الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة – كلام المشهور في استثناء المؤونة من الزكاة ورد سماحة الشيخ
تحصل مما ذكرنا ان ما يأخذه السلطان بعنوان الزكاة ظلما وعدوانا لا مانع من احتسابه زكاة وقد دل على ذلك جملة من الروايات لكن بشروط :-
الشرط الاول : ان يكون المأخوذ من قبل السلطان وولاة الامر ولا يتمكن المالك من المنع فعندئذ لا يمنع ان يحتسب المأخوذ زكاة اما اذا كان المأخوذ من قبل غيره ظلما وعدوانا فلا يحتسب زكاة
الشرط الثاني : ان يكون المأخوذ من النصاب اما اذا كان من غير النصاب فلا يحتسب زكاة فاذا فرضنا ان الحنطة بلغة حد النصاب ولكن السلطان اخذ بدل الحنطة تمرا او شعيرا فهذا لا يحتسب من الزكاة انما يحتسب زكاة اذا اخذ من الحنطة بعنوان الزكاة .
ثم ذكر الماتن (قده) : والاقوى اخراج المؤونة جميعها قبل تعلق الزكاة او بعده فلا فرق في ذلك في المؤونة فان المعروف والمشهور بين الاصحاب هو استثناء المؤونة من النصاب واخراج الزكاة من الباقي ولكن اتمام ذلك بالدليل مشكل وان استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : بالأجماع وان الاصحاب قد اجمعوا على استثناء المؤونة من النصاب واخراج الزكاة من الباقي ، ولكن يرد عليه ان المسألة مشهورة بين الاصحاب وليس مجمع عليها المشهور يقولون باستثناء المؤونة من الزكاة وهناك قائل بعدم الاستثناء فالمسألة ليست اجماعية ، ومع الاغماض عن ذلك وهذا الاجماع انما هو بين المتأخرين ولا دليل على ثبوته بين المتقدمين ولا طريق لنا الى احراز ان هذا الاجماع ثابت بين الفقهاء المتقدمين فقد ذكرنا وجه ذلك في غير مرة ومع الاغماض عن ذلك ايضا وفرضنا ان هذا الاجماع ثابت بين المتقدمين ايضا الا انه لا طرق لنا الى احراز ثبوت هذا الاجماع في زمن الائمة عليهم السلام وبين اصحابه وانه وصل اليهم يدا بيد وطبقة بعد طبقة فالنتيجة انه لا يمكن الاعتماد على مثل هذا الاجماع مضافا الى انه ليس تعبدي ومن المضنون قوي ان مدرك هذا الاجماع احد الوجوه الاتية .
الوجه الثاني : التمسك بالاصل في المقام فأننا نشك في تعلق الزكاة بما يعادل المؤونة من الحنطة او الشعير ونشك ان الزكاة تعلقت بما يعادل المؤونة التي تصرف في زرع الحنطة الى زمان التصفية او في زرع الشعير او في التمر او في العنب وما شاكل ذلك فلا مانع من استصحاب عدم تعلق الزكاة به وهذا الاصل حجة ، والجواب عن ذلك واضح فان التمسك بالاصل في المسألة انما هو في ما اذا لم يكن هناك دليل اجتهادي فاذا لم يكن هناك دليل اجتهادي فلا مانع من التمسك بالاستصحاب او اصالة  البراءة او ما شاكل ذلك واما في المقام الدليل الاجتهادي موجود وهو الروايات التي تدل على تعلق الزكاة بالحنطة والشعير بالعشر او نصف العشر فهذه الروايات مطلقة وبأطلاقها تشمل جميع الحنطة والشعير ولا يمكن استثناء ما يعادل المؤونة من هذه الروايات الا بدليل ولا دليل على هذا الاستثناء ، فمقتضى اطلاق الروايات ان الزكاة تعلقت بجميع الحنطة من دون استثناء وكذلك الحال في الشعير والتمر والزبيب .
الوجه الثالث : التمسك بصحيحة زرارة فقد ورد فيها استثناء اجرة الحارس بان يترك له العسق والعسقان بعنوان الاجرة وهذا يدل على ان المؤونة مستثناة اذ لو لم تكن المؤونة مستثناة فلا معنى لاستثناء اجرة الحارس ، والجواب عن ذلك انه ليس في هذه الروايات ذكر من اجرة الحارس بل الوارد من هذه الروايات يترك للحارس الذي ينظر الى هذه النخيلات العسق والعسقان حتى تستفيد منه عائلته اما ان هذا الترك بعنوان اجرة الحارس او عنوان الاستحباب فالروايات ساكتة عن ذلك بل مناسبة الحكم والموضوع الارتكازي انه حق استحبابي للحارس وهو حق النظر ، فالنتيجة ان الصحيحة لا تدل على استثناء المؤونة من الزكاة .
الوجه الرابع : قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)[1] والعفو هو الزائد على المؤونة مستثنى ، ولكن هذه الآية المباركة اجنبية عن المقام لان هذه الآية المباركة في مقام استثناء مؤونة المالك وليس مؤونة الزرع أي انهم ينفقون من الزائد على مؤونته ، مضافا الى ان مفاد الآية استثناء العفو وهو اعطاء الزائد جميعا والزكاة عشر الحاصل او نصفه وليس الزائد على المؤونة جميعا فالنتيجة ان الآية المباركة اجنبية عن المقام .
الى هنا قد تبين ان شيئا من هذه الوجوه لا يدل على استثناء المؤونة من الزكاة فاذا ما هو المشهور من استثناء المؤونة من الزكاة لا دليل عليه ولا يمكن اثباته بدليل .
ثم ذكر الماتن (قده) : لا فرق بين المؤونة السابقة على التعلق والمؤونة اللاحقة ، الظاهر هو الفرق بينهما فان الزكاة تعلقت من حين انعقاد الحبة والعشر ونصف العشر ينتقل الى ملك الفقير وتسعة اعشار او اكثر من ذلك يبقى في ملك المالك ولا يجب على المالك الحفاظ على ملك الفقير فعلى المالك ان يطلب من الحاكم الشرعي تسليم مال الفقير والحفظ عليه او يطلب من الحاكم الشرع الاجرة على الحفاظ على مالك الفقير الى زمان التصفية .


[1]بقره/سوره2، آیه219.