الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

36/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
الى هنا قد تبين ان الزكاة لم تتعلق بذمة المالك بحيث يكون المال مكل طلق للمالك ويجوز تصرفه فيه من التصرفات الخارجية والاعتبارية كالبيع والشراء والهبة وما شاكل ذلك لان الزكاة متعلقة بذمته، واما المال فهو ملك طلق له فيجوز التصرف فيه ما شاء من التصرفات الخارجية والاعتبارية، ولكن يظهر من الروايات في ابواب مختلفة وموارد كثيرة ان الزكاة متعلقة بالعين الخارجية وليست متعلقة بذمة المالك فان ذمته غير مشغولة بها والزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية منها الروايات الواردة في زكاة الغلاة الاربعة ما انبتته الارض بالسماء ففيه العشر وما انبتته الارض بالدوالي ففيه نصف العشر فلا شبهة في ان هذه الروايات ظاهرة في ان العشر تعلق في ما انبتته الارض وكذلك الروايات التي تدل على عدم جواز بيع الاعيان الزكوية قبل اخراج زكاتها وكذلك لا يجوز استعمالها خارجا قبل اخراج زكاتها
وكيف ما كان فلا شبهة في ان الزكاة متعلقة بالأعيان الخارجية لا بذمة المالك فاذا تعلقت بالأعيان الخارجية فالاختلاف بين الفقهاء في كيفية التعلق والاقوال فيها ثلاثة :-
الاول : ان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية بنحو الكلي في المعين
الثاني : ان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية بنحو الشركة في المالية
الثالث : ان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية تختلف باختلاف الاعيان وباختلاف باللسنة الروايات فتعلق الزكاة بالغلاة الاربعة بنحو الشركة في العين وبنحو كثر المشاع وتعلق الزكاة بالنقدين وبالأنعام على نحو الكلي في المعين ففي اربعين من الشياه شاة ظاهر في ان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية وهي النصاب على نحو الكلي في المعين او في عشرين مثقال من الذهب نصف مثقال وفي اربعين مثقال من الذهب مثقال وفي مئتي درهم خمسة دراهم فان هذه الروايات ظاهرة في ان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية بنحو الكلي في المعين واما تعلق الزكاة في الابل والبقر ظاهر الروايات انها بنحو الشركة في المالية لا بنحو الشركة بالعين بنحو كثر المشاع ولا بنحو الكلي في المعين بل بنحو الشركة في المالية ذلك بقرينة خارجية .
اما القول الاول فهو المعروف والمشهور فان تعلق الزكاة بالأعيان الخارجية بنحو الكلي في المعين فقد اختار الماتن قده هذا القول ايضا ولهذا قام بتصحيحه وبتوجيه الروايات التي تدل على نحو الاشاعة في العين كما في روايات الغلاة الاربعة وقد استدل على ذلك بوجهين :-
الوجه الاول : ان روايات السقي ما سقته السماء ففيه العشر وما سقته بالدوالي ففيه نصف العشر فهذه الروايات وان كانت كثيرة بل لا يبعد بلوغها حد التواتر اجمالا ولكن لابد من رفع اليد عن ظهور هذه الروايات وانها في مقام بيان مقدار الزكاة اما انه بنحو الكلي في المعين او بنحو الاشاعة فليست هذه الروايات في مقام البيان من هذه الناحية وهذه الروايات تصلح على ان تكون قرينة لرفع ظهور هذه الروايات في الشركة في العين بنحو الاشاعة وحملها على انها في بيان مقدار الزكاة، اما نسبته الى النصاب هل هي بنحو الكلي في المعين او بنحو الاشاعة فهذه الروايات ليست في مقام بيان ذلك
والجواب عن ذلك واضح فان روايات الانعام وروايات النقدين وان كانت ظاهرة في ان تعلق الزكاة بالعين على نحو الكلي في المعين ولا شبهة في ظهور هذه الروايات في ذلك في كل اربعين شاة شاه الا انها لا تصلح على ان تكون قرينة لرفع اليد عن ظهور روايات السقي ولا شبهة في روايات السقي ظاهرة في ان الزكاة متعلقة بالعين بنحو الاشاعة فالطائفة الاولى من الروايات وردة في موضوع وهذه الطائفة في موضوع اخر ومن الواضح ان هذه الطائفة لا تصلح ان تكون قرينة لرفع اليد عن ظهور هذه الروايات، وفرضنا ان روايات زكاة النقدين والانعام اظهر دلالة من تلك الروايات بل تلك الروايات ناصه في ان تعلق الزكاة بالعين بنحو الكلي في المعين ولكن مع ذلك لا تصلح على ان تكون قرينة لرفع اليد عن ظهور هذه الروايات باعتبار ان كل من الطائفتين من الروايات وردة في موضوع غير موضوع الاخر فاحدهما اجنبية عن الاخرة والقرينة احد الدليلين على الاخر فيما اذا كانا واردين في موضوع واحد كالعام والخاص والمطلق والمقيد والظاهر والاظهر والحاكم والمحكوم، فاذا وردت روايتان في موضوع واحد احدهما عام والاخرى خاص فالخاص يصلح ان يكون قرينة وان كان العام اظهر قرينة من الخاص ومع ذلك يكون الخاص مقدم عليه بملاك قرينته وكذلك المقيد قرينة على المطلق وكذلك الاظهر قرينة على التصرف في الظاهر والحاكم قرينة في التصرف في المحكوم
فما ذكر من ان روايات النقدين وروايات الانعام قرينة على رفع اليد عن ظهور روايات السقي في الاشاعة لا وجه له اصلا بل الصحيح ان هذه الروايات الواردة في ابواب الزكاة تختلف باختلاف اللسنتها فان لسان روايات السقي تعلق الزكاة بالعين بنحو الشركة في العين وبنحو كثر المشاع وروايات زكاة النقدين والانعام ظاهرة في ان تعلق الزكاة بنحو الكلي في المعين، واما روايات زكاة الابل والبقر ظاهرة في ان تعلق الزكاة بها بنحو الشركة في المالية ولو بقرينة خارجية ولا مانع من الالتزام بظهور كل رواية في موردها والالتزام بان زكاة الغلاة متعلقة بالأعيان بنحو الاشاعة واما زكاة الانعام والنقدين متعلقة بهما بنحو الكلي في المعين واما زكاة الابل والبقر تعلقت بهما بنحو الشركة في المالية
ودعوى ان زكاة الابل وزكاة البقر يمكن حمل هذه الروايات على التكليف فقط فان روايات زكاة الابل لا تدل على ان الزكاة تعلقت بالابل بل تدل على ان في كل خمسة ابل شاة وفي عشرة شاتان وفي خمسة عشر ثلاثة شياه وهكذا ولا مانع من حمل هذه الروايات على التكليف ولكن هذه الدعوى مدفوعة بوجوه .