الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة - اصناف المستحقين
الى هنا قد تبين ان معنى الغنى ليس معنى شرعي بل هو معنى عرفي وليس للشرع معنى اخرى في مقابل العرف والغني هو الذي لا يكون محتاجا وعدم الاحتياج تارة من جهة وجود المال عنده واخرى من جهة وجود العقارات ويستفيد من ريعها في مؤونتها وتارة يكون عنده مهنة كالطبيب والمهندس او حرفة كالنجار والحداد والخياط فان مهنته تكفي لمؤونته وكذلك حرفته فهو غني وكذلك اذا لم يكن عنده مهنة وحرفة ولكن عنده قدرة على العمل ويتمكن من تحصيل مؤونته طول السنة فهو ايضا غني لا يحتاج الى غيره فهو غني عرفا ولا يجوز له اخذ الزكاة شرعا
الصحيح هذا القول وهو المعروف والمشهور بي الاصحاب وتدل عليه الروايات، ونسب الى الشيخ رحمه الله قول اخر وهو ان الغني هو من كان مالك لأحد النصاب ومن لم يكن مالك فهو فقير لكن لا دليل على هذا القول وان كان قد يستدل بالروايات العامة ان الله تعالى جعل في اموال الاغنياء ما يكفي الفقراء او ان الله تعالى اشرك الفقراء في مال الاغنياء لكن هذه الروايات لا تدل على ذلك بل لا اشعار فيها على ان معنى الغني هو من يملك النصاب ومن لم يكن مالك للنصاب فهو ليس بغي كما لو فرضنا انه ملك الاراضي فهو ليس غني باعتبار انه ليس مالك للنصاب ولهذا فان هذا القول لا اساس له ولا وجه له كما ان القول بان الغني هو ما يكون قادرا على تحصيل مؤونته طول عمره هذا ايضا ليس معنى الغني وهو خلاف الروايات ولا يمكن الاعتماد عليه
فالنتيجة ان ما هو المشهور والمعروف بين الاصحاب قديما وحديثا هو ان الغني ما يملك قوة سنته بالفعل او القوة فهو غين
بقي هنا مسألة وهو انه اذا كان عنده ملك يكنه الاستفادة من ريعها او اجارتها في مؤونته ويجعلها رأس المال فاذا لم تكفي ارباحها في مؤونته فهل يجب عليه ان يصرف من رأس ماله في مؤونته ولا يجوز له اخذ الزكاة او يجوز له اخذ الزكاة ولا يجب عليه ان يصرف من رأس ماله؟ مقتضى القاعدة وجوب ذلك فانه غني وعنده مال يكفي لمؤونة سنته ولكن يظهر من الروايات انه لا يجب عليه ان يتصرف برأس المال بل يبقيه ويأخذ من الزكاة لمؤونته ويدل على هذا جملة من الروايات منها صحيحة معاوية ابن وهب قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله عيال وهو يحترف فلا يصيب نفقته فيها، أيكب فيأكلها ولا يأخذ الزكاة، أو يأخذ الزكاة ؟ قال : لا، بل ينظر إلى فضلها فيقوت بها نفسه ومن وسعه ذلك من عياله ويأخذ البقية من الزكاة، ويتصرف بهذه لا ينفقها)[1] فان هذه الصحيحة مطلقة وتشمل ما اذا كان رأس ماله ثلاثة مئة درهم او اربع مئة تكفي لمؤونته طول السنة او لا تكفي فالصحيحة تشمل كلتا الصورتين فان الامام لم يفصل بينهما وعدم التفصيل قرينة على الاطلاق، وذيل الرواية دالة بوضوح انه لا يجب عليه ان يصرف رأس ماله في مؤونته بل يبقيه على حاله ويأخذ تتمة مؤونته من الزكاة .
ومنها موثقة سماعة قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن الزكاة، هل تصلح لصاحب الدار والخادم ؟ فقال : نعم، إلا أن تكون داره دار غلة فخرج له من غلتها دراهم ما يكفيه لنفسه وعياله، فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير إسراف فقد حلت له الزكاة، فإن كانت غلتها تكفيهم فلا)[2] فان هذه الموثقة واضحة الدلالة على عدم وجوب بيع هذه الدار ويأخذ تتمة مؤونته من الزكاة اذا لم تكفي ريع الدار لمؤونته ومؤونة عياله .
ثم ذكر الماتن قده : لو كان له رأس مال يستفيد من ارباحه وهو لا يكفي فهل يجوز له ان يتصرف في رأس ماله، ذكر الماتن انه يأخذ الزكاة لتتميم مؤونته ولا يجب عليه بيع المال وايضا اذا كان عنده مصنع وألاته تكفي لمؤونته فهل يجب عليه بيعها وصرف عوضها في مؤونته قال عليه السلام لا، فالنتيجة ان بيع رأس المال غير واجب اذا لم يكفي ريعه لمؤونته ويأخذ بقية المؤونة من الزكاة .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص239، ابواب الزكاة، ب12، ح1، ط ال البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص235، ابواب الزكاة، ب9، ح1، ط ال البيت.