الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/08/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا انه يجوز للهاشمي ان يأخذ زكاة غير الهاشمي اذا كان مضطرا وكذلك يجوز لغير الهاشمي ان يعطي زكاته للهاشمي اذا كان مضطرا والعبرة انما هي بالضرورة ولا يتمكن من تحصيل المؤونة من وجوه اخرى، واما ما ذكره جماعة من المتقدمين والمتأخرين بل قد ادعي الاجماع على ذلك من السيد المرتضى قده ان العبرة هي بعدم اعطاء الخمس لهم فاذا لم يعطى الخمس لهم جاز ان يأخذوا الزكاة من غير بني هاشم معللا ان الخمس عوض عن الزكاة
ولكن ذلك مما لا دليل عليه اما الاجماع فهو غير ثابت ولا سيما الاجماع من السيد المرتضى قده فان اجماعاته مختلفة فلا يمكن الاعتماد عليها، واما ما ذكره جماعة من ان العبرة بعدم اعطاء الخمس فلا دليل عليه فان العبرة بالضرورة فاذا فرضنا انه لم يعطى الخمس لهم ولكنهم متمكنون من تحصيل مؤونتهم من وجوه اخرى كالصدقة المستحبة او زكاة بني هاشم فلا يجوز لهم اخذ الزكاة من غير الهاشمي
والمراد ان الخمس عوض الزكاة فان العوضية والبدلية في مقام التشريع، فان الشارع شرع الخمس للسادة بدل الزكاة وعوضا عنها فما ذكره جماعة من ان البدلية هي من عدم اعطاء الخمس فلا وجه له بل ان العبرة بالضرورة
ثم ذكر الماتن قده : المحرم من صدقات غير الهاشمي عليه إنما هو زكاة المال الواجبة وزكاة الفطرة، وأما الزكاة المندوبة ولو زكاة مال التجارة وسائر الصدقات المندوبة فليست محرمة عليه،[1] بل الصدقات الواجبة غير المالية كالنذر او الكفارة وما شاكل ذلك فلا دليل على انها محرمة على بني هاشم فالدليل انما يدل على حرمة زكاة المال على بني هاشم وزكاة الفطرة فقط واما الصدقات المستحبة فهي حلال عليهم بل الصدقات الواجبة ايضا كذلك هكذا ذكره الماتن قده لكنه مورد خلاف بين الفقهاء فان بعضهم قد فصل في الصدقات المستحبة فانها لا تكون محرمة على بني هاشم لكنها محرمة على الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وعلى الائمة الاطهار عليهم السلام وذهب بعض الفقهاء الى وجوب الاحتياط بالنسبة الى الصدقات الواجبة وكيف ما كان فمنشأ هذا الاختلاف هو الروايات فان الواردة في المقام روايات مختلفة
منها صحيحة الفضلاء عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام قالا : قال رسول الله ص ان الصدقة اوساخ ايدي الناس وان الله قد حرم الله علي منها ومن غيرها ما قد حرمه وان الصدقة لا تحل على بني عبد المطلب) فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان الصدقة محرمة وبقرينة التعليل بها ان الصدقة الصدقة المالية بقرينة اوساخ ايدي الناس قد ورد في الآية المباركة﴿ خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم ﴾فان الزكاة تطهر اموال الناس من الاوساخ وتزكي اعمالهم فهذه الصحيحة لا تشمل الصدقة المندوبة ولا زكاة مال التجارة ولا الصدقات الواجبة غير المالية
ومنها صحيحة عبد الله ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال : لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم) فهذه الصحيحة قد ورد فيها الصدقة وهي مطلقة من هذه الناحية وبأطلاقها تشمل الصدقة المستحبة ايضا اذ لا يوجد فيها قرينة على ان المراد منها الصدقة الواجبة المالية، وعلى تقدير انها ظاهرة بمناة الحكم والموضوع في الصدقات المالية ولا تشمل الصدقات الواجبة غير المالية ولكنها لا تختص بالصدقات المالية الواجبة بل تشمل المندوبة ايضا وزكاة مال التجارة فهذه الصحيحة مطلقة
ومنها صحيحة جعفر ابن ابراهيم الهاشمي عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له اتحل الصدقة لبني هاشم فقال : انما تلك الصدقة الواجبة على الناس لا تحل لنا واما غير ذلك فليس به بئس ولو كان كذلك ما استطاعوا ان يخرجوا الى مكة) فان هذه الصحيحة تدل على ان المحرم هو الصدقة الواجبة دون الاعم منها ومن الصدقات المستحبة فهذه الصحيحة تصلح ان تكون مقيدة لأطلاق صحيحة عبد الله ابن سنان ويمكن الجمع بينهما بذلك .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج4، ص137، ط ج.