الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الانعام الثالث - الشروط
ذكر الماتن قدس سره : الشرط الثالث: أن لا يكون عوامل ولو في بعض الحول بحيث لا يصدق عليها أنها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول [1]، معلوم ان استثناء العامل انما هو من السائمة فان الانعام الثلاثة اذا كانت سائمة وجب عليها الزكاة والمستثنى منها انما هو العوامل شريطة ان لا تكون من العوامل اما اذا كانت منها فلا زكاة فيها وان كان كلام الماتن مطلق لكن من الواضح ان العوامل مستثنات من السائمة واما اذا كانت الانعام الثلاثة معلوفه فلا زكاة فيها سواء كانت من العوامل او لم تكن فاذاً استثناء العوامل انم هو من السائمة فالأنعام الثلاثة اذا كانت سائمة ففيها الزكاة شرط ان لا تكون من العوامل، وهذا هو المعروف بين الاصحاب بل دعوى الاجماع على ذلك في كلمات غير واحد من الاصحاب وكيف ما كان فالعمدة هي الروايات واما الاجماع فلا يمكن الاعتماد عليه والروايات صريحة على انه لا زكاة على العوامل منها صحيحة الفضلاء
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وبريد العجلي والفضيل، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام ) ـ في حديث زكاة الابل ـ قال : وليس على العوامل شيء، إنما ذلك على السائمة الراعية [2]، ومنها صحيحة الفضلاء ايضا عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) في حديث زكاة البقر ـ قال : ليس على النيف شيء، ولا على الكسور شيء، ولا على العوامل شيء، إنما الصدقة على السائمة الراعية [3]، ان هذه الصحيحة ايضا واضحة الدلالة، ومنها وبالإسناد عن زرارة قال : قلت لابي عبدالله ( عليه السلام ) : هل على الفرس او البعير تكون للرجل يركبها شيء ؟ فقال : لا، ليس على ما يعلف شيء، إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شيء [4]،  فان هذه الصحيحة تدل على انه لا زكاة على الابل اذا كانت عاملة والزكاة انما هو على السائمة الراعية في مرجاها وهي الاراضي الواسعة المباحة التي فيها اشجار وعش، فهذه الروايات واضحة الدلالة
لكن في مقابلها روايات اخرى تدل على وجوب الزكاة على العوامل وان الزكاة واجبة على العوامل منها وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن اسحاق بن عمار قال : سألته عن الابل تكون للجمال أو تكون في بعض الامصار، أتجري عليها الزكاة كما تجري على السائمة في البرية ؟ فقال : نعم [5]، فان هذه الموثقة تدل على وجوب الزكاة على الابل الجمالة المستعملة في العمل وهي من العوامل وهذه الموثقة تدل على وجوب الزكاة فيها، ومنها موثقته الاخرى عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن اسحاق ابن عمار قال : سألت أبا إبراهيم ( عليه السلام ) عن الابل العوامل، عليها زكاة ؟ فقال : نعم، عليها زكاة [6]، وان هذه الموثقة اوضح من الموثقة الاول تدل على وجوب الزكاة على العوامل من الابل، فتقع المعارضة بين هاتين الموثقتين وبين الصحاح المتقدمة فهل يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما حتى لا تصل النوبة الى التعارض بينهما وان المعارضة بينهما ليست مستقرة لإمكان الجمع الدلالي العرفي بينهما او ان المعارضة بينهما مستقرة فلا يمكن الجمع الدلالي العرفي بينهما
ذكر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه ان الجمع العرفي الدلالي بينهما لا يمكن فان العرف يرى التعارض والتنافي بينهما بين ما فيه الزكاة وما ليس فيه الزكاة بين هاتين العبارتين وعدم امكان الجم العرفي الدلالي فيسري التعارض الى مرحلة السند فاذا سرى التعارض فمستقر فعندئذ لابد من الرجوع الى مرجحات السند من جملة مرجحات السند اذا كان احد المتعارضين موافق للعامة والاخر مخال فلابد من تقديم المخالف على الموافق وحمل الموافق على التقية وفي المقام المشهور عند العامة عدم استثناء العوامل نعم نسب الى بعض العامة عدم وجوب الزكاة لكن المعروف والمشهور بين جمهور العامة وجوب الزكاة في العوامل ولا فرق من هذه الناحية بين العوامل والسائمة من ناحية وجوب الزكاة، وعلى أي حال فالموثقتان موافقة للعامة واما الصحاح المتقدمة مخالفة للعامة فلابد من ترجيحها وحمل الموثقتين على التقية هكذا استظهر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه وحمل الموثقتين على التقية والاخذ بالصحاح المتقدمة وهو عدم وجوب الزكاة في العوامل
لكن الظاهر ان الجمع الدلالي العرفي بينهما ممكن فان الصحاح المتقدمة ناصه في نفي الزكاة ليس على العوامل شيء واما الموثقتان فهما ظاهرتان في وجوب الزكاة فان قوله في الموثقة على الابل العوامل عليها زكاة فعليها ظاهر في الوجوب وليس نص في الوجوب فالتعارض ليس كما ذكره السيد الخوئي قدس سره ما فيه الزكاة بل الصحاح المتقدمة ناصه في نفي وجوب الزكاة ليس على العوامل شيء مقتضى الجمع حمل الموثقتين على استحباب الزكاة في العوامل بقرينة نص الصحاح المتقدمة فان التعارض اذا كان بين الظاهر والاظهر او الظاهر والنص نرفع اليد عن الظاهر بحمله على الاستحباب بقرينة الاظهر او النص وفي المقام كذلك فانا نرفع اليد عن ظهور الموثقتين عن وجوب الزكاة بنص الصحاح المتقدمة بنفي الوجوب فالجمع الدلالي العرفي بينهما ممكن، لكن مع الاغماض عن ذلك وان الجمع الدلالي العرفي لا يمكن فيسري التعارض الى مرحلة السند ويقع التعارض بينهما فما ذكره السيد الاستاذ صحيحان المشهور بين العامة وجوب الزكاة في العوامل نعم نسب الى بعض منهم عدم وجوب الزكاة لكن جمهور العامة قائل بوجوب الزكاة فيها فالصحاح المتقدمة مخالفة للعامة والموثقتان موافقة للعامة فلابد من حمل الموافق على التقية وتقديم المخالف على الموافق الذي هو من مرجحات باب المعارضة، واما اذا شككنا في ان هذا النصاب من العوامل او لا فان كان الشك من جهة الشك في المفهوم بان يكون مفهوم العامل مردد بين السعة والضيق وبين الاقل والاكثر فمثلا اذا كان في طول السنة شهر واحد من العوامل او شهرين من العوامل فاذا كان شهرين فلا زكاة فيها اما اذا كان شهر فيشك ان فيها زكاة او ليس فيها زكاة فان المخصص اذا كان مجمل فيؤخذ بالمقدار المتيقن وهو خارج عن العام وفي الزائد المشكوك نرجع الى عموم العام وهل يمكن ام لا يمكن ؟


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج4 ص41.
[2] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص119 ح1، باب اشتراط السوم في الانعام، ط ال البيت.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص119 ح1، باب اشتراط السوم في الانعام، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص119 ح1، باب اشتراط السوم في الانعام، ط ال البيت.
[5] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص120 ح7، باب اشتراط السوم في الانعام، ط ال البيت.
[6] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص121 ح8، باب اشتراط السوم في الانعام، ط ال البيت.