الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
الى هنا قد تبين ان من تجب  عليه النفقة اذا كان غنيا كالأب مثلا وباذلا على ولده، ذكرنا انه نسب الى المشهور ان ولده غني لا يجوز له اعطاء الزكاة من غيره كما لا يجوز ان يأخذ الزكاة من غير والده لانه غني وقد استدل على ذلك بوجوه وتقدمة المناقشة في جميع تلك الوجوه وذكرنا انه ليس بغني فان الفقير الشرعي هو الذي لا يملك قوة سنته لا قوة ولا فعلا اذ ليس لديه شغل يكفي لقوته يوميا او ليس له حرفة فمجرد وجوب البذل على الاب تكليفا وهو ليس مهنة للولد
واما الزوجة فاذا كان الزوج غنيا وباذلا عليها فهل هي فقيرة او انها غنيه؟ فالزوجة تختلف عن سائر الاقارب فان نفقة الزوجة دين على الزوج ولا تسقط عن ذمة الزوج الا بالأداء وتبقى بذمته دينا حتى يقوم بأدائها فهل الزوجة غنية باعتبار انها مالكة لنفقته بذمة زوجها؟ فان كانت الزوجة مطمئنة ببذل زوجها فحينئذ تكون غنية ولا يجوز لها اخذ الزكاة من غير زوجها كما لا يجوز لغيره ان يعطي زكاته لها، واما اذا لم تكن الزوجة مطمئنة من زوجها ببذل النفقة فحينئذ ان قلنا بالاستصحاب القهقرائي فلا مانع من الاستصحاب واما اذا قلنا بعدم حجية هذا الاستصحاب فهو لا يجري فان المعروف والمشهور ان الاستصحاب القهقرائي انه حجة ولكن ذكرنا في محله ان ادلة الاستصحاب ورواياته لا تشمل هذا الاستصحاب ولا دليل على حجيته مضافا الى ان الاستصحاب لا يوجب كون نفقة الزوجة مضمونة فان المناط في اطمئنان الزوجة ان تكون مؤونتها مضمونة اما ان تكون مالكة لها فعلا او بالقوة ومعنا بالقوة ان مؤونتها مضمونة والاستصحاب لا يثبت ذلك فلا اثر له ولو قلنا بجريانه
فالنتيجة ان الزوجة انما تكون غنية اذا كانت مؤونتها مضمونة من قبل زوجها والا فهي فقيرة فيجوز لها اخذ الزكاة من غير زوجها .
ثم ذكر الماتن قده : والاحوط عدم جواز دفع الزكاة للتوسعة[1]، هذا الذي افاده قده ان قلنا ان التوسعة جزء النفقة وليست خارجة عنها فعندئذ المناط جواز دفع النفقة او عدم الجواز وذكرنا انه يجوز لأولاد الاغنياء ان يأخذوا الزكاة من غيرهم اذا لم يكونوا مالكين لمؤونتهم لا قوة ولا فعل ومجرد بذل الاغنياء لهم تكليفا ولا يجعلهم اغنياء وقد تقدم ان هناك روايات تدل على جواز التوسعة يجوز ان يعطي من تجب عليه النفقة الزكاة للتوسعة ودلت على ذلك جملة من الروايات ولهذا اذا قلنا بجواز دفع الزكاة لنفقة من تجب عليه نفقته من الاولاد والزوجة والمملوك والاباء والامهات يجوز دفع الزكاة للتوسعة بمقتضى تلك الروايات ولا وجه لما ذكره الماتن من الاحتياط
والصحيح هو انه يجوز لهم دفع الزكاة للتوسعة على عيالهم من الاباء والامهات والاولاد والزوجة والمملوك بمقتضى تلك الروايات، نعم ذكر جماعة ومنهم السيد الحكيم قده في المستمسك امورا :-
الاول : انه لا يجوز لمن تجب عليه النفقة ان يدفع زكاته لولده او سائر من تجب عليه نفقته وعلل ذلك بانه غني وليس بفقير
الثاني : انه ذكر قده انه لا يجوز دفع الزكاة لهم للتوسعة ايضا
الثالث : انه ذكر قده لا يجوز صرف الزكاة عليه مطلقا وان كان من تجب عليه النفقة غير باذل
وهذا الذي افاده قده لا يمكن المساعدة عليه فأما الاول فقد تقدم ان الاب وان كانت غنيا وباذلا فلا يجعل الولد غنيا اذ انه لا يملك قوة سنته لا قوة ولا فعلا ولا يجعل وجوب الانفاق تكليفا لا يجعله غنيا فما ذكره قده لا وجه له
واما الامر الثاني وهو عدم جواز دفع الزكاة له للتوسعة فهو مما لا شبهة فيه وان قلنا بان وجوب البذل ووجوب الانفاق يجعله غنيا وان اولاد الاغنياء اغنياء وان قلنا بذلك ولكن التوسعة ثابتة بالروايات .
واما ما ذكره اخيرا من عدم جواز صرف الزكاة عليه مطلقا حتى اذا كان من تجب عليه النفقة غير باذل وهذا غير صحيح فان من تجب عليه النفقة اذا كان غير باذل وممتنع عن البذل فلا شبهة في ان عياله من الفقراء اذا لم يكونوا مالكين لسنتهم لا بالفعل ولا بالقوة فلا شبهة في انهم من الفقراء فان المانع عن اعطاء الزكاة على المشهور هو وجوب الانفاق الفعلي واما وجوب الانفاق اذا سقط ولو بالعصيان والامتناع فعندئذ لا شبهة في انهم من الفقراء ويجوز لهم اخذ الزكاة وكما يجوز لمن لا تجب عليه نفقتهم اعطاء الزكاة لهم .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج4، ص132، ط ج.