آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((الثاني عشر: لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر جاز احتسابه زكاة عما عليه في بلده ولو مع وجود المستحق فيه، وكذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة وليس شئ من هذه من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه وعدمه فلا إشكال في شئ منها))[1] .

المكلف قد اشترى حنطة في بلد اخر او شعيرا او تمرا او ما شاكل ذلك وعنده حنطة قد بلغت حد النصاب ، فهل يجوز ان يحتسب حنطته التي في بلد اخر من الزكاة بدل زكاة حنطته التي في بلده او لا يجوز؟

الجواب :- قد تقدم ذلك ، بان تبديل الزكاة بشيء اخر بحاجة الى دليل لان المالك له الولاية على التصرف في الزكاة وصرفها في مواردها وعلي مستحقيها باي كيفية أراد ، ولكن ليس له الولاية على تبديل الزكاة بشيء اخر. فالتبديل بحاجة الى ولاية وليس للمالك ولاية على التبديل الا ما ثبت بالنص وهو جواز اعطاء النقدين بدلا عن زكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، وكذا في النقدين يجوز اعطاء زكاة الفضة من الذهب وبالعكس ، واما في سائر الموارد كالمواشي فلم يثبت ذلك ، فلا يجوز للمالك التبديل الا بأذن الحاكم الشرعي ، وعلى هذا فاذا كان للمالك حنطة في بلد اخر قد اشتراها فلا يجوز له ان يحتسبها زكاة بديل عن زكاة الحنطة التي في بلده.

نعم اذا كان له دين او مال نقدي عند شخص او في بنك او مصرف او عنده مال شخصي على ذمة شخص وهو قادر على أداءه متى طلب فعندئذ يجوز ان يحتسب ماله من النقود من الذهب او الفضة بديلا عن الحنطة التي عنده او الشعير او التمر او الزبيب.

واما بالنسبة الى زكاة المواشي كما اذا كان عنده (40 ) من الغنم فزكاته شاة واحده من نفس هذا النصاب ولا يجوز له ان يدفع شاة اخرى بديلا عن زكاة هذا النصاب ، اذن اذا كان عنده شاة في بلد اخر فلا يجوز احتسابها زكاة بديلا عن زكاته لان البدل بحاجة الى دليل ولا دليل على هذا التبديل.

مع انه لا تظهر الثمرة في زكاة الابل وزكاة البقر لان في زكاة الابل لكل خمسة من الابل شاة غير معينة سواء كانت في بلده او في بلد اخر باعتبار انه لا يعتبر ان تكون الزكاة من جنس النصاب ، وفي ثلاثين من البقر تبيع وليس من جنس الزكاة سواء كان في بلده ــ بلد الزكاة ــ ام كان في بلد اخر. ولكن بالنسبة الى الغنم فلا يجوز له ان يدفع شاة اخرى في بلد اخر بديلا عن زكاته الا اذا كان بأذن الحاكم الشرعي.

ولو سلمنا انه يجوز ذلك او فرضنا انه يحتسب زكاته من النقدين فهل يجوز ذلك او لا يجوز ذلك؟

الجواب :-

اولاً:- بناءً على القول بجواز نقل زكاته من بلد الى بلد اخر حتى مع وجود المستحق فلا شبهة في جواز احتساب ماله من النقود في بلد اخر زكاةً بديلا عن زكاته ، او احتساب الحنطة التي له في بلد اخر بديلا عن زكاته.

ثانياً:- بناءً على القول بان نقل الزكاة من بلد الزكاة الى بلد اخر محرم وغير جائز اذا كان المستحق موجودا في البلد ففي هذا الفرض هل يجوز هذا الاحتساب او لا يجوز؟

الجواب:- الكلام في كلمة (البعث) التي وردت في لسان الروايات مثل (بعث زكاته) او (نقل زكاته).

فان قلنا ان عنوان البعث موضوع للحرمة بنحو الموضوعية فحينئذ الحرام هو نقل الزكاة وبعث الزكاة الى بلد اخر ، واما في المقام فهو ليس نقل لأنه له مال في بلد اخر يحسبه زكاة بديلا عن زكاته ولا يكون هنا أي نقل ، اذن النقل هو الحرام وفي المقام لا يوجد نقل.

واما اذا قلنا بان عنوان النقل وعنوان البعث قد اخذ بنحو المعرفية والمشيرية وفي الحقية ان الحرام هو حرمان المستحقين في بلد الزكاة ، فهذا هو الحرام فان المستحق اذا كان موجودا في بلد الزكاة ونقل زكاة الى بلد اخر فهو موجب لحرمان المستحق وحرمان المستحق في بلد الزكاة حرام.

اذن اذا كان الحرام هو حرمان المستحق فلا فرق بين ان يكون هنا نقل او لا ، ولا يجوز له ان يحتسب من ماله في بلد اخر لأنه يستلزم حرمان المستحق في بلده وهو حرام ، فحينئذ لا فرق بين ان يستلزم الحرمان النقل او لا يستلزم ، فان نقل الزكاة يوجب حرمان المستحق وكذا احتساب الزكاة من ماله في بلد اخر فانه يوجب حرمان المستحق ، وحينئذ كما لا يجوز نقل الزكاة الى بلد اخر فانه لا يجوز للمالك احتساب الزكاة من ماله في بلد اخر فانه على كلا التقديرين يستلزم حرمان المستحق وهو غير جائز.

النتيجة انه بناء على القول بحرمة النقل هذا الاحتمال هو الظاهر فان حرمة النقل لا من جهة ان النقل له موضوعية بل من جهة حرمان المستحق وفي كلا التقديرين حرمان المستحق موجود.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه): ((الثالثة عشر: لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده جاز له نقلها إليه مع الضمان لو تلف، ولكن الأفضل صرفها في بلد المال))[2] .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص144، ط جماعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص144، ط جماعة المدرسين.