آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان المالك اذا كانت له ولاية على اخراج الزكاة وتعيينها وصرفها في مواردها ــ كما هو كذلك ــ فليس عليه اجرة الكيل او الوزن ولا اجرة الكيال او الوزان لان اخراج الزكاة وتعيينها وان كان بحاجة الى الكيل او الوزن وهو بحاجة الى الاجرة ، ولكن ليست اجرته على المالك فان المالك يقوم بهذا التصرف من باب ولايته ، كما هو الحال في الحاكم الشرعي كما اذا فرضنا ان الحاكم الشرعي هو تصدى لإخراج الزكاة وتعيينها وآجر الكيال او الوزان فلا شبهة في ان اجرة الكيل على الزكاة لا على الحاكم الشرعي.

وكذا اذا قلنا ان للمالك ولاية على اخراج الزكاة وتعيينها فلا شبهة ان اجرة الكيال او الوزان على الزكاة باعتبار ان الكيال او الوزان يدخل في العامل فان العامل المذكور في الآية المباركة يشمل الكيال او الوزان ايضا فان المراد من العامل مطلق ما له دخل في جمع الزكاة ونقلها وتعيينها ، فاذا كان نقل الزكاة او تعيينها او اخراجها بحاجة الى عامل فاجرة العامل من الزكاة.

وكذا اذا لم يكن للمالك ولاية ولكن كان تصرفه بإذن الحاكم الشرعي فالحاكم هو اذن بإخراج الزكاة وتعيينها.

نعم اذا لم تكن للمالك ولاية على اخراج الزكاة وتعيينا ، ولكنه قام بذلك بدون اذن من الحاكم الشرعي ففي مثل هذه الصورة تكون اجرة الكيال او الوزان على المالك لا على الزكاة.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه) : ((السادسة عشر: إذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد كأن يكون فقيرا وعاملا وغارما مثلا جاز أن يعطى بكل سبب نصيبا))[1] .

هذا هو المعروف والمشهور بين الاصحاب فاذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد ، بان يكون هذا الشخص فقيرا وعاملا للزكاة ومديونا فقد اجتمعت فيه اسباب متعددة لاستحقاق الزكاة فالمعروف والمشهور بين الاصحاب جواز دفع الزكاة اليه لكل سبب نصيبا بان يعطى نصيبا من الزكاة من جهة فقره ومن جهة كونه عاملا ومن جهة انه مديون ، بل ادعي في بعض الكلمات الاجماع عليه ، ولكن الاجماع غير ثابت.

ولكن لابد من التفصيل فاذا كان الشخص فقيرا وعاملا كما فرض الماتن (قدس سره) وقال يجوز اعطائه لكل سبب نصيبا ، ولكن هذا لا يمكن الاخذ بإطلاقه لأنه اذا اعطى اجرة عمله فحينئذ اذا صار غنيا بإعطائه اجرة عمله فلا يجوز اعطائه من حق الفقراء لأنه صار غنيا ، اذن لابد من التفصيل بان يعطي له اولاً مؤونة سنته من جهة فقره وبعد ذلك يعطي له اجرة عمله فانه مستحق لأجرة عمله وان كان غنياً.

ولكن صاحب الحدائق (قدس سره) قد استشكل في ذلك وافاد في وجه الاشكال امرين[2] :-

الاول:- ان الآية المباركة تدل على تعدد اصناف مستحق الزكاة والتقابل بين هذه الاصناف ولا يمكن اجتماع هذه الاصناف في صنف واحد لوجود التقابل بينها.

الثاني:- انه لا يجوز اعطاء لكل سبب نصيبا.

الا ان الظاهر ان كلا الامرين غير تام ولا وجه له اصلا.

فان الآية المباركة وان دلت على تعدد الاصناف ، ولكن الكلام ليس في اجتماع الاصناف على صنف واحد بل الكلام في اجتماع الاسباب على فرد واحد ومصداق واحد ، بان يكون شخص في الخارج مصداقا للفقير ومصداقا للمسكين ومصداقا للعاملين ومصداقا للغارم ، فكل ذلك ممكن وفي كلامه (قدس سره) خلط بين الامرين بين اجتماع الاصناف وبين اجتماع الاصناف على فرد واحد في الخارج فلا مانع من اجتماع الاصناف على فرد واحد في الخارج فهذا لا محذور فيه ولا مانع منه واذا اجتمعت اصناف متعددة على فرد واحد فيجوز ان يدفع اليه الزكاة لكل سبب نصيبا اذا لم يوجد هناك مانع بان يعطي من حق الفقراء بمقدار مؤونة سنته ويعطى اجرة عمله من الزكاة ويعطى دينه من الزكاة فما ذكره صاحب الحدائق غير تام ، والصحيح ما ذكره الماتن وهو المشهور بين الاصحاب ولكن لابد من التفصيل من جهة ما ذكرناه بان يعطي اولا الفقير بمقدار مؤونة سنته وبعد ذلك يعطي له اجرة عمله اما لو اعطي اجرة عمله اولا وصار غنيا فلا يجوز اعطائه من حق الفقراء.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه) : ((السابعة عشر: المملوك الذي يشترى من الزكاة إذا مات ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة دون الإمام (عليه السلام) ولكن الأحوط صرفه في الفقراء فقط))[3] .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي الطبطبائي، ج4، 144، ط جماعة المدرسين.
[2] الحدائق الناظرة، الشيخ يوسف البحراني، ج12، ص251. ((وفيه أنه لا يخفى أن المتبادر من الآية إنما هو الشائع المتكثر من تعدد هذه الأفراد ولهذا صارت أصنافا ثمانية باعتبار مقابلة كل منها بالآخر. وأيضا فإنه متى أعطى من حيث الفقر ما يغنيه ويزيده على غناه فكيف يعطى من حيث الغرم والكتابة المشروطين كما تقدم بالعجز عن الأداء؟ وبالجملة فالحكم عندي محل توقف لعدم الدليل عليه((.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج4، ص144، ط جماعة المدرسين.