ذمته فحينئذ يجوز له التصرف في ماله ولا يجب عليه اخراج الزكاة من ماله خارجا وعزلها بل يكفي اخذها في عهدته وذمته في جواز تصرفه في ماله.

فهذا الذيل يدل على عدم وجوب الفور لا في العزل والاخراج ولا في الدفع والتسليم الى الفقراء بل يكفي ان يكتب الزكاة ويأخذها في عهدته وذمته.

اذن هذه الصحيحة من جهة الذيل لا تدل على التفصيل بل تدل على ان المالك مخير بين اخراج الزكاة من ماله وعزلها ودفعها الى مستحقيها وبين اخذها في عهدته.

اذن هذه الصحيحة لما كانت لا تدل على التفصيل بل تكون داخلة في الطائفة الثانية التي تدل على عدم وجوب الفور مطلقا لا في الاخراج والعزل ولا في دفعها وتسليمها الى مستحقيها. او لا اقل من اجمال هذه الصحيحة فلا يمكن الاستدلال بها على التفصيل.

ومع الاغماض عن ذلك والتسليم بان هذه الصحيحة تدل على التفصيل.

الا ان الظاهر من هذه الصحيحة ان الغرض من وجب الاخراج ووجوب العزل فورا هو عدم خلطها بماله ، فاذا كانت الزكاة مخلوطة بمال المالك فلا يجوز للمالك التصرف في النصاب ما دامت الزكاة موجودة فيه.

واما اذا اخذها في عهدته وذمته فعندئذ حصل الغرض فلا يجب اخراجها وعزلها حينئذ فورا لان الغرض قد حصل وهو جواز تصرف المالك في ماله.

ومع الاغماض عن ذلك والتسليم بانها ظاهرة في التفصيل.

فتارة نلاحظ نسبة الصحيحة الى الطائفة الاولى ، فان الطائفة الاولى تدل على الفور مطلقا وحينئذ تكون هذه الصحيحة موافقة لها بالنسبة الى وجوب الاخراج والعزل ومخالفة بالنسبة الى الدفع والتسليم فان هذه الصحيحة تدل على جواز التأخير في الدفع والتسليم وحينئذ يكون التعارض بين هذه الصحيحة وبين الطائفة الاولى في الدفع والتسليم ، فان الطائفة الاولى تدل على وجوب الدفع والتسليم فورا وهذه الصحيحة تدل على جواز التأخير في الدفع والتسليم ولا يجب الفور ، وحيث ان الصحيحة ان الصحيحة ناصة في ذلك والطائفة الاولى ظاهرة فلابد من حمل الظاهر على النص ورفع اليد عن الظهور في الوجوب وحملها على الاستحباب ، اذن الجمع العرفي الدلالي بينهما ممكن فالتعارض بينهما غير مستقر.

واخرى نلاحظ نسبة الصحيحة الى الطائفة الثانية فان الطائفة الثانية تدل على جواز التأخير مطلقا ، بالنسبة الى الاخراج والعزل وبالنسبة الى الدفع والتسليم معا ، فهذه الصحيحة موافقة للطائفة الثانية في الدفع والتسليم لأنه كما ان الطائفة الثانية تدل على جواز التأخير في الدفع والتسليم ايضا الصحيحة تدل على جواز التأخير في الدفع والتسليم ، ولكن التعارض بينهما في الاخراج والعزل فان الصحيحة تدل على وجوب الاخراج والعزل فورا واما الطائفة الثانية فتدل على عدم الوجوب ، وبما ان الصحيحة ظاهرة في وجوب الفور واما الطائفة الثانية ناصة في جواز التأخير ونفي الوجوب فحينئذ يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما بحمل الظاهر على النص ورفع اليد عن ظهوره وحمله على الاستحباب بقرينة الطائفة الثانية.

النتيجة هي جواز التأخير في الاخراج والعزل والدفع والتسليم معا فهذا هو نتيجة الجمع بين هذه الروايات.

هذا كله بالنسبة الى الحكم التكليفي واما بالنسبة الى الحكم الوضعي وهو الضمان فيأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.

 


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ابواب وجوب اخراج الزكاة، الباب52، ح2، ص307، ط آل البيت (عليهم السلام).