الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/06/20

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة النقدين
ذكر الماتن قدس سره : لا تجب الزكاة في الحلي ولا في انية الذهب والفضة، اما  عدم وجوب الزكاة في انية الذهب والفضة فهو واضح لان الزكاة انما تجب في الدرهم والدينار المسكوكين الرائجين في المعاملات ولو نوعا اما اذا لم يكون من الدرهم او الدينار او كان ولكن لم يكون رائجا في السواق بحيث اذا عرض فلا يقبل بعنوان ثمنية الدرهم او الدينار انما يقبل بعنوان انه فضة او بعنوان انه ذهب وله قيمة، واما الحلي فان كان بتغير الدرهم والدينار فلا شبهة في عدم وجوب الزكاة فيه فانه لا يصدق عليه عنوان الدرهم والدينار فينتفي وجوب الزكاة حينئذ بانتفاء موضوعه، واما اذا جعل نفس الدرهم او الدينار بعنوانه حلي فعندئذ هل تجب الزكاة فيه اذا كان بقدر النصاب وحال عليه الحول او لا تجب ؟ فهنا طائفتان من الروايات :-
الطائفة الاولى : اتدل على انه لا تجب الزكاة في الحلي ومقتضى اطلاق هذه الطائفة ان الحلي وان كان من الدرهم او الدينار فلا تجب الزكاة فيه وان كان من الدرهم والدينار الرائج في السوق بحيث اذا عرض يؤخذ بعنوان ثمن الدرهم او الدينار فمقتضى اطلاق هذه الطائفة عدم وجوب الزكاة في الحلي وان كان من الدرهم او الدينار
الطائفة الثانية : وهي تدل على وجوب الزكاة في الدرهم والدينار ومقتضى اطلاق هذه الطائفة وجوب الزكاة في الدرهم والدينار وان كان حلي
والنسبة بين الطائفتين عموم من وجه ومورد الالتقاء بينهما هو الدرهم او الدينار اذا كان بعنوانه حلي فان مقتضى اطلاق الطائفة الاولى عدم وجوب الزكاة فيه ومقتضى اطلاق الطائفة الثانية وجوب الزكاة فيه فتقع المعارضة بينهما في مورد الاجتماع والالتقاء، قد يقال كما قيل ان المعارضة بينهما مستقرة وحيث لا ترجيح في البين لاحدا الطائفتين على الاخرى فتسقطان معا في مورد الاجتماع والمرجع هو العام الفوقي وهو ما دل على وجوب الزكاة في مطلق الذهب والفضة كالآية المباركة (والذين يكنزون الذهب والفضة) هذه الآية بإطلاقها تدل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانا مسكوكين بسكة المعاملة او لا
والظاهر ان هذا غير صحيح فانه على تقدير تسليم المعاملة بينهما وسقوطهما معا بالتعارض فالمرجع هو الاصل العملي فان الآية المباركة لا اطلاق لها بل انما هي في مقام تشريع اصل وجوب الزكاة اما كيفية هذا الوجوب وكميته وحدوده وشروطه فليست الآية في مقام البيان من هذه الناحية فلا اطلاق لها لكي يمكن ان يكون اطلاقها مرجع وعلى تقدير ثبوت المعارضة بعد سقوطهما فالمرجع هو الاصل العملي وهو البراءة عن وجوب الزكاة، ولكن الصحيح ان التعارض بينهما غير مستقر ولا يسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند ويمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما فانه لابد من تقديم الطائفة الاولى على الثانية لإمرين :-
الامر الاول : ان الطائفة الاولى بالنسبة الى الثانية بمثابة الاستثناء فاذا ضممنا الطائفة الاولى الى الثانية فالمتفاهم العرفي من ذلك ان الطائفة الثانية بمثابة الاستثناء من الطائفة الاولى فانها تدل على وجوب الزكاة في الشريعة المقدسة في الدرهم والدينار وان الشارع جعل الزكاة في الدرهم والدينار والطائفة الثانية تدل على ان الدرهم والدينار اذا كان حلي فلا زكاة فيه، ومن الطبيعي ان الاستثناء مقدم على المستثنى منه ويوجب تقيد اطلاقه او تخصيص عمومه فاذا كان حلي فلا زكاة فيه وحيث ان المرتكز في اذهان العرف تقديم المستثنى على المستثنى منه فلابد من تقديم الطائفة الثانية على الاولى او قل ان الطائفة الثانية بمثابة قاعدة لا ضرر فكما ان قاعدة لا ضرر ناظرة الى الاحكام المجعولة في الشريعة المقدسة وهذه الاحكام ثابتة شرط ان لا تكون ضرريه او لا تكون حرجية والطائفة الاولى بالنسبة الى الطائفة الثانية كذلك فان الثانية ناظرة الى الادلة التي تدل على جعل وجوب الزكاة في الشريعة المقدسة في الدرهم والدينار ولكن تدل شريطة ان لا يكون الدرهم والدينار حلي واما اذا كانا حلي فلا زكاة فيهما فعندئذ لا مناص من تقديم الطائفة الاولى على الثانية وان كانت النسبة بينهما عموم من وجه كما هو الحال في مثل قاعدة لا ضرر بالنسبة الى الادلة الاولية فلا شبهة في التقديم وانه من باب الحكومة، ومن هنا لو لم يكن وجوب الزكاة مجعول في الشريعة المقدسة لكانت الطائفة الثانية لغوا فلا معنى لنفي وجوب الزكاة عن الحلي اذا كان درهم او دينار فلا زكاة في الدرهم والدينار في الشريعة المقدسة، فمن اجل ذلك تكون هذه القاعدة حاكمة ومقدمة عليها
الامر الثاني : ان الطائفة الثانية لها ظهوران الاول ظهورها في موضوعية الحلي وانه موضوع لعدم وجوب الزكاة في الدرهم والدينار فالطائفة الاولى ظاهرة في موضوعية الحلي المأخوذ في لسان هذه الطائفة وهذا الظهور عرفي ولا يتوقف على أي شيء، الظهور الاخر ظهورها في الاطلاق وان الحلي لا زكاة فيه مطلقا سواء اكان من الدرهم والدينار او بتغيرهما لا فرق من هذه الناحية، فاذاً للطائفة الثانية ظهورا واحد وهو الظهور المستند الى مقدمات الحكمة وهو الظهور الاطلاقي فان الطائفة الثانية ظاهرة في ان لعنوان الدرهم والدينار دخلا في وجوب الزكاة وهذا الظهور مستند الى الاطلاق ومقدمات الحكمة، ومن الواضح ان الظهور العرفي للطائفة الاولى مقدم على الظهور الاطلاقي فان الظهور العرفي الذي لا يتوقف على شيء هو اقوى من الظهور الاطلاق من باب تقديم الاظهر على الظاهر والاقوى على الضعيف، فاذاً ظهور الطائفة الاولى في موضوعية الحلي بما انه ظهور عرفي وهو اقوى من ظهور الطائفة الثانية في الاطلاق المستند الى مقدمات الحكمة بما انه اقوى فهو يتقدم عليه ولا يمكن عكس ذلك والا لزم الغاء عنوان الحلي وهو لا يمكن .