الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة – تكملة البحث السابق
الى هنا قد تبين انه لا تعارض بين الطائفة الاولى والطائفة الثانية على تقدير صحة الطائفة الثانية سندا فان الثانية ناصه في نفي وجوب الزكاة واما الاولى فهي ظاهرة في وجوب الزكاة فلابد من حمل الظاهر على النص الذي هو من احد موارد  الجمع الدلالي العرفي، فالعمدة ان الطائفة الثانية بأجمعها ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد بها وعندئذ لابد من العمل بالطائفة الاولى وان ما يأخذه السلطان حصته من الزرع باسم المقاسمة فلا شبهة في انه مستثنى من الزكاة واما ما يأخذه باسم الخراج فقد ذكرنا انه لا دليل على استثناء ما يعادل الخراج من حاصل الارض والخراج هو عبارة عن كمية من النقود وضعه السلطان على الارض
بقي هنا شيء اخر وهو ان عامل السلطان اذا اخذ ازيد مما قرره السلطان اجرة له ظلم وعدوان ولم يتمكن الزارع من الامتناع لا جهرا ولا سرا فلا يكون الزارع ضامن لحصة الفقراء في الزائد فانه مأخوذ عدوانا وظلما فهو بمثابة التالف بدون تقصير الزارع فاذا تلف من النصاب بدون تقصير الزارع فلا يكون ضامن لزكاة التالف وما نحن فيه من هذا القبيل .
ثم ذكر الماتن (قده) : لا فرق في ذلك بين ان يكون الزائد مأخوذ من نفس الغلة او من غيرها اذا كان الظلم عام واما اذا كان الظلم شخصيا فالأحوط الضمان لحق الفقراء في الزائد[1]، فأما اذا كان الزائد مأخوذا من نفس الغلة فلا شبهة في انه مستثنى من الزكاة لان اخذ الزائد ظلما وعدوانا فهو بمثابة التالف من النصاب من دون تفريط الزارع فاذا تلف من النصاب من دون تفريط الزارع فلا يكون ضامنا لحصة الفقراء في هذا الزائد، اما اذا كان الزائد مأخوذا من مال اخر لا من الزرع فلا دليل على استثنائه ما يعادل الزائد من الزكاة فلا دليل على ذلك وبلا فرق في ان يكون الظلم عام او خاص، ودعوا انه بمثابة المؤونة التي تصرف على الاعيان الزكوية فان هذه الدعوى مدفوعة فانه على تقدير تسليم ان المؤونة مستثناة فلا فرق بين ان تكون المؤونة دائميه او اتفاقية وعلى كلا التقديرين فهي مستثناة ومع الاغماض عن ذلك فقد تقدم ان المؤونة في باب الزكاة غير مستثناة فما صرفه الزارع من الاموال في الزرع فلا يستثنى من حاصل الارض ما يعادل المؤونة لان الزكاة ليس كالخمس فان المؤونة مستثناة في الخمس ولا دليل على استثنائها في الزكاة .
بقي هنا شيء بالنسبة الى المسألة المتقدمة وهو ان الشيخ الطوسي (قده) قد حمل الطائفة الثانية من الروايات على ان مفادها نفي الزكاة عن المجموع أي مجموع حصة السلطان وحصة الزارع والنفي عن المجموع لا ينافي ثبوت الزكاة في حصة الزارع فهذه الروايات لا تدل على نفي الزكاة عن حصة الزارع وانما تدل على نفي الزكاة عن حصة السلطان فقط باعتبار ان نفي الزكاة عن مجموع الحصتين لا ينافي ثبوت الزكاة في حصة الزارع باعتبار نفي المجموع لا ينافي ثبوت الحكم لبعض الاجزاء، ولكن هذا الجمع غير صحيح :
اما اولا : ان هذا الجمع جمع تبرعي ولا ينطبق عليه شيء من ضوابط الجمع الدلالي العرفي لا حمل العام على الخاص ولا حمل المطلق على المقيد ولا حمل الظاهر على الاظهر ولا حمل المحكوم على الحاكم
ثانيا : انه خلاف الظاهر جدا فان مفاد هذه الطائفة ليس نفي الزكاة عن حصة السلطان ومفادها انما هو نفي الزكاة عن حصة الزارع اذا اخذ السلطان حصته من الزرع فلا زكاة على الزارع في الباقي وهو صريح في ذلك فكيف يمكن حمل هذه الروايات على نفي الزكاة عن حصة السلطان وهذه الروايات تدل على نفي الزكاة عن حصة الزارع
فالنتيجة ان هذا الحمل غير صحيح فالعمدة ان هذه الروايات ضعيفة من ناحية السند وما جاء في تقرير السيد الاستاذ (قده) مشوش ولا يمكن الاعتماد على شيء منه .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، ج4، ص71، ط ج.