آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/03/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكر الماتن (قدس الله نفسه): (الاقوى جواز النقل من البلد الى بلد اخر مع وجود المستحق في البلد وان كان الاحوط عدمه)[1] .

الماتن (قدس الله نفسه) يرى جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر مع وجود المستحق في بلد الزكاة ، واحتياطه بعدم النقل احتياط استحبابي لا وجوبي ومعنى ذلك انه لا ضمان عليه ، فجواز النقل شرعا يدل على عدم الضمان.

وهذه المسالة خلافية بين الفقهاء:

القول الاول:- ذهب جماعة منهم الشيخ (عليه الرحمة) في المبسوط والعلامة في التذكرة وكذا في سائر كتبه كالمختلف والمنتهى وغيرهما وكذا المحقق في الشرايع وغيرهم الى عدم جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر مع وجود المستحق في البلد ، والشيخ (عليه الرحمة) في المبسوط في مورد اخر قد ادعى الاجماع على عدم الجواز وكذا العلامة في مورد اخر من التذكرة ادعى الاجماع على عدم جواز النقل.

اذن الشيخ والعلامة في مورد يدعي الاجماع وفي مورد اخر لا يدعي الاجماع ، ومن هنا قلنا انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع لا اجماع المتأخرين ولا اجماع المتقدمين.

القول الثاني:- ذهب جماعة منهم الماتن (قدس الله نفسه) الى جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر مع وجود المستحق في بلد الزكاة ، ولعل القول الاول هو المشهور بين الاصحاب.

ولكن تقدم اننا قلنا بالجواز من جهة الروايات التي تدل على ولاية المالك فان للمالك ولاية على اخراج الزكاة وتعيينها في مال خاص وصرفها في مواردها وتوزيعها على مستحقيها سواء كان في بلد الزكاة او في بلد اخر ولم تقيد هذه الروايات صرف الزكاة في بلدها ، بل هي مطلقة ومقتضى اطلاقها ان ولاية المالك مطلقة ، فله الولاية في صرف الزكاة في بلدها اذا وجد المستحق فيها او نقلها الى بلد اخر مع وجود المستحق في بلد الزكاة.

نعم قد ورد في الروايتين تقدمت هاتان الروايتان وهما صحيحة محمد ابن مسلم وصحيحة زرارة فان كلتا الصحيحتين تدلان على التفصيل بين ما اذا كان المستحق موجودا في بلد الزكاة ولم يدفع الزكاة اليه وارسلها الى بلد اخر فتلفت فعليه الضمان واما اذا لم يكن المستحق موجودا ونقلها وتلفت في الطريق فلا ضمان عليه.

ولكن ذكرنا ان ظاهر كلتا الصحيحتين التفريط فانه اذا كان المستحق موجودا في البلد وهو لا يعتني بالمستحق وارسلها الى بلد اخر فهذا بنظر العرف نوع تفريط وتعدي ، وعليه فالضمان من جهة التعدي والتفريط لا من جهة وجود المستحق بما هو مستحق في البلد.

ثم ان القائلين بعدم الجواز قد استدلوا بوجوه:-

الوجه الاول:- ان عدم جواز نقل الزكاة من بلدها الى بلد اخر مع وجود المستحق ثابت بالاجماع.

ولكن لا اجماع في المقام فان الشيخ وان ادعى الاجماع في موضع من المبسوط ولكن في موضع اخر لم يدعي الاجماع وكذا العلامة في موضع من التذكرة ادعى الاجماع وفي موضع الاخر لم يدعي الاجماع.

وكيفما كان فلا اجماع في المسالة فان المخالف موجود.

الوجه الثاني:- ان في نقل الزكاة الى بلد اخر خطر على الزكاة وضياع لاحتمال انها تتلف بالطريق بآفة سماوية او ارضية ، ومع احتمال الخطر فلا يجوز نقلها لأنها أمانة بيد المالك ولهذا يجب على المالك حفظ الامانة فاذا كان المالك مطمئنا بسلامة الطريق فحينئذ يجوز له نقلها ، واما اذا احتمل عدم سلامتها واحتمل الخطر فلا يجوز له نقلها الى بلد اخر.

والجواب:- عن ذلك ايضا واضح فان احتمال الخطر وعدم احتمال الخطر امر آخر ، والكلام انما هو في وجود المستحق في البلد هل هو مانع عن النقل او لا يكون مانع حتى لو فرضنا انه لا يوجد خطر في الطريق فهذا هو محل الكلام.

الوجه الثالث:- ان الواجب هو دفع الزكاة الى اهلها فورا والنقل يوجب تاخير دفع الواجب ولهذا لا يجوز النقل.

ولكن هذا الوجه ايضا غير صحيح.

اولاً:- لا دليل على وجوب الفور في دفع الزكاة بل الروايات تدل على جواز تاخير الزكاة الى شهر وفي بعض الروايات الى ثلاث اشهر او شهرين.

واما مع قطع النظر عن هذه الروايات فقد يقال كما قيل بوجوب الفور فانه اذا وجوب على المكلف دفع الزكاة فيجب عليه دفعها فورا لاحتمال انه اذا اخرها يموت وهذا الاحتمال منجز بمقتضى قاعدة الاشتغال واما استصحاب بقاء الحياة فهو لا يجدي في المقام لان قاعدة الاشتغال حكم عقلي والاستصحاب حكم شرعي وحينئذ يجب دفع الزكاة فورا بمقتضى قاعدة الاشتغال.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص143، ط جماعة المدرسين.