الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الانعام الثالث
ذكر الماتن قدس سره : المدار في القيمة على وقت الاداء سواء كانت العين موجودة او تالفة لا وقت الوجوب [1]، ذكر الماتن  في هذه المسالة ثلاثة فروع، اولا ان المدار بقيمة يوم الاداء لا يوم الوجوب، ثانيا اذا كانت العين موجودة المدار بقيمة بلد الزكاة، ثالثا ما اذا كانت العين تالفة فالمدار على قيمة بلد التالفة
اما الفرع الاول : فان الزكاة متعلقة بالعين تارة نتكلم بزكاة الغلاة واخرى بزكاة الانعام، اما زكاة الغلاة فاذا فرضنا ان الحنطة موجودة فاذاً بطبيعة الحال المناط بقيمة يوم الاداء دون يوم الوجوب والتأخير عن يوم الوجوب الى يوم الاداء تارة يكون هذا التأخير من جهة القصور لا من جهة التقصير واخرى يكون مقصرا في هذا التأخير، اما على الاول فليس عليه شيء لا اثم ولا ضمان فانه كان قاصرا في التأخير وكان معذورا في تأخير اخراج الزكاة ولهذا فلا شيء عليه الاثم ولا الضمان، واما على الثاني اذا كان غير معذورا ومقصرا فعليه اثم فقط واما الضمان فلا لان عين الزكاة موجودة في هذه الحنطة والنازل انما هو قيمتها والمفروض ان القيمة ليست ملك للفقير فهو ليس شريك مع المالك في القيمة وانما هو شريك معه في العين وهي باقية فما تلف هو القيمة وليس الفقير شريك مع المالك في القيمة حتى يكون المالك ضامن من جهة تقصيره انما هو شريك في العين وهي باقية فان الحنطة باقية وهو مالك لعشرها فمن اجل ذلك عليه اثم فقط دون الضمان اذا كان التأخير من جهة تقصير المالك فهو اثم وليس بضامن
اما الفرع الثاني : وهو ان المدار على قيمة البلد فالعين موجودة فالواجب اولا على المالك اخراج الزكاة من نفس العين واما اذا اراد اخراج قيمة الزكاة من النقدين فأيضا له ذلك للمالك اخراج قيمة الزكاة من النقدين فله ذلك وقد تقدم ان صحيحة البرقي تدل على اجزاء اخراج القيمة اذا كانت من النقدين فاذاً يكون المالك مخيرا بين اخراج نفس النصاب من اخراج الزكاة من نفس العين بان يخرج العشر او نصف العشر من نفس العين او يدفع قيمتها من النقدين هو مخيرا بينهما، واما اذا بنينا على ما هو المشهور بين الاصحاب من جواز اخراج قيمة الزكاة من جنس اخر غير النقدين او من جنسه كما اذا اخرج زكاة هذه الحنطة من حنطة اخرى او اخرج زكاة هذه الحنطة من شعير او من شاة او البقر او التمر نحوه فعندئذ اذا دل الدليل على ذلك فان كان لهذا الدليل اطلاق فمقتضى اطلاقه لا فرق بين ان يدفع الشعير في بلد الزكاة او في بلد اخر فاذا فرضنا ان بلد الزكاة هو العراق وهو يدفع الزكاة في ايران او بلد اخر او اذا دفع قيمة الزكاة من جنس اخر كالشاة فمقتضى اطلاق الدليل له ان يدفع الشاة في نفس بلد الزكاة للفقير وله ان يدفع في بلد اخر للفقير وعلى هذا فالمالك مخير بين الامور الثلاثة وهي دفع الزكاة من نفس العين وبين دفع قيمة الزكاة من النقدين وبين دفع قيمة الزكاة من جنس اخر او من جنس الزكاة مخير بين هذه الامور الثلاثة، وانما الكلام في انه هل يجوز له ان يدفع قيمة الشاة عوض عن الشاة او قيمة الشعير الذي هو بدل عن الزكاة او يدفع قيمة التمر الذي هو بدل عن الزكاة هل يجوز ذلك او لا يجوز قد جاء في تقرير السيد الاستاذ قدس سره انه يجوز لا مانع من ذلك اذا جاز دفع زكاة الحنطة بالشعير او بالشاة او بالتمر جاز دفع قيمة الشاة او الشعير او التمر للفقير
الظاهر انه لا دليل على ذلك فان الدليل يدل على جواز دفع قيمة الزكاة من النقدين اما جواز دفع قيمة بدل الجواز من النقدين فلا دليل عليه والمفروض ان الشاة بدل الزكاة والتمر بدل الزكاة والشعير بدل الزكاة ودفع قيمة البدل عوض عنه بحاجة الى دليل وما دل من الدليل انما يدل على دفع قيمة الزكاة من النقدين أي زكاة المتعلقة بالحنطة عشرها او نصف عشرها دفع قيمته من النقدين يجوز ودل الدليل على ذلك، اما دفع بدل الزكاة والدليل يدل على جواز دفع الشاة بدل الزكاة اما قيمة البدل أي الشاة عوض عنها فهو بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك فما جاء في تقرير السيد الاستاذ قدس سره فلا يمكن المساعدة عليه فانه لا دليل على كفاية دفع قيمة البدل عوض عنه من النقدين لا دليل على ذلك
ثم ذكر السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه ان هذه المسألة تشبه مسألة ارث الزوجة من الاشجار على الارض ومن البناء على الارض فان الزوجة لا ترث من الارض وانما ترث مما هو على الارض من الاشجار ومن البنايات ترث من نفس البناء فان الزوجة شريكة مع سائر الورثة في البناء على الارض لا انها ترث من قيمتها القيمة غير موجودة ولا يصدق على القيمة ما ترك من الميت انما هو الاعيان الموجودة على الارض فهي ميراث والزوجة ترث منها غاية الامر للورثة ولاية في تبديل العين التي هي ارث للزوجة تبديلها بالقيمة وليس لها حق الاعتراض على التبديل وهذا ثابت في ارث الزوجة وما نحن فيه كذلك للمالك تبديل الزكاة بالنقد او بجنس اخر مثل زكاة الحنطة بالشعير او بالشاة او البقر او ما شاكل ذلك ولكن هذا ثابت في ارث الزوجة واما في المقام انما هو ثابت بالنسبة للنقدين فقط، اما بالنسبة الى سائر الاجناس وان كان معروفا بين الاصحاب لكن لا دليل عليه ولا يمكن اثباته على تقدير اثباته بدليل ليس للمالك ولاية على ان يدفع قيمة البدل عوض عنه انما ثبت ولاية المالك على تبديل الزكاة بالقيمة من النقدين او بالقيمة على جنس اخر اما تبديل جنس اخر بقيمته من النقدين فالولاية على هذا التبديل لم تثبت فالنتيجة انما ذكره السيد الاستاذ قدس سره من انه اذا جاز دفع شاة عوض عن زكاة الحنطة يجوز دفع قيمة الشاة ايضا ولكن الامر ليس كذلك فان جواز قيمة البدل عوض عن البدل بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك هذا كله بالنسبة الى زكاة الغلاة الاربعة اما في زكاة الانعام الثلاثة ففي كل اربعين شاة شاه فاذا فرضنا ان الدليل يدل على انه يجوز دفع الشاة من خارج النصاب فاذا جاز فلا فرق بين دفع الشاة في بلد الزكاة او دفعها في بلد اخر فان الواجب عليه هو ان يدفعها، اما دفع قيمة الشاة عوض عن الشاة فهو بحاجة الى دليل فانه اذا لم يدفع الشاة التي هي بدل عن الزكاة اما دفع قيمتها عوض عنها فهو بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك فما ذكره السيد الاستاذ قدس سره على ما في تقرير بحثه من انه اذا جاز دفع الشاة من خارج النصاب يجوز دفع قيمتها ايضا
لا ملازمة بينهما فان هذه الملازمة بحاجة الى دليل ولا دليل على ذلك وهكذا الحال بالنسبة الى زكاة الابل وزكاة البقر .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج4 ص38، ط . ج.