آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان مقتضى الروايات الكثيرة هو انه لا شبهة في الاجزاء اذا نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر وصرفها على مستحقيها في ذلك البلد ولا شبهة في الاجزاء على كلا القولين في المسالة.

اما على القول بجواز النقل فالاجزاء واضح.

واما على القول بعدم جواز النقل وحرمة النقل فأيضا لا شبهة في الاجزاء فان الحرام هو المقدمة أي نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر ، واما ذي المقدمة وهو صرفها على مستحقيها في ذلك البلد فهو ليس حراما ومبغوضا ، ومن الواضح ان حرمة المقدمة لا تسري الى ذي المقدمة فهما موضوعان مستقلان.

ولكن توجد طائفة اخرى من الروايات التي تدل على اعتبار المماثلة في صرف الزكاة أي وجوب صرف زكاة كل طائفة على مثل هذه الطائفة ولا يجوز صرفها في طائفة اخرى ، فزكاة المهاجرين لابد ان تصرف في المهاجرين ولا يجوز صرفها في الاعراب ، وزكاة الاعراب لابد ان تصرف في الاعراب وزكاة اهل البادية لابد ان تصرف في اهل البادية ولا يجوز صرفها في اهل الحضر ، وزكاة اهل الحضر لابد ان تصرف في اهل الحضر ولا يجوز صرفها في اهل البادية.

والروايات التي تدل على ذلك متمثلة في صحيحة الحلبي[1] التي تدل على صرف زكاة المهاجرين في المهاجرين وزكاة الاعراب في الاعراب ، وصحيحة الهاشمي[2] التي تدل على صرف زكاة اهل البادية في البادية واهل الحضر في اهل الحضر ولا يجوز صرف زكاة اهل الحضر في البادية ولا زكاة اهل البادية في الحضر.

وحينئذ يقال انه هل يوجد تنافي بين هاتين الصحيحتين وبين الروايات المتقدمة ام لا تنافي بينهما؟

الجواب:- الظاهر انه لا تنافي بينهما فان مورد الروايات المتقدمة هو جواز النقل وعدم جواز النقل ولا نظر لها الى اعتبار المماثلة وعدم اعتبارها.

اذن مورد هاتين الصحيحتين هو اعتبار المماثلة في صرف الزكاة ، فزكاة كل طائفة لابد ان تصرف في فقراء تلك الطائفة ولا يجوز صرفها في مطلق الفقراء ، ولا نظر لهما الى جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر وعدمه ، ومورد الروايات هو جواز النقل وعدمه.

ومن اجل ذلك لا معارضة بينهما لان مورد كل منهما غير مورد الاخر ولا مانع من الالتزام بهاتين الصحيحتين في نفسهما.

ولكن لا يمكن الاخذ بظهور هاتين الصحيحتين فان مقتضى ظهور هاتين الصحيحتين ــ وهو وجوب المماثلة ــ وذلك لأنه:

اولاً:- لا قائل من الاصحاب باعتبار المماثلة ، فلا احد منهم قال بهذا ، وهذا كاشف عن ان المماثلة لو كانت معتبرة فبطبيعة الحالة انها سوف تكون مشهورة بين الناس من جهة ابتلاء الناس بهذه المسالة ، مع انه لا عين لها ولا اثر لها بين الفقهاء ، وهذا كاشف عن استحباب ذلك واولويته لا وجوبه.

ثانياً:- وايضا لازم ذلك ان تصرف زكاة المهاجرين في المهاجرين ولو كان موجودا في بلد اخر ، فاذا فرضنا وجود زكاة للمهاجرين في بلد وفي هذا البلد كان فقراء المهاجرين غير موجودين وانما الموجود فقراء غير المهاجرين وكان فقراء المهاجرين موجودين في بلد اخر ، ففي مثل ذلك يجب صرف زكاة المهاجري في المهاجرين الموجودين في البلد الاخر ، ولا دليل على هذا الوجوب ولا يلتزم احد بهذا الوجوب ولو كان واجبا لاشتهر بين الناس.

ثالثاً:- مضافا الى ان سيرة النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) والائمة الاطهار (عليهم السلام) جرت على جمع الزكاة وصرفها في مواردها ، فان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) يرسل الجابي لجمع الزكاة من الناس بلا فرق بين المهاجرين والاعراب وبلا فرق بين اهل البادية واهل الحضر ، فيجمع الزكاة ثم يصرفها في مواردها ، وهذا شاهد وقرينة قطعية على ان المماثلة غير معتبرة.

ولم يرد في شيء من الروايات ان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) ارسل الجابي لجمع زكاة الاعراب على حده وزكاة المهاجرين على حده وزكاة اهل البادية على حده لأجل ان يصرف زكاة كل طائفة في فقراء تلك الطائفة ، بل الوارد ان الجابي يجمع الزكاة ويأتي بها الى النبي (صلى الله عليه واله) وهو يصرفها في مواردها ، فهذا شاهد قطعي على عدم اعتبار المماثلة.

اذن لا يمكن الاخذ بظاهر هاتين الروايتين.

الامر الثاني:- على القول بعدم جواز نقل الزكاة الى بلد اخر وحرمة النقل ، فهل يختص صرفها في فقراء البلد فقط فاذا جاء فقير من بلد اخر فلا يجوز صرف الزكاة فيه واعطائها له؟ فان معنى عدم جواز نقل الزكاة الى بلد اخر وصرفها في مواردها في ذلك البلد ان الزكاة تصرف على فقراء البلد فقط ، اما اذا جاء الفقراء من بلد اخر فلا يجوز صرف الزكاة فيهم.

الجواب:- الظاهر ان الامر ليس كذلك فان المقصود عدم جواز نقل الزكاة الى بلد اخر وصرفها في المستحقين في بلد الزكاة ولا فرق بين ان يكون المستحقين في البلد من الساكنين فيه او من المسافرين والمقيمين غير المواطنين ، فاحتمال وجوب صرفها في الساكنين في هذا البلد وعدم جواز صرفها في الفقراء الذين جاءوا من بلد اخر غير وارد.

الامر الثالث:- ان نقل الزكاة قد يتوقف على مصرف فهل هذا المصرف على المالك او على الزكاة؟

فيه تفصيل يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.


[1] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص284، ابواب المستحقين للزكاة، الباب38، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، العاملي، ج9، ص284، ابواب المستحقين للزكاة، الباب38، ح2، ط آل البيت.