الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا ان المتفاهم العرفي من الآية المباركة بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازي هو ان تشريع الزكاة انما هو لمصلة عامة للمسلمين في جميع اصناف الثمانية اما لإشباع الحاجة او لمصلة اخرى، فمن اجل ذلك لا يمكن ان يكون المراد من المؤلفة قلوبهم اعم من المسلم والكافر، واما مسألة الرقاب وهم على ثلاثة اصناف فان الآية مطلقة وفي ظاهرها ان الرقاب مصرف للزكاة ومقتضى اطلاقه عدم اعتبار أي قيد في شراء العبد وعتقه ولكن الفقهاء قسموا الآية الى ثلاثة اصناف، العبد المكاتب الذي هو بحاجة الى اداء مال الكتابة سواء كان مطلقا او كان مشروطا والاحوط ان يكون بعد حلول النجم، فان تقيد ذلك بحاجة الى دليل فان مقتضى اطلاق الآية عدم اعتبار هذا القيد .
وقد يستدل على ذلك بمرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام انه سؤل عن المكاتب يحتاج الى المال في اداء مال الكتابة فأجاب الامام عليه السلام يؤدي عنه من الصدقة) أي من الزكاة فهذه الرواية تدل على اعتبار القيد ولكنها ضعيفة من ناحية السند والدلالة، اما السند في هي مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها، واما دلالة فان حاجة المكاتب الى مال وردة في سؤال السائل ولم يرد في جواب الامام عليه السلام فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على هذا القيد
ودعوا ان هذا القيد متبادر من المكاتب باعتبار انه اذا لم يكن بحاجة الى اداء مال كتابته من الصدقة فهو يؤدي من ماله فلا حاجة الى اداء مال كتابته من الصدقة فهذا القيد هو المنصرف من الآية المباركة وغيرها، فهذه الدعوى وان كانت بنفسها لا بئس بها الا ان الرواية بحد نفسه تصدم بمصلحة عامة اخرى وهي ان جعل حصة من الزكاة في الرقاب يدل على اهتمام الشارع بحل مشكلة العبيد فانه امر متعارف قبل الاسلام بل هي ثقافة بين الناس قبل الاسلام وبما ان الاسلام اهتم بالعدالة الاجتماعية وتساوي حقوق الناس لذلك قام بصدد حل مشكلة العبيد وجعل طرق متعددة لحلها فجعل العتق واجبا في نوع من الكفارات وجعله مستحبا مطلقا واذا كان العبد حرا نصفه يسري الى تمامه وهكذا موارد كثيرة اذا اشترى شخص عبدا وهو ابوه فانه يعتق وكذلك اذا اشترى امه .
فمقتضى هذه المصلحة العامة تمنع من هذا الانصراف وعلى هذا فيجوز ان يؤدي مال الكتابة من الصدقة وان لم يكن المكاتب محتاجا وهو مقتضى اطلاق الآية المباركة .
ثم ذكر الماتن قده : والاحوط أن يكون بعد حلول النجم، ففي جواز إعطائه قبل حلوله إشكال[1]، اذا احتاج بعد النجم الى مال الكتابة يؤدي من الصدقة واما الاحتياج قبل النجم فلا اثر له كما هو الحال في سائر الموارد فاذا كان الشخص مديون وكان دينه مؤجل الى مدة ولا يصدق انه عاجز عن اداء دينه قبل وصول المدة فانه لا يجب عليه اداء الدين قبل وصول المدة حتى يكون عاجزا عن ادائه ولهذا اعطاء المال المشروط الى مدة لا يجب عليه ادائه حتى يصدق عليه عنوان العاجز وعلى هذا فهذا التقيد من الماتن قده من اجل ذلك، ولكن الاقوى هذا التقيد وليس انه مبني على الاحتياط .
ثم ذكر الماتن قده : يتخير بين دفع الزكاة الى المولى او الى العبد، اما دفع الزكاة الى المولى فهو متعين فان المولى هو المتصدي لعتقه كما هو ظاهر الآية المباركة فان الرقاب مصرف للزكاة وليس انه يعطى لهم فلابد ان يعطى للمولى حتى يقوم بعتقه، واما اذا اعطى للمولى وهناك مانع عن عتق العبد كما اذا فرضنا انه عاجز عن اداء مال الكتابة المشروط ومقدار الزكاة لا يكفي لتمام مال الكتابة وهو عاجز عن اداء الباقي فحينئذ يرجع رقا وعلى المولى ان يرجع الزكاة الى صاحبها لانه اعطى الزكاة للمولى مشروط بفك رقبته واذا لم يتحقق هذا الشرط فلابد من ارجاع الزكاة .
واما اعطاء الزكاة للعبد فلا دليل عليه فانه لا يملك الزكاة كما تقدم والروايات دالة على ذلك فمن هذه الجهة لا يجوز اعطاء الزكاة للعبد وهو لا يملك بالقبض والآية ايضا مطلقة والروايات على تقدير صحتها ايضا ظاهر لإعطاء الزكاة للمولى لا للعبد .


[1] العروة الوثقى، اليزدي، ج4، ص112، ط ج.