الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة – تكملة الرد على السيد الاستاذ (قده)
ذكرنا ان هنا طائفتين من الروايات الطائفة الاولى تدل على وجوب الزكاة على الزارع بعد اخذ السلطان حصته من الزرع اذا كان الباقي بقدر النصاب وهذه الروايات واضحة الدلالة وتامة من ناحية السند كصحيحة محمد ابن مسلم وصحيحة ابي بصير وصحيحة ابي نصر، وفي مقابل ذلك طائفة اخرى تدل على ان السلطان اذا اخذ حصته من الزرع فلا زكاة في الباقي وهذه الروايات تامة من ناحية الدلالة وتدل على ان السلطان اذا اخذ حصته من الزرع فلا زكاة على الزارع في الباقي، واما اذا لم يأخذ فعيه الزكاة وهذه الروايات تامة الدلالة ولكنها ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها والسيد الاستاذ على ما في تقرير بحثه قد بنى على ان رواية رفاعة صحيحة من ناحية السند فان في سند هذه الرواية احمد ابن اشيم وهو لم يوثق في كتب الرجال ولكنه موجود في اسناد كامل الزيارة فمن هذه الناحية بنى السيد الاستاذ (قده) على صحة هذه الرواية ولكن ذكرنا غير مرة انه لا يمكن الاعتماد على اسناد كامل الزيارة في التوثيقات ومن هنا عدل السيد الاستاذ عن ذلك وبنى على عدم الاعتماد في اسناد كامل الزيارة على التوثيق، فاذا هذه الروايات بأجماعها ضعيفة ومع الاغماض عن ذلك وتسليم انها تامة من ناحية السند فهل يمكن الجمع الدلالي العرفي بين هذه الروايات والطائفة الاولى التي تدل على وجوب الزكاة في الباقي بعد اخذ السلطان حصته من الزرع فهل يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما ؟
الظاهر ان الامر كذلك فان التعارض بينهما غير مستقر ويمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما فان الطائفة الاولى ظاهرة في وجوب الزكاة في الباقي بكلمة عليك وان الزكاة على المتقبلين في حصصهم وكلمة على ظاهرة في الوجوب، واما هذه الطائفة فهي ناصه في نفي الوجوب لا زكاة في الباقي بعد اخذ السلطان حصته من الزرع فهذه الطائفة الثانية ناصه في نفي الوجوب واما الطائفة الاولى فهي ظاهرة في الوجوب فيمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما بحمل الظاهر على النص فانه من احد موارد الجمع الدلالي العرفي حمل الظاهر على النص او حمل الظاهر على الاظهر فالتعارض بينهما غير مستقر ولا يسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند فلا مانع من التعبد بسند كلا الطائفتين ويجمع بينهما في الدلالة بحمل الظاهر على الاظهر
فالنتيجة ان اخراج الزكاة مستحب من الباقي وليس هو واجب وهذا هو مقتضى القاعدة اما السيد الاستاذ (قده) قد ذكر على ما جاء في تقرير بحثه انه لا بد من طرح الطائفة الثانية وانها مقطوعة البطلان اذ لم يقل احد بمضمونها عدا ما نسب الى ابي حنيفة من انه لا زكاة في الاراضي الخراجية ولهذا تكون هذه الطائفة مقطوعة البطلان، ومضافا الى ان هذه الطائفة معارضة بالطائفة الاولى التي تدل بالصراحة على وجوب الزكاة في الباقي بعد اخذ السلطان حصته من الزرع فالتعارض مستقر فلابد من تقديم الاولى على الثانية وان الطائفة الاولى روايات مشهورة واما الثانية روايات شاذة ولابد من طرحها ورد علمها الى اهلها او حملها على التقية من جهة انها موافقة لمذهب ابي حنيفة، فما ذكره السيد الاستاذ على ما جاء في تقرير بحثه غريب .
اما اولا : فكيف يمكن ببطلان هذه الطائفة فلا يمكن القطع بذلك اذ احتمال صدورها موجود فان القطع بالبطلان لا يمكن الا بالروايات التي تكون مخالفة للكتاب والسنة بالتباين او بالعموم من وجه فان الرواية اذا كانت مخالفة للكتاب بالتباين او بالعموم من وجه فهذه الرواية باطلة جزما واما اذا لم تكن كذلك فكيف يمكن القطع بالبطلان فما جاء في تقرير بحث السيد الاستاذ من القطع بالبطلان غريب
واما ثانيا : ما ذكره (قده) من التعارض فقد ذكرنا ان التعارض بينهم غير مستقر فان الطائفة الاولى ظاهرة في الوجوب والطائفة الثانية ناصه في نفي الوجوب فلابد من حمل الظاهر على النص الذي هو من احد موارد الجمع الدلالي العرفي فالتعارض بينهم غير مستقر وعلى تقدير الاستقرار فما ذكره السيد الاستاذ من تقديم الطائفة على الطائفة الاثنية من جهة انها روايات مشهورة واما الطائفة الثانية فهي روايات شاذة فقد ورد في مقبولة عمر ابن حنظلة (خذ ما اشتهر بين اصحابك ودع نادر)[1] فلابد من طرح الروايات الشاذة والاخذ بالروايات المشهورة، والظاهر ان المقبولة لا تنطبق على المقام فان ما اشتهر بين اصحابك هي الروايات المشهورة بين الاصحاب التي هي قطعية الصدور فان الشهرة في الرواية تختلف عن الشهرة في العمل فاذا كانت الرواية مشهورة بين الاصحاب فمعناها جميعهم رووها والروايات الشاذة مخالفة للسنة فلا تكون حجة ولابد من طرحها وما نحن فيه فليس كذلك فان الطائفة الاولى ليست مقطوعة الصدور غاية الامر انها تامة من ناحية السند والدلالة اما انها ليست روايات متواترة فلا يمكن طرح الطائفة الثانية من هذه الناحية ناحية انها مخالفة للسنة وروايات شاذة
واما اذا اراد من الشهرة هي الشهرة في العمل فقد ذكرنا ان الشهرة في العمل لا اثر لها فان عمل المشهور بالرواية لا يكون جابر لضعفها ولا كاسرا لصحتها فوجوده كالعدم ولا اثر له فلا تصلح ان تكون مرجحة فاذا كان التعارض بين الطائفة الاولى والطائفة الثانية مستقر والمشهور قد عمل بالطائفة الاولى فهذا العمل المشهور لا يكون مرجحا
فالنتيجة : ان ما ذكره السيد (قده) على ما جاء في تقرير بحثه فلا يمكن المساعدة عليه اصلا .


[1] عوالي اللئالي، محمد بن علي ابن ابراهيم ابن ابي جمهور الاحسائي، ج3، ص129.