آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان الروايات ناهية عن شراء المالك الصدقة ، اما اذا كان الشراء بعد قبض المتصدق عليه وكونه مالكا لها فهو واضح فان البايع هو المتصدق عليه وهو يقوم بالهبة فالبايع حينئذ معلوم وكذا الواهب حينئذ معلوم.

اما اذا كان الشراء قبل قبض المتصدق عليه فحينئذ من هو البايع ومن هو الواهب؟ فان المتصدق عليه ليس بايعا ولا واهبا لأنه لم يقبض الصدقة ولم يكن مالكا لها حتى يقوم ببيعها او بهبتها.

اذن ما هو معنى نهي الشارع المالكَ عن شراء الصدقة او هبتها ، فان في هذا الفرض[1] لا يتصور الواهب ولا البايع فلا واهب ولا بايع في البين حتى يشتري منه.

الجواب:- الظاهر ان المراد من الواهب ومن البايع هو الحاكم الشرعي الذي هو ولي الامر ، فان له ان يبيع هذه الصدقة على المالك كما ان له بمقتضى ولايته ان يقوم بهبتها ، او ان الواهب والبايع هو نفس المالك اذا كان له ولاية على الصدقة ، فالمالك من جهة ولايته عليها هو بايع ومن جهة نفسه هو مشتري ، ولا مانع من ذلك فان البيع والشراء امر اعتباري ويكفي فيه تعدد البايع والمشتري اعتبارا وحيثية وجهة.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((وكذا لو كان جزءا من حيوان لا يمكن للفقير الانتفاع به ولا يشتريه غير المالك، أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير فإنه تزول الكراهة حينئذ أيضا))[2] .

اذا كانت الصدقة جزء الحيوان وكان لا ينتفع به الفقير وغير الفقير لا يشتريه او يكون شراءه ضررا على المالك فعندئذ يجوز للمالك شراءه بدون كراهة.

كأن الماتن (قدس الله نفسه) ذكر امورا لإزالة كراهة الشراء:-

الامر الاول:- ان الفقير ــ أي المتصدق عليه ــ لا ينتفع به فمن اجل ذلك لا مانع من شراء المالك ولا يكون منهيا عنه ولو بالنهي التنزيهي.

الامر الثاني:- ان غير المالك لا يشتريه فمن اجل ذلك لا يكون شراءه للمالك مكروها.

الامر الثالث:- ان يكون شراء غير المالك فيه ضرر على المالك فمن جهة انه ضرر على المالك فيجوز له الشراء لأنه ضرري ومنفي بقاعدة لا ضرر اذن لا يجوز لغير المالك ان يشتريه باعتبار ان شراءه على المالك فمن اجل ذلك لا يكون شراءه من المالك مكروها.

ولكن للمناقشة فيه مجال:-

اما ما ذكره من عدم انتفاع الفقير منه منوع صغرى وكبرى.

لأنه لا مانع من انتفاع الفقير منه ببيعه او تبديله بشيء اخر فما ذكره الماتن من انه لا يمكن انتفاع الفقير به ليس بتام.

وعلى تقدير التسليم ان الفقير لا ينتفع به ، فهذا لا يدل على ان شراء المالك لا يكون مكروها لعدم ارتباطه بعدم انتفاع الفقير به ، فان احدهما غير مرتبط بالأخر ، فان الروايات تدل على ان شراء المالك الصدقة منهي عنه سواء اكان الفقير ينتفع بها او لم ينتفع بها ، فعدم انتفاع الفقير بها لا يكون مجوزا لشراء المالك.

اما ما ذكره (قدس سره) من ان غيره لا يشتريه فهذا صغرى ايضا ممنوع اذ لا مانع من ان يشتريه غير المالك فيصير شريكا مع المالك.

مضافا الى ان عدم جواز شراءه من الغير لا يوجب جواز شراءه للمالك فان كراهة شراء المالك له انما هو من جهة الروايات لا من جهة ان غيره يجوز له ان يشتري الصدقة او لا يجوز له ان يشتريها.

الا ان يقال ان الروايات التي تنص على النهي عن شراء المالك الصدقة منصرفة عن صورة ما اذا كانت الصدقة جزء الحيوان.

ولكن هذا ايضا غير صحيح اذ لا وجه لهذا الانصراف ، فان الوارد في الروايات عنوان شراء الصدقة ، أي ان شراء الصدقة مكروه للمالك سواء اكانت الصدقة تمام الحيوان او جزء الحيوان ، فان المكروه هو شراء الصدقة بعنوانها ومقتضى اطلاق الروايات عدم الفرق بين كون الصدقة جزء الحيوان او تمامه.

اذن دعوى الانصراف بلا موجب وبلا مبرر.

نعم قاعدة لا ضرر تمنع عن شراء غيره اذا كان شراء الغير ضرريا على المالك او ضرريا على الفقير ، فقاعدة لا ضرر ترفع جواز هذه الشراء.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((كما أنه لا بأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث وشبهه من المملكات القهرية))[3] .

ويدل عليه:-

اولاً:- ان امر متسالم عليه بين الاصحاب وقد اعي اتفاق الطائفة عليه واجماعهم عليه.

ثانياً:- مضافا الى النصوص الكثيرة التي تدل على ذلك.

اذن العمدة في المقام هي النصوص واما الاجماع فقد ذكرنا غير مره انه لا يمكن التمسك بالاجماع لان الاجماع انما يكون حجة اذا وصل الينا من زمن الائمة 0عليهم السلام) يداً بيدٍ وطبقةً بعد طبقةٍ ولا طريق لنا الى ذلك.

ثم ذكر المتن (قدس الله نفسه): ((فصل في وقت وجوب إخراج الزكاة قد عرفت سابقا أن وقت تعلق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول الشهر الثاني عشر، وأنه يستقر الوجوب بذلك وإن احتسب الثاني عشر من الحول الأول لا الثاني، وفي الغلات التسمية وأن وقت وجوب الإخراج في الأول هو وقت التعلق ، وفي الثاني هو الخرص والصرم في النخل والكرم، والتصفية في الحنطة والشعير، وهل الوجوب بعد تحققه فوري أو لا؟ أقوال، ثالثها : أن وجوب الإخراج ولو بالعزل فوري، وأما الدفع والتسليم فيجوز فيه التأخير))[4] .


[1] أي قبل قبض المتصدق عليه الصدقةَ.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، ص146، ط جماعة المدرسين.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، ص146، ط جماعة المدرسين.
[4] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، ص146، ط جماعة المدرسين.