الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/04/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
بقي هنا شيء وهو ان ما ذكرنا من ان الآية المباركة مطلقة يجوز صرف الزكاة في داء دين الغارم وان كان مصروفا في معصية ولا انصراف،ولكن قد يقال كما قيل ان الدين اذا كان من ناحية مهر النساء فهو لا يؤدى من الزكاة ولا يكون من سهم الغارمين، وهذا خلاف مقتضى اطلاق الآية المباركة لانها تشمل مطلق الغارم وكذلك الروايات ولكن استدل على ذلك بروايتين وفيهما استثناء لمهر النساء
الاولى : مرسلة عن ابي عبد الله عليه السلام (الامام يقضي عن المؤمنين الديون ما خلى مهور النساء)[1] فان هذه الرواية واضحة الدلالة على ان مهور النساء مستثنى الا انها ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها
الثانية : روايات محمد ابن ادريس في اخر السرائر نقلا عن كتاب علي ابن محبوب الى ان وصل الى عبد الرحمن ابن الحجاج ان محمد ابن خالد قال سألت ابا عبد عليه السلام عن الصدقات فقال : اقسمها في من قال الله عز وجل ولا تعطي عن سهم الغارمين الذي ينادون بنداء الجاهلية شيئا قلت وما نداء الجاهلية ؟ قال هو الرجل يقول يا لبني فلان فيقع بينهم القتل والدماء فلا يؤدوا ذلك من سهم الغارمين ولا الذي يؤدون من مهور النساء والذين لا يبالون ما صنعوا في اموال الناس)[2] فهذه الرواية واضحة الدلالة على استثناء مهور النساء والرواية من ناحية الدلالة وان كانت تامة الا انها ضعيفة من ناحية السند لا من جهة طريق ابن ادريس في كتاب علي ابن محبوب فان هذا الطريق صحيح ولا بئس به ولكن نقل هذه الرواية عن محمد ابن خالد وليس هو البرقي لانه لا يدرك الامام الكاظم عليه السلام فضلا عن الصادق عليه السلام فهو مردد بين اشخاص لم يوثق احد منهم فمن اجل ذلك الرواية ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها .
ثم ذكر الماتن قده : يجوز ان يعطي له من سهم الفقراء [3]، واشكل عليه السيد الاستاذ قده ان من كان مالكا لمؤونة سنته فهو غني شرعا فاذا كان كذلك لا يجوز له ان يعطى من سهم الفقراء فان الغني الشرعي من كان مالكا لمؤونة سنته وان كان مديونا ويحتاج لمال يؤدي دينه به وليس عنده ومع ذلك لا يجوز له ان يأخذ من سهم الفقراء لانه مالك لمؤونة سنته، نعم هو فقير بنظر العرف ومحتاج ولكنه شرعا ليس كذلك، وذكر السيد الاستاذ قده على ما في تقرير بحثه فرعين :-
الفرع الاول : ان ما دل على ان من يكون مالك لمؤونة سنته لا يجوز له ان يأخذ من سهم الفقراء فهو بأطلاقه يشمل من كان مديونا بجناية او مديونا من جهة المعصية وما شاكل ذلك وان كان مدونا فلا يجوز له ان يأخذ من سهم الفقراء اذا كان مالكا لمؤونة سنته لانه غني فما دل على ان من يكون مالكا لمؤونة سنته لا يجوز له الاخذ من سهم الفقراء فهو بإطلاقه يشمل من كان مديونا وليس عنده مال يؤدي دينه .
الفرع الثاني : ان من استدان لمؤونة سنته فلا يبعد انصراف هذا الدليل عنه وعلل ذلك بان ما عليه دين لا يملك ما يوازيه فانه استدان مال لمؤونة سنته فهو لا يملك هذا المال باعتبار انه مديون لما يوازيه فالدليل لا يشمله .
الدين على ثلاثة اقسام :-
القسم الاول : يستدين لكي يشتري ملكا
القسم الثاني : مديون وليس بإزائه موجود كما لو كان مديون من اجل جناية على شخص والدية على ذمته او تلف مال غيره او صرفه في معصية فهو مديون وليس لهذا الدين مال بإزائه في الخارج .
القسم الثالث : ما يستدين لمؤونة سنته ويصرف في نفس السنة سواء كان عنده ربح او لم يكن عنده، فانه بحاجة الى المال ليصرف في مؤونته لذا يستقرض من اجل مؤونة سنته .
اما القسم الاول فلا شبة في ان ادائه ليس من المؤونة فانه كلما ادى دينه فهو يملك ما يقابله من الملك فاذا ادى تمامه فيكون له ملك طلق غاية الامر اذا ادى دينه في ضمن السنة من ارباحه فينتقل الخمس الى الملك ولابد ان يخمسه في اخر السنة بقيمته الحالية وان اداء دين السنة الماضية من ارباح هذه السنة ليس من المؤونة ولا يكون مستثنى من الخمس فلابد من تخمسيه اولا ثم يؤدي او يؤدي الربع بدل الخمس حتى يكون خمس لكليهما معا .
واما القسم الثاني فلا شبهة في ان ادائه من المؤونة لانه ليس له مال بإزائه في الخارج واداء الدين من المؤونة فيجوز له اخذ الزكاة لأداء دينه فهو لا يملك دين تمام سنته فله ان يأخذ من سهم الفقراء لكي يؤدي دينه فما ذكره السيد الاستاذ قده من ان هذا الدين لا يضر بغنائه فان ما دل على ان من يكون مالكا لمؤونة سنته فهو غني ولا يجوز له اخذ الزكاة من سهم الفقراء وان كان مديونا بجناية او بغصب او بأتلاف مال الغير او ما شاكل ذلك .
واما القسم الثالث وهو ما لو استدان لمؤونة سنته فتارة يكون عنده ربح لكن لا يصرفه في مؤونته من الربح واستدان واخرى يكون عنده ربح وبحاجة لمؤونة السنة فيستدين فعلى الاول نفس الدين من المؤونة في اخر السنة يستثنى ويخمس من الباقي واما على الثاني وهو انه يستدين اولا ثم يحصل له الربح فأدائه من المؤونة اما اذا لم يؤدي الى ان يصل رأس السنة فلا يستثنى من الخمس .


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج21، ص267، أبواب المهور، باب11، ح5، ط آل البیت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص298، أبواب المستحقين للزكاة، باب48، ح1، ط آل البیت.
[3] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص114، ط ج.