الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/03/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
ذكر السيد الاستاذ قده ان موثقة سماعة معارضة برواية عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل له ثمانمائة درهم وهو رجل خفاف وله عيال كثير، أله أن يأخذ من الزكاة ؟ فقال : يا أبا محمد، أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل ؟ قال : نعم، قال : كم يفضل ؟ قال : لا أدري، قال : إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة، وإن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة)[1]
فهذه الرواية معارضة مع موثقة سماعة الدالة على انه لو نقص عن مؤونة السنة جاز له الاخ بمقدار النقص فاذا زاد عن مؤونة سنته او كان عنده بمقدار سنته فلا يجوز اخذ الزكاة فتكون بينهما معارضه وقد اجاب السيد الاستاذ قده بجوابين :
الاول : ان رواية ابي بصير ضعيفة من ناحية السند فان طريق الصدوق الى ابي بصير ضعيف فان فيه علي ابن حمزة البطائني وهو غير ثقة فالرواية ساقطة من جهة السند
الثاني : ومع الاغماض عن ذلك والتسليم بان الرواية صحيحة ولكم المراد من القوت بالمعنى اللغوي ما يوقت به الانسان من الطعام والشراب ولا يشمل سائر المصاريف ومن الواضح ان المؤونة لا تنحصر بالطعام والشراب فان المسكن والملبس من المؤونة ومصارف الضيوف والاسفار والزيارات والحج المستحب والعمرة المستحبة وما يصرف في المناسبات او ما يصرف في علاج المرض فلا يمكن تحديد المؤونة بحد معين لانها قد تزيد في سنة وقد تنقص في سنة اخرى وقد تكون المؤونة أي مصارف غير الطعام والشراب وقد تكون اقل منه
فاذاً ليس للمؤونة المستثناة حد في الشريعة المقدسة وعلى هذا فتحديد المؤونة في هذه الرواية من الامام عليه السلام خلاف المحسوس فمن اجل ذلك لا يمكن الاخذ بهذه الرواية بهذا التحديد فان المؤونة لا يمكن تحديدها بذلك لانه خلاف الوجدان فلابد من رد علمها الى اهلها فالرواية من هذه الناحية ساقطة فلا يتصلح ان تكون معارضه لموثقة سماعة
هذا مضافا الى ان القوت معناه اللغوي وان كان ما يقوت به بدن الانسان من الطعام والشراب الا ان مناسبة الحكم والموضوع العرفي الارتكازي تقتضي ان القوت الوارد في الروايات مساوق للمؤونة وعلى هذا فتقع المعارضة بين هذه الرواية وبين موثقة سماعة الدالة على عدم جواز اخذ الزكاة اذا كان عنده مؤونة السنة واما هذه الرواية تدل على انه اذا كان عنده ازيد من مؤونة السنة شرط ان تكون الزيادة اقل من نصف المؤونة
فتقع المعارضة بينهما فلابد من طرح رواية ابي بصير لان عدم جواز اخذ الزكاة لمن كان عنده سنته امر ضروري وثابت بالروايات المتواترة اجمالا فهذه الرواية من هذه الناحية مخالفة للسنة وما يكون مخالف للسنة فهو باطل وزخرف ولم اقله فلابد من طرحها هذا كله في ما اذا كان عنده ما يتجر به او يستفيد من ريعه .
اما اذا لم يكن عنده شيء مما تقدم ولكن عنده مهنة كالطبيب او المهندس او النجار او الخياط وما شاكل ذلك فان مهنته اذا كانت كافية لمؤونته ومؤونة عائلته لسنة فهو غني فلا يجوز له اخذ الزكاة لان الزكاة للفقراء وهو ليس فقير، نعم اذا لم يكن عنده كسب المهنة فيكون فقير فتجوز له الزكاة فهو غني اذا كان يقدر على اعمال مهنته ويستفيد منها واما اذا لم يتمكن فيكون فقير ويجوز له اخذ الزكاة تدل على ذلك جملة من الروايات
منها صحيحة زرارة ابن اعين عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول ان الصدقة لا تحل لمحترف ولا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها)[2] فهذه الصحيحة تدل على انه لا تدل الصدقة لمحترف
ومنها صحيحة معاوية ابن وهب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يرون عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ان الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي فقال ابو عبد الله عليه السلام : لا تصلح لغني)[3] فان هذه الصحيحة تدل على عدم جواز اخذ الزكاة لمن كانت عنده مهنة فلا شبهة في ذلك
انما الكلام في ما اذا كان قادرا على العمل وليس له مهنة ولا حرفة فهل هو غني او انه ليس بغني احتاط الماتن قده في ذلك فانه يجب عليه احتياطا ان لا يأخذ الزكاة
الظاهر انه غني بمقتضى هذه الروايات ولا لذي مهنة قوي فانه يشمل من كان قادرا على العمل وان لم تكن عنده مهنة ولا حرفة لكنه قوي وقادرا على العمل فهو قني بالقوة فلا يجوز له اخذ الزكاة اذا كان الشغل موجودا وهو قادرا عليه .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص232، ابوب الزكاة، ب8، ح4، ط ال البيت.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص231، ابوب الزكاة، ب8، ح2، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص232، ابوب الزكاة، ب8، ح3، ط ال البيت.