الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكرنا ان الآية المباركة لا تكون معنونه بعنوان خاص بحيث يكون مجموع الاصناف داخلا تحت هذا العنوان لكي تدخل النسبة بينه وبين العناوين الثلاثة، والمراد من ان الآية المباركة لم تكن معنونه بعنوان خاص بلسان الدليل فانها معنونه بعناوين خاصة كالفقير والمسكين وابن السبيل والعاملين، ولم يكن في الآية عنوان خاص لكي تلاحظ النسبة بينه وبين العناوين الثلاثة .
ثم بعد ذلك يقع الكلام في العبد وان الحرية شرط في استحقاق الزكاة ولا يجوز اعطاء الزكاة للعبد وقد استدل على ذلك بجملة من الروايات منها صحيحة عبد الله ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام في المملوك قال وان احتاج فلم يعطى من الزكاة شيئا)[1] فان هذه الصحيحة تدل على عدم جواز اعطاء الزكاة للعبد وان كان محتاجا وهذه القضية الشرطية سوقة لبيان تحقق الموضوع ولا مفهوم لها والا مفهومها جواز الاعطاء اذا لم يكن محتاجا وهذا باطل بالضرورة .
ومنها موثقة اسحاق ابن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا يعطي العبد من الزكاة شيئا)[2] مقتضى اطلاقه حتى لو كان العبد فقيرا ومحتاجا لا يجوز اعطاء الزكاة له.
ومنها صحيحة علي ابن جعفر عن اخيه موسى ابن جعفر عليه السلام قال سألته عن المملوك يعطى من الزكاة فقال : لا) فان مقتضى اطلاق هذه الصحيحة انه لا يجوز اعطاء الزكاة للعبد وان كان فقيرا لو لم تكن الصحيحة منصرفة الى المملوك الفقير وكانت مطلقة فلابد من رفع اليد عن اطلاقها بمقتضى صحيحة عبد الله ابن سنان وايضا عدم جواز اعطاء الزكاة للغني امر ضروري وثابت بالروايات الكثيرة .
فهذه الروايات واضحة الدلالة على عدم جواز اعطاء الزكاة للعبد وان كان محتاجا وفقيرا وهل هذه الروايات تدل على انه لا يجوز ان ينصب العبد عاملا لجمع الزكاة والحفاظ عليها وحراستها وكتابتها وايصالها للحاكم الشرعي في زمن الغيبة والى الامام عليه السلام في زمن الحضور او تقسيمها بين الفقراء ؟ مقتضى القاعدة الجواز فان عدم الجواز بحاجة الى دليل وهذه الروايات تدل على ان العبد لا يجوز اعطائه الزكاة من جهة فقره او من جهة احتياجه ولا تدل على اعطاء الزكاة له من جهة عمله .
واما الهاشمي فالروايات كثيرة فيه بان زكاة العامي محرمة على الهاشمي ولا يبعد بلوغ الروايات حد التواتر الاجمالي فمنها صحيحة عيس ابن القاسم عن ابي عبد الله عليه السلام فقال ان اناس من بني هاشم اتو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فسألوه ان يستعملهم على صدقات المواشي فقالوا يكون لنا هذا السهم الذي جعل الله عز وجل للعاملين عليها فنحن اولى به فقال رسول الله صلى الله عليه واله يا بني عبد المطلب ان الصدقة لا تحل لي ولا لكم ولكني قد وعدت الشفاعة)[3] فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ان الزكاة لم تجعل لبني هاشم ولا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وهذه الصحيحة تدل على عدم جواز جعلهم عمال لجمع الزكاة وحراستها وكتابتها وايصالها الى الامام عليه السلام في زمن الحضور والى الحاكم الشرعي في زمن الغيبة فلا يجوز للهاشمي اخذ الزكاة ولا يجوز ان ينصب عاملا عليها، نعم يجوز نصبه عاملا بان يجعل اجرته من غير الزكاة واما من الزكاة فلا يجوز بمقتضى هذه الصحيحة وهي واضحة الدلالة على ذلك .
ومنها صحيحته الاخرى عن ابي عبد الله عليه السلام قال اعطوا الزكاة من ارادها من بني هاشم )[4] فان هذه الرواية وان كانت تدل على جواز الزكاة لبني هاشم الا انها ضعيفة السند فلا يمكن الاعتماد عليها وكيف ما كان فلا شبهة في عدم جواز اعطاء الزكاة لبني هاشم وفي بعض هذه الروايات عبر عنها بانها اوساخ الارض فلا يليق ان يعطى من الزكاة لبني هاشم وكيف ما كان فعدم الجواز واضح .
واما المخالف فأيضا تدل عليه روايات كثيرة منها صحيحة اسماعيل ابن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الزكاة هل توضع في من لا يعرف قال : لا، ولا زكاة الفطرة) والمراد لا يجوز اعطاء الزكاة لمن لا يعرف الولاية ولا زكاة الفطرة .
ومنها صحيحة عبداللّه بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : جُعلت فداك، ما تقول في الزكاة لمن هي؟ قال: فقال: «هي لأصحابك»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قال: قلت: فإن فضل عنهم؟ قال: «فأعد عليهم»، قلت: فيعطى السؤال منها شيئاً؟ قال: فقال: «لا واللّه إلّا التراب، إلّا أن ترحمه، فإن رحمته فأعطه كسرة»، ثمّ أومئ بيده فوضع إبهامه على اُصول أصابعه)[5] فان هذه الصحية تؤكد على عدم جواز اعطاء الزكاة للناصب وان فضل عن المستحقين .
ومنها صحيحة زرارة وابن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام انهما قالا: الزكاة لأهل الولاية قد بين الله لكم موضعها في كتابه)[6] فان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة، فالنتيجة ان هناك روايات كثيرة تدل على عدم جواز اعطاء الزكاة لغير اهل الولاية وكيف ما كان فان الروايات من الكثرة تبلغ حد التواتر الاجمالي فاذا اعطى فلا يكون مجزي ومبرء للذمة والدليل لو دخل في الولاية من كان ناصبا فلا يعيد صومه وصلاته الا الزكاة يعيدها باعتبار انه اعطاها لمن لم يكن من اهل الولاية .


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص294، أبواب المستحقين للزكاة، باب44، ح2، ط آل البیت.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص294، أبواب المستحقين للزكاة، باب44، ح3، ط آل البیت.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص268، أبواب المستحقين للزكاة، باب29، ح1، ط آل البیت.
[4] الكافي، الشيخ الكليني، ج4، ص59، ط الاسلامية.
[5] شرح فروع الكافي، المازندراني، ج3، ص453.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج9، ص224، أبواب المستحقين للزكاة، باب5، ح9، ط آل البیت.