الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا انه لا يجوز للمزكي ى ان يعطي الزكاة لمن تجب نفقته عليه كالإباء وان علوا والابناء وان سفلوا والزوجة الدائمة والمملوك وقد دلة على ذلك صريحا صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن ابي عبد الله عليه السلام قال : خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الاب والام والولد والمملوك والمرآة وذلك أنهم عياله لازمون له)[1] وكذا موثقة اسحاق ابن عمار عن ابي الحسن موسى عليه السلام في حديث قال قلت فما الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا احتسب الزكاة عليهم ؟ قال : ابوك وامك، قلت ابي وامي ؟ قال الوالدان والولد)[2] تدلان على ذلك صراحة وفي مقابل هاتين الروايتين المعتبرتين رويتان ايضا
الاولى مكاتبة عمران ابن اسماعيل ابن عمران القمي قال كتبت الى ابي الحسن الثالث عليه السلام ان لي ولد رجال ونساء ايجوز ان اعطيهم من الزكاة شيئا؟ فكتب عليه السلام : ان ذلك جائز لك)[3] فان هذه الرواية واضحة الدلالة على جواز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته عليه
والثانية مرسلة محمد جزك قال سألت الصادق عليه السلام ادفع عشر مالي الى ولد ابنتي ؟ قال: نعم لا بئس)[4] فان هذه الرواية ايضا واضحة الدلالة على ذلك
ولكن بما ان الروايتين كلتاهما ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاستدلال بهما من هذه الناحية فان العمران لم يوثق ومجرد وجوده في كامل الزيارة على تقدير وروده في اسناد كامل الزيارة فانه لا يكفي في وثاقته، ومن هنا يظهر ان ما ذكره السيد الحكيم قده في المستمسك ان عدم الاعتماد بهاتين الروايتين من جهة اعراض المشهور  عنهما وانهما مخالفة للأجماع فمن اجل ذلك قد سقطتا عن الاعتبار
ولكن ذكرنا غير مرة انه لا اثر لأعراض المشهور عن رواية ولا مخالفة الرواية للأجماع فانه في نفسه لا يكون حجة حتى يكون مسقطا للرواية عن الاعتبار واعراض المشهور اذا كان كاشفا عن اعراض اصحاب الائمة عليه السلام في زمانهم فهو مسقط للرواية عن الاعتبار الا ان الامر ليس كذلك فان اعراض الاصحاب المتأخرين بل المتقدمتين بدون ان يكون كاشفا عن اعراض الاصحاب في زمن الائمة عليهم السلام فلا اثر له، هذا كله في اصل عدم جواز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته .
وهل يجوز اعطاء الزكاة للتوسعة ذكر الماتن قده بل للتوسعة على الاحوط وان كان لا يبعد جوازه اذا لم يتمكن المزكي من التوسعة وفي المسألة اقوال ثلاثة،قول بجواز اعطاء الزكاة للتوسعة، وقول بعدم الجواز كما لا يجوز اعطاء الزكاة للنفقة الواجبة كذلك لا يجوز للمزكي ان يعطي الزكاة بدل النفقة الواجبة لا يجوز اعطاء الزكاة للتوسعة ايضا، وقول بالتفصيل وهو الذي اختاره الماتن قده التفصيل بين تمكن المزكي من التوسعة وعدم تمكنه،فان كان المزكي متمكن من التوسعة فلا يجوز اعطاء الزكاة للتوسعة وان لم يكن متمكن للتوسعة جاز واختار هذا السيد الماتن قده .
اما القول بالجواز فقد استدل عليه تارة بعدم المقتضي فان المقتضي لعدم الجواز غير موجود لان صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاز لا اطلاق لها وكذلك موثقة اسحاق ابن عمار فلا اطلاق لها ايضا فان الوارد في صحيحة عبد الرحمن التعليل لانهم لازمون له والمستفاد من التعليل انما يجب على المزكي شرعا ومن النفقة لا يجوز له ان يعطيه من الزكاة ولا يدل التعليل اكثر من ذلك ولا يدل على عدم جواز اعطاء الزكاة للتوسعة فان المتفاهم العرفي من التعليل هو انما يجب على المزكي شرعا الانفاق على الاباء والاولاد والزوجة الدائمة والمملوك لا يجوز اعطائهم من الزكاة ولا نظر في الصحيحة الى اعطاء الزكاة للتوسعة فالمقتضي في نفسه قاصر فاذا لم يكن دليل في البين فلا مانع من الجواز .
ولكن مع ذلك يمكن ان يقال بأطلاق الصحيحة فانها تدل على انهم لازمون له والمستفاد من هذه الكلمة بمناسبة الحكم الموضوع ان حكم العيال حكم المعيل ولا فرق بينهما لان العيال لازمون للمعيل كما لا يجوز للمعيل ان يصرف من الزكاة لا في اصل نفقته ولا في التوسعة ايضا لا يجوز ان يصرف على عياله من زكاته، فلا مانع من التمسك بأطلاق الصحيحة بعدم جواز الاعطاء للتوسعة ايضا
واما الاستدلال على جواز اعطاء الزكاة للتوسعة بجملة من الروايات منها موثقة اسحاق ابن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل له ثمانمائة درهم ولأبن له مئتا درهم وله عشر من العيال وهو يقوتهم قوتا شديدا وليس له حرفة بيده انما يستبعضها فتغيب عنه الاشهر ثم يأكل من فضلها أترى له اذا حضرة الزكاة ان يخرجها من ماله فيعود بها على عياله يتسع عليهم بها النفقة؟ قال : نعم)[5] فان هذه الموثقة صريحة في جواز اعطاء الزكاة للتوسعة وتدل على ذلك، ولكن احتمال هذه الزكاة من زكاة مال التجارة فاذا كانت من زكاة التجارة فلا شبهة في جواز اعطاء زكاة التجارة في اصل النفقة فضلا عن التوسعة لان زكاة التجارة باقية في ملك المزكي غاية الامر يستحب له شرعا اخراجها واعطائها للفقراء، وليس كزكاة النقدين وسائر الزكاة الواجبة فانها لم تبقى في ملك المالك وخرجت ودخلت في ملك الفقراء فمن اجل ذلك يشكل الاستدلال بهذه الموثقة .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج21، ص225، ابواب الزكاة، ب11، ح1، ط آل البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص241، ابواب الزكاة، ب13، ح2، ط آل البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص243، ابواب الزكاة، ب14، ح3، ط آل البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص243، ابواب الزكاة، ب14، ح4، ط آل البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص242، ابواب الزكاة، ب14، ح1، ط آل البيت.