الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/07/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ان ما ذكرناه من ان التعليل الوارد في صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج انما هو تعليل لوجوب الانفاق وليس تعليلا لحرمة دفع الزكاة لانهم عياله ولازمون له ولكن هذا التعليل بالنسبة الى المملوك معارض بالطائفة الاولى فانها ظاهرة في ان حرمة دفع الزكاة الى العبد بملاك عنوان ذاتي وهو العبودية والرقية فاذا كان التليل بعنوان ذاتي فلا يصح التعليل بعنوان عرضي بل هو مستهجن عرفا كتعليل نجاسة الميت بالملاقاة او نجاسة الكلب بالملاقاة فانه مستهجن، فيكون المرجع اطلاقات الادلة ومقتضاها جواز دفع الزكاة للعبد اذا كان فقيرا .
ثم ذكر الماتن قده : الرابع ان لا يكون هاشمي[1]، وهذا الشرط مسلم بين جميع المسلمين فقد اتفقوا على حرمة الزكاة على بني هاشم ومن شروط الزكاة ان لا يكون المستحق من بني هاشم وقد ادعي عليه الاجماع من المسلمين من المتقدمين والمتأخرين، بل قد ادعي ان عدم جواز دفع الزكاة الى بني هاشم من الضروريات الفقهية وهو مما لا اشكال فيه وان هذا الاجماع ثابت في زمن الائمة عليهم السلام، الا ان مدركه الروايات وليس اجماع تعبدي بل مدركه الروايات الكثيرة التي تدل بوضوح على حرمة الصدقة على بين هاشم ومن الروايات الواردة في ذلك
صحيحة عيص ابن القاسم عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان اناس من بني هاشم اتوا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فسألوه ان يستعملهم على صدقات المواشي فقالوا يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عز وجل للعاملين عليها فنحن اولى به، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: يا بني عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ولكني قد وعت الشفاعة)[2] فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان الصدقة يعني الزكاة محرمة على بني هاشم .
ومنها صحيحة الفضلاء عن ابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام قالا : قال رسول الله صلى الله عليه واله ان الصدقة اوساخ ايدي الناس وان الله قد حرم علي منها وغيرها مما قد حرمه وان الصدقة لا تحل لبني عبد المطلب)[3] فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة بل علل ان الصدقة اوساخ ايدي الناس فمن اجل ذلك هي محرمة علينا
منها صحيحة عبد الله ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال: لا تحل الصدقة لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم)[4] فهذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة وايضا يوجد روايات كثيرة الا انها ضعيفة من ناحية السند والروايات الكثيرة لا يبعد بلوغها حد التواتر وقد ورد في بعضها ان الصدقة محرمة علي وعلى اهل بيتي فمن الواضح ان اهل بيته صلى الله عليه واله اخص من بني هاشم فقد يقال ان هذه الرواية والروايات المتقدمة معارضة
والظاهر انه لا معارضة بينها فان المطلق والمقيد اذا كانا مثبتين وكان الحكم فيهما انحلالي لا يحمل المطلق على المقيد بل يحمل المقيد على افضل الافراد كما اذا قال المولى اكرم العلماء ثم قال اكرم العلماء العدول فان في مثل هذه الموارد لا يحمل المطلق على المقيد بل يحمل المقيد على افضل الافراد لعدم التنافي بينهم، نعم اذا كان المطلق والمقيد مثبتين وكان الحكم المجعول فيهما واحد فأما ان يكون للمطلق او للمقيد ففي مثل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد والا كان القيد لغوا وجزافا فمن اجل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد، نعم اذا كان المطلق والمقيد سلبيان فلابد من حمل المطلق على المقيد سواء كان الحكم المجعول بينهم انحلالي ام لا، فلا تنافي بينهما مضافا الى ان الرواية ضعيفة من ناحية السند .
وهنا رواية اخرى وهي صحيحة ابي خديجة وهي تدل على ان الصدقة لا تكون محرمة على بني هاشم عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال : اعطوا الزكاة من ارادها من بني هاشم فانها تحل لهم وانما تحرم على النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلى الامام الذي من بعده وعلى الائمة عليهم السلام)[5] فتقع المعارضة بين هذه الرواية والروايات المتقدمة فان قلنا ان المتقدمة تبلغ حد التواتر الاجمالي فهذه الرواية مخالفة للسنة فلا تكون حجة في نفسها فانها تدخل في الروايات المخالفة للكتاب والسنة ولا تكون حجة في نفسها بل في بعضها ان ما خالف الكتاب والسنة زخرف باطل يضربه في الجدار وما شاكل ذلك من التعبيرات فمن اجل ذلك لا تكون حجة
واما اذا لم نقل ان الروايات تبلغ حد التواتر الاجمالي غاية الامر انها روايات مستفيضة فعند ذلك تقع المعارضة بينهما ولكن قد يقال انه لابد من تقديم الروايات الاولى على هذه الروايات فانها روايات مستفيضة وهي تتقدم عليها ولكن لا دليل على ذلك فاذا لم تبلغ حد التواتر الاجمالي وان بلغة حد الاستفادة الا انها لا تخرج من حدود الظن الى حدود العلم .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص136، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص268، ابواب الزكاة، ب29، ح1، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص268، ابواب الزكاة، ب29، ح2، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص269، ابواب الزكاة، ب29، ح3، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص269، ابواب الزكاة، ب29، ح5، ط ال البيت.