الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الانعام الثالث – الشروط – الحول
تحصل مما ذكرنا ان الروايات التي تدل على زكاة الانعام الثلاثة مثلا في اربعين شاة شاةٌ وفي مئة وواحد وعشرين شاتان وهكذا وفي خمسة ابل شاة وفي عشرة شاتين وهكذا وفي ثلاثين بقرة ابن تبيع،هذه الروايات غير ناظرة الى اختلاف النصاب في المالية فان الملحوظ في هذه الروايات النصاب فاذا بلغ النصاب اربعين ففيها شاة واحدة وكذلك ما يصدق عنوان البقر اذا بلغ ثلاثين ففيها تبيع وكذلك ما يصدق عليها عنوان الابل اذا بلغ خمسة ابل ففيها شاة وهكذا المالية غير ملحوظة ولا شبهة في اختلاف قيمة الابل بعضها عن البعض الاخر كما ان مالية الشاة تختلف باختلاف افرادها فالمالية غير ملحوظة اصلا، فان المناط انما هو في النصاب فقط
ثم ذكر الماتن قدس سره : (مسألة 13): إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد إما بالنتاج وإما بالشراء أو الإرث أو نحوهما فإن كان بعد تمام الحول السابق قبل الدخول في اللاحق فلا إشكال في ابتداء الحول للمجموع إن كمل بها النصاب اللاحق، وأما إن كان في أثناء الحول فإما أن يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو ولم يكن نصابا مستقلا ولا مكملا لنصاب آخر، وإما أن يكون نصابا مستقلا، وإما أن يكون مكملا للنصاب، أما في القسم الأول فلا شيء عليه كما لو كان له هذا المقدار ابتداء وذلك كما لو كان عنده من الإبل خمسة فحصل له في أثناء الحول أربعة اخرى، أو كان عنده أربعون شاة ثم حصل له أربعون في أثناء الحول، وأما في القسم الثاني فلا يضم الجديد إلى السابق، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده [1]، فهنا صورتان الاولى ان يكون الملك الجديد بعد الحول وهذا يتصور على صور ايضا الاولى ان يكون الملك الجديد بمقدار العفو لا يكون في نفسه نصاب مستقل ولا مكمل للنصاب بل هو بمقدار العفو ثانيا ان يكون نصاب مستقل ثالثا ان يكون مكمل للنصاب وكذلك الصورة الثاني : وهي فيما اذا كان الملك الجديد في اثناء الحول وهذه الصورة ايضا تتصور على صور اولا ان يكون الملك الجديد بمقدار العفو فلا يكون نصاب مستقل ولا مكمل للنصاب ثانيا ان يكون الملك الجديد نصاب مستقل ثالثا ان يكون مكملا للنصاب
اما الصورة الاولى : وهو في ما اذا كان اللك الجديد بمقدار العفو كما اذا فرضنا انه مالك لخمسة ابل وبعد الحول ودخول الشهر الثاني عشر ملك ثلاثة ابل اخرى فهذه الثلاثة لا تكون مكملة للنصاب الاخر ولا تكون بنفسها نصاب فهذه الثلاثة بمقدار العفو ولا زكاة فيها لانها لا تكون بنفسها نصاب ولا تكون مكملة لنصاب اخر فلا زكاة في الملك الجديد ولا اثر له
الصورة الثانية : وهي ما اذا كان الملك الجديد نصاب مستقل كما اذا كان مالك لخمسة من الابل وحال عليها الحول ودخل الشهر الثاني عشر وتم حولها وبعد ذلك ملك خمسة ابل اخرى وهي نصبا مستقل ففي مثل ذلك لابد من بدء الحول بعد الشهر الثاني عشر فانه متوسط بين الحولين الماضي والحول الاتي والاتي يبدئ بعد الشهر الثاني عشر أي من اول الشهر الثالث عشر فيبدئ الى ان يتم الحول الثاني فعليه زكاة وهي شاة فعيه دفع شاة وهذا ايضا واضح
واما الصورة الثالثة : في ما اذا كان الملك الجديد مكمل للنصاب كما اذا فرضنا انه مالك لسبعة من الابل وبعد الحول ملك ثلاثة من الابل فهذه الثلاثة مكملة للنصاب الثاني فصار المجموع عشرة من الابل فاذاً هذه الثلاثة التي هي ملك جديد مكملة للنصاب الثاني فمبدئ هذا النصاب بعد مضي الشهر الثاني عشر نصاب المجموع من الابل من اول الشهر الثالث عشر وهذا واضح ولا شبهة فيه
والكلام في الصورة الثانية وهي فيما اذا كان الملك الجديد بمقدار العفو كما اذا ملك خمسة ابل في اول شهر محرم وفي اول شهر رجب ملك ثلاثة ابل اخرى فهذه الثلاثة ليست نصا قل ولا مكملة للنصاب ولهذا لا اثر لها او مثلا ملك في اول شهر محرم اربعين شاة ثم في اول شهر رجب ايضا ملك اربعين شاة فهو ليس نصاب مستقل ولا مكمل للنصاب ولكن نسب الى الشهيد رحمه الله انه نصاب مستقل باعتبار ان ما ورد في صحيحة الفضلاء في كل اربعين شاة شاةُ والمفروض انه ملك اربعين شاة من اول شهر المحرم وفي اول رجب ملك اربعين شاة اخرى، وصحيحة الفضلاء تشمل ذلك وفي كل اربعين شاة غاية الامر سنة النصاب الاول يتم في شهر محرم الاتي واما سنة نصاب الثاني تتم في شهر رجب الاتي، هكذا نسب الى الشهيد رحمه الله الا ان هذا القول غير تام ولا اصل له وذلك لإمرين :
الامر الاول : ان الشارع جعل للأغنام خمسة نصب الاول اربعين شاة والثاني مئة وواحد وعشرين شاة ومن هنا يظهر ان بين النصابين فلا اثر له فاذا ملك ثمانين شاة فلا اثر له واذا ملك مئة وعشرين شاة فلا يجب عليه الا شاة واحدة فاذاً الشارع جعل النصاب الاول اربعين شاة والثاني مئة وواحد وعشرين والثالث مئتين وواحد والرابع ثلاثة مئة وواحدة والخامس اربع مئة في كل مئة شاة فاذاً جعل هذه النصاب معناه ان ما بين النصابين لا زكاة فيه فالزكاة انما هي فيما اذا ملك هذا النصاب فليس في كل اربعين شاة شاةٌ فاذا فرضنا ان المالك ملك مئة وعشرين شاة فليس عليه ثلاث شياه في كل اربعين شاة شاةٌ، والمراد من الكل بحسب المالك اذ كل مالك اذا ملك اربعين شاة فعليه زكاتها وهي شاة لا ان في كل اربعين شاة شاةُ وايضا في نفس هذه الرواية نفي الزكاة عن ما بين النصابين عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وبريد والفضيل، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما السلام ) (في كل أربعين شاة شاة، وليس فيما دون الاربعين شيء ثم ليس فيها شيء، حتى تبلغ عشرين ومائة، فاذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة، فاذا زادت على مائة وعشرين ففيها شاتان)[2] فهذه الصحيحة ناصه في نفي الزكاة في ما بين النصابين فلا يمكن القول ان في كل اربعين شاة شاةٌ والعموم بلحاظ المالك لا بلحاظ الملك، والنتيجة ان ما نسب الى الشهيد قدس سره غير تام واما اذا كان الملك الجديد نصاب مستقل كما اذا فرضنا انه كان مالك اربعين شاة من اول شهر محرم الى اول شهر رجب ثم ملك اثنتان وثمانين شاة اخرى او ملك مئة وواحد وعشرين شاة نصابا مستقلا ففي مثل ذلك هل يندك النصاب الاول في الثاني او ان كل منهما نصاب مستقل ؟


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج4 ص47، ط ج.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9، ص110، ح1، باب تقدير النصب، ط ال البيت.