الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/05/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا ان المعروف والمشهور بين الاصحاب بل ادعي عليه الاجماع على ان لا يكون سفره سفر معصية فاذا كان سفره معصية فلا يجوز له ان يأخذ الزكاة ليواصل سفره او يرجع الى بلده كما اذا كان سفره لقتل مؤمن فاذا نفذت نفقته او تلفت بأفة سماوية او ارضية او سرقت فلا يجوز له ان يأخذ من الزكاة وقد استدل على ذلك بأمرين تقدم الكلام فيهما .
ولكن مع ذلك الاظهر اعتبار هذا الشرط وذلك لأمرين :-
الاول : ان المتفاهم العرفي بمناسبة الحكم والموضوع من ابن السبيل هو المسافر سفر حلال
الثاني : وهو العمدة ان حكمة تشريع الزكاة لهؤلاء الاصناف الثمانية انما هو للأرفاق بهم والامتنان من جهة سد فقرهم او احتياجهم وكذلك جعل الزكاة للعاملين عليها لأجل عملهم والمؤلفة قلوبهم من اجل استمالتهم ورغبتهم الى الاسلام وكذلك جعل الزكاة في الرقاب انما هي لحريتهم وعبوديتهم لله تعالى وكذلك من الواضح اذا كان ابن السبيل سفره معصية لا يكون اعطاء الزكاة له ارفاق بل تشويق له على المعصية وليس ارفاق وامتنان فحكمة تشريع الزكاة تقتضي عدم جواز اعطاء الزكاة اذا كان سفره سفر معصية .
مضافا الى اننا لو سلمنا صحة الرواية فان الاخذ بمضمونها مشكل فان فيها تقيد بان يكون السفر طاعة ودعوى ان المراد بسفر الطاعة ان لا يكون معصية بحاجة الى قرينة ولا قرينة في نفس الرواية يدل على هذا الحمل ولا قرينة من الخارج لكي تدل على ذلك فلا يمكن الاخذ بمضمون هذه الرواية ولا شبهة في ان سفره اذا كان مباحا وليس فيه طاعة كالسفر للنزه والسياحة فيجوز للحاكم الشرعي اعطاء الزكاة له ليواصل سفره او يرجع الى وطنه وتارة يكون السفر فيه طاعة كسفره لمساعدة فقير او عيادة مريض او لزيارة العلماء
واما اذا كان سفره معصية كما لو كان قاصد ارتكاب معصية ولكنه في الطريق ندم وتاب فيتبدل سفره الى غير معصية فاذا نفذت نفقته او تلفت جاز له اخذ الزكاة لواصل سفره او ليرجع الى وطنه، واما اذا رجع من بلد المعصية الى بلده فرجوعه ليس معصية فاذا نفذت نفقة الرجوع او تلفت هل يجوز اعطاء الزكاة له ؟
وهذا لا يخلو عن اشكال فقد ذهب الى عدم الجواز ولعله الاقرب لان رجوعه تتمة لسفر المعصية وفيه نوع اعانة على الاثم وتشويق له عليه ولهذا الاقرب عدم جواز اخذ الزكاة له ليواصل في سفره ويرجع الى بلده .
الامر الرابع : ان المراد من السفر هل هو مطلق السفر سواء اكان بقدر المسافة او كان اقل او خصوص السفر الذي يكون بمقدار المسافة ؟
الظاهر هو مطلق السفر كما اذا سافر ثلاثة فراسخ ورجع الى وطنه ونفذت امواله في الطريق او سرقت فيجوز له اخذ الزكاة ليواصل سفره او يرجع الى بلده ولا وجه لتقيده بالسفر بمقدار المسافة فان مقتضى اطلاق الآية هو ابن الطريق لا فرق بين ان يكون سفره بمقدار المسافة او اقل منها .
ثم ذكر الماتن قده : يجوز له اخذ الزكاة ليواصل في سفره او يرجع الى وطنه وان كان غنيا في بلده، وهذا واضح فانه وان كان في وطنه اغنى الاغنياء لكنه يجوز له اخذ الزكاة اذا صدق عليه عنوان ابن السبيل باعتبار ان الله تعالى جعل لكل صنف زكاة من اجل مصلحة خاصة .