آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

37/01/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

ذكرنا ان الوصية بإخراج الزكاة المتعلقة بماله بعد موته او اخراج الخمس المتعلق بماله بعد موته على خلاف القاعدة ولا يمكن ان تكون مشمولة بإطلاقات ادلة الوصية ، فان الوصية انما تكون نافذة اذا كانت في ماله او الوصية لأجل تفريغ ذمته من الواجبات كالصلاة والصيام ونحوهما بعدما دل الدليل على ان هذه الواجبات لا تسقط عنه بالموت وتبقى ذمته مشغولة بها بعد الموت فمن اجل ذلك الوصية فيها نافذة ، وكذا الحال في اداء الدين سواء كان الدين شرعيا كالزكاة او الخمس او كان الدين عرفيا كما لو كان مدينا لزيد او عمر ، فان الدين يبقى في ذمته بعد الموت ايضا ، وحينئذ لابد له من الوصية اذا لم يتمكن من اداءه في زمن حياته.

واما في المقام فالوصية تعلقت بمال الغير لان الزكاة ليست ماله بل هي مال الفقراء والتركة بعد موته انتقلت الى الورثة ، فهي اذن قد خرجت عن ملكه ، فهذه الوصية بإخراج مال الغير من مال شخص اخر غير مشمولة بإطلاقات ادلة الوصية ، ولكن مجموعة من الروايات تدل على صحة هذه الوصية ــ كما تقدم بالأمس ــ فعندئذ لابد من الحكم بصحتها من جهة هذه الروايات التي تنص على صحة هذه الوصية لا من جهة انها على القاعدة.

ولكن الكلام في ان هذه الروايات هل تدل على ان ولاية المالك ــ في اخراج الزكاة من ماله وتعيينها وصرفها في مواضعا ــ تبقى بعد موته ايضا ؟ وحينئذ فان هذه الوصية صحتها على القاعدة. او لا تدل على ذلك؟

الجواب:- الظاهر ان هذه الروايات لا تدل على ذلك ، فان هذه الروايات تدل على ان وصيته بإخراج الزكاة من ماله او بإخراج الخمس من ماله صحيحة ونافذة ، اما ان منشأ صحة هذه الوصية هو بقاء ولايته حتى بعد موته او ان لها منشأ آخر فالروايات لا تدل على ذلك.

مضافاً الى ان هذه الروايات اذا دلت على بقاء ولايته بعد موته فهي انما تدل على بقاء ولايته على اخراجها فقط ولا تدل على بقاء ولايته على صرفها في مواردها ومواضعها.

هذا تمام الكلام في الفرع الثامن.

ثم ذكر المتن (قدس الله نفسه):- ((يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء، خصوصا مع المرجحات وإن كانوا مطالبين، نعم الأفضل حينئذ الدفع إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن إلا إذا زاحمه ما هو أرجح ))[1] .

هذا مما لا اشكل فيه فان للمالك ولاية على اخراج زكاته وصرفها في مواردها فله ان يدفع الزكاة الى من حضر من الفقراء وله ان يدفع الى غير من حضر من الفقراء ، لا سيما اذا كان للغير مرجح بان يكون احوج او مرجح اخر.

نعم اذا كان من حضر مطالبا بالزكاة فحينئذ الافضل اعطاء الزكاة لهم من باب قبول طلب المستحقين واستحباب قبول طلب المؤمنين.

وكيفما كان فالمالك مخير بين ان يدفع زكاته الى من حضر من الفقراء او يدفعها الى غيره او يقسم بينهم.

ان قلت:- ان حضور الفقراء يوجب اعطاء الزكاة لهم؟

قلت:- انه حضورهم لا يوجب دفها لهم لأنه لا دليل على ذلك.

ثم ذكر الماتن (قدس الله نفسه):- ((لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق فيه، بل يجب ذلك))[2] .

وفي هذه المسالة يقع الكلام في عدة موارد.

المورد الاول:- اذا لم يكن مسحق موجود في بلد الزكاة وعندئذ لا شبهة في جواز نقل الزكاة الى بلد اخر ودفعها الى المستحقين في ذلك البلد بل يجب عليه ذلك ، وتدل على ذلك جملة من الروايات يأتي الحديث عنها ان شاء الله تعالى.


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ص142، ط جماعة المدرسين.
[2] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ص142، ط جماعة المدرسين.