الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/08/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الغلاة
ذكر المتن (قدس) وقت الاخراج الذي يجوز للساعي المطالبة به حيث انه اذا اخر عن ذلك يكون ضامن، ووقت الاخراج في الحنطة والشعير التصفية والاجتذاب في التمر والاقتطاف في الزبيب فان المالك ملزم بإخراج الزكاة في هذا الوقت ولا يجوز له التأخير فاذا اخر فهو ضامن كما في المتن وكذلك ذكره السيد الاستاذ (قدس) على ما في تعليقته اذا اخر فهو ضامن، ومن الواضح ان مجرد التأخير لا يوجب الضمان فان الموجب للضمان هو التلف وعلى مسلك الماتن من انه يرى ان نسبة الزكاة الى النصاب نسبة الكلي في المعين وعلى هذا فاذا تلف النصاب جميعا او اتلفها اما بالتصرف الخارجي او بالتصرف الاعتباري كالبيع او الهبة او ما شاكل ذلك فعندئذ يكون ضامنا للزكاة فانها لا تنطبق حينئذ على شيء، واما لو تلف من الغنم تسعة وثلاثين وبقية واحدة فلا ضمان لان الزكاة تنطبق على هذه الواحدة نعم لا يجوز له التصرف فيها واتلافها لان اتلافها اتلاف للزكاة فعندئذ لا ضمان عليه، فما ذكره الماتن من الضمان وكذا جاء في تعليق السيد الاستاذ فلا يمكن توجيهه بتوجيه صحيح .
ثم ذكر السيد الاستاذ (قدس) ان وقت الاخراج في الحنطة والشعير وقت التصفية وفي التمر وقت الاجتذاب وفي الزبيب وقت الاقتطاف وقد استدل على ذلك بوجوه :-
الوجه الاول : الاجماع فانه قد ادعي الاجماع على ذلك في كلمات غير واحد من الاصحاب ولكن ذكرنا انه لا يمكن التمسك به لانه في نفسه لا يكون حجة الا اذا وصل من زمن الائمة عليهم السلام الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة ولا طريق لنا الى احراز ذلك سواء اكان الاجماع بين المتأخرين ام كان بين المتقدمين فمن اجل ذلك لا يمكن الاعتماد على الاجماع
الوجه الثاني : السيرة كما ذكره السيد الاستاذ على ما في تعليقته فان السيرة جارية من زمن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم فلا يرسل الساعي الى المالك الا بعد تصفية الغلة واجتذاب التمر واقتطاف الزبيب وهذه السيرة حجة، ولكن الظاهر ان مثل هذه السيرة لا اثر لها اذ ليس هذا من سيرة العقلاء ولا من سيرة المتشرعة فان السيرة انما تكون حجة اذا كانت موافقة لمرتكزات النفس وميول الناس فطرتا كالسيرة الجارية على حجية اخبار الثقة فان قبول خبر الثقة امر ارتكازي اذا سمع الخبر من الثقة يقبل بدون أي منبه او أي سبب فانه امر ارتكازي وفطري وكذلك قبول قول اهل الخبرة امر ارتكازي لا يحتاج الى أي سبب وقبول قول العالم بالنسبة الى الجاهل واما في المقام فليس كذلك فان سبب ان النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم او الائمة عليهم السلام فرضنا انهم لم يرسلوا الساعي الى مطالبة الزكاة من المالك الى بعد تصفية الزكاة في الحنطة والشعير وبعد الاجتذاب في التمر وبعد الاقتطاف في الزبيب الا انه من جهة ان حق الفقراء تعلق بالحنطة والشعير من حين انعقادها ولكن اخذ حصة الفقراء من المالك في حال كونها مزرعة بحاجة الى السقي الى زمان حصادها والتصفية بعد الحصاد والفقراء لا يقدرون على ذلك فمن اجل هذه النكتة لم يرسلوا الساعي للمطالبة الا بعد التصفية ليأخذها ويعطيها للفقراء، وايضا استدل على ذلك بصحيحة سعد بن سعد الأشعري، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : سألته عن الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، متى تجب على صاحبها ؟ قال : إذا صرم[1]وإذا خرص)[2] فان هذه الصحيحة تدل على ان زمان الوجوب هو زمان قطع الثمرة من الشجر وهو زمان الوجوب، ولكن هذه الصحيحة تدل على ان وقت الوجوب هذا الزمان اما انه لا يجوز المطالبة بالزكاة قبل ذلك فليس في الصحيحة دلالة على ذلك، ومنها صحيحة أبي مريم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : ( وآتوا حقه يوم حصاده )، قال : تعطي المسكين يوم حصادك الضغث، ثم إذا وقع في البيدر، ثم إذا وقع في الصاع العشر ونصف العشر)[3] ذكر السيد الاستاذ المراد من قوله تعالى واتوا حقه الصدقة المستحبة فان الصدقة الواجبة بعد التصفية بالعشر ونصف العشر اما اعطاء المسكين هذا بعنوان المستحب لكن ذلك خلاف الظاهر فان الصدقة المستحبة لا تكون ثابتة في الذمة بل هي مجرد تكليف، ولكن حمل الآية على الصدقة المستحبة هو خلاف الظاهر مضافا الى ان الكلام في سند هذه الرواية فان في سندها حسين ابن محمد وهو وان ورد  في اسناد كامل الزيارة الا انه لا يكفي لتوثيقه حتى ان السيد الاستاذ (قدس) قد عدل عن ذلك ولم يعتمد على اسناد كامل الزيارة لكن بنى على وثاقته من جهة انه من مشايخ الكليني وبنى على ان مشايخ الكليني ثقة وفيها كلام طويل ان مشايخ الكيني ثقة او ليسوا بثقة ومعلى محمد في سند هذه الرواية وايضا هو من مشايخ الكليني ولكن ذكر النجاشي في حق معلى ابن محمد انه مسترب الحديث وفسر السيد الاستاذ على ما في تقرير بحثه ان المراد من مسترب الحديث انه يروي الاحاديث الشاذة والغريبة، ولكن ان هذا التفسير هو خلاف الظاهر فان مسترب الحديث عرفا الذي لا يبالي بحديثه يزيد وينقص ويحذف فمن اجل ذلك لا يعتمد على حديثه والظاهر ان مراد النجاشي انه مسترب الحديث لا يكون ثقة ولا يكون حافظا للحديث بل هو يتصرف فيه بالزيادة او النقيصة او الحذف ليس ما ذكره السيد الاستاذ (قدس)، فمن اجل ذلك هذه الرواية من حيث السند لا يمكن اتمامها ولا تكون حجة، والنتيجة ان وقت الزكاة اخراج الزكاة دخل من وقت تعلق الزكاة بهذه الاعيان غاية الامر انه يجوز للمالك تأخير الاخراج وهو نوع من الارفاق على المالك كما يجوز للمالك ان يطلب الاجرة من الحاكم الشرعي ازاء بذل الجهد في تربية حصة الفقراء .


[1] الصرم هو كناية عن التصفية في الحنطة والشعير والاجتذاب في التمر والاقتطاف في الشعير.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص195، ب12، ح1، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص196، ب13، ح3، ط ال البيت.