الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
كان كلامنا في ما اذا نذر المكلف اعطاء زكاته لزيد الفقير فاذا اعطاها لغير الفقير المنذور متعمدا فقد ترك العمل بالنذر وخالف فلا شبهة في الاجزاء ولا شبهة في انه مستحق للعقوبة وعليه الكفارة ولكن هل يمكن الحكم ببطلان اعطاء زكاته لغير الفقير المنذور وقد استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : ان اعطاء زكاته لغير الفقير تفويت للواجب واما اذا اعطاها لغير الفقير المنذور فقد فوت الواجب وهو حرام وباطل هكذا ورد في هذا الوجه
ولكن هذا الوجه لا ينطبق على جميع الامثلة التي ذكرها السيد الاستاذ قده لمسألة النذر فانه لا ينطبق على مسألة الصوم فان صوم يوم السبت لا يكون مفوتا لصوم يوم الاحد فاذا فرضنا ان المنذور صوم يوم الاحد فصوم يوم السبت لا يكون مفوتا له حتى يكون حراما، اما اعطاء الزكاة يكون مفوتا اذا كان النذر متعلق بإعطاء زكاته جميعا لزيد الفقير فاذا اعطى زكاته لغير الفقير المنذور فقد فوت الواجب، واما بالنسبة الى نذر الصلاة بمسجد معين فاذا كان مقيد بوقت خاص فاذا اتى بصلاة في مسجد اخر بنفس الوقت فقد فوت الواجب اما اذا لم يكن بنفس الوقت فلا يفوت الواجب
ومع الاغماض عن ذلك فعدم احد الضدين لا يعقل ان يكون مقدمة لضد الاخر كما فصلنا الحديث من ذلك في مبحث الضد فان وجود احد الضدين لا يمكن ان يكون مانعا عن وجود ضدا اخر حتى يكون عدمه مقدمة له فعدم احد الضدين يستحيل ان يكون مقدمة له وعلى هذا فعدم اعطاء زكاته لغير الفقير المنذور لا يكون مقدمة لإعطائها للفقير المنذور لانهما من الضدين ولا يكون وجود احدهما مانعا عن الضد الاخر فان التمانع بين الضدين مستحيل .
ومع الاغماض عن ذلك ايضا وتسليم ان عدم اعطاء الزكاة لغير الفقير المنذور مقدمة لإعطائه للفقير المنذور، الا اننا ذكرنا في مقدمة الواجب ان مقدمة الواجب ليست واجبة ومع الاغماض عن ذلك ايضا الا ان وجوب عدم اعطاء الزكاة للفقير الغير منذور لا يلازم حرمة الاعطاء لعدم ثبوت الحكم بين المتلازمين وجوب عدم اعطاء الزكاة من باب المقدمة للفقير الغير المنذور لا يستلزم حرمة اعطاء الزكاة له حتى ان الحرمة توجب فساد الاعطاء باعتبار ان الاعطاء عبادة والحرمة عن العبادة موجبة لفسادها فان هذه الملازمة غير ثابتة .
ومع الاغماض عن ذلك ايضا وفرض ان الملازمة ثابتة الا ان هذه الحرمة حرمة غيرية وذكرنا غير مرة ان الحرمة الغيرية ليست حكما مولولي ناشئ عن مصلحة او مفسدة او مبغوضيه او محبوبيه في متعلقها، فان حرمة الاعطاء لا تكشف عن انه مبغوض باعتبار انها حرمة غيرية فاذا لم تكن كاشفة عن مبغوضيه الاعطاء فلا مانع من الحكم بصحته لانطباق طبيعي المأمور به وهو اعطاء الفقير الزكاة فلا دليل على ان اعطاء الزكاة لغير الفقير المنذور فاسد وباطل .
الوجه الثاني : ان الامر بشي يدل على النهي عن ضده ان النذر بإعطاء الزكاة للفقير المنذور يستلزم النهي عن اعطائها للفقير الغير منذور وهو نهي عن العبادة وهو موجب للفساد
هذا الوجه ايضا غير صحيح اما اولا فقد ذكرنا في مبحث الضد ان الامر بشيء لا يدل على النهي بضده لا الضد العام ولا الخاص ولا ملازمة بينهما وهذه الملازمة غير ثابته ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان الامر بشيء يدل على النهي عن ضده الا ان هذا النهي نهي غيري لا يكشف عن وجود مفسده في متعلقه وعن وجود مبغوضي في متعلقه ومن اجل ذلك لا يدل على الفساد فاذا لم يكن متعلقه مبغوضا فلا مانع من تطبيق الطبيعي المأمور به ان المانع عن التطبيق هو مانعيه الفرد فلا دليل على الفساد .
الوجه الثالث : هو ان مرجع هذا النذر بإعطاء زكاته لزيد الفقير مرجعه الى عدم اعطاء زكاته الا لزيد الفقير او عدم تطبيق الطبيعة على اعطائه الزكاة الا لزيد الفقير وعلى هذا فإعطاء الزكاة للفقير الغير المنذور منفي بنفسه وليس من جهة ان الامر بشيء يدل على النهي عن ضده باعتبار ان هذا النذر ينحل الى نذرين، نذر عدم اعطاء الزكاة للفقير الغير منذور ونذر اعطاء الزكاة لزيد الفقير فهنا نذران
اولا ان النذر عدم التطبيق هذا في نفسه غير صحيح فان عدم تفريغ الذمة غير راجحا حتى يكون نذره صحيح او عدم تطبيق الطبيعة بعدم اعطاء الزكاة لغير الفقير المنذور حتى يكون نذره صحيحا ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان هذا النذر صحيح ان النهي من جهة النذر فقد نذر عدم تفريغ ذمته بإعطائه الزكاة الى غير الفقير المنذور والنهي عن العبادة يوجب الفساد
ولكن يرد عليه ان هذا النهي لا يكشف عن كون متعلقه مبغوضا لانه ليس نهي مولولي بل هو نهي سببه النذر وليس كاشف عن مبغوضيه متعلقه حتى يكون مانع عن صحيحته فلا فرق بين هذا النهي والنهي الغيري من هذه الجهة ولا يقاس هذا النهي بنهي الحائض عن العبادة فانه ليس نهي مولولي بل هو نهي ارشادي الى مانعية حدث الحيض عن الصلاة ومانع .