الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/03/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الانعام الثالث
ذكر الماتن قدس سره : اقل أسنان الشاة التي تؤخذ في الغنم والابل من الضأن الجذع ومن المعز الثني، والاول ما كمل له سنة واحدة ودخل في الثانية والثاني ما كمل له سنتان ودخل في الثالثة ،[1] مقتضى اطلاقات الادلة والروايات الواردة في زكاة الغنم والابل هو الشاة في اربعين شاة واحدة من الشياه في خمسة ابل شاة فعنوان الشاة هو الزكاة اما هذا القيد الذي يعتبر ان الزكاة هو الجزع ما كمل سنة ودخل في الثانية او ما كمل سنتان ودخل في الثالثة فهذا القيد وان كان معروفا ومشهورا بين الاصحاب بل ادعي عليه الاجماع ايضا الا ان اتمامه بالدليل مشكل ولا دليل على انه يعتبر في زكاة الغنم ان يكون الزكاة التي تدفع للفقير ان تكمل سنة وداخلة في الثانية وفي زكاة المعز يعتبر ان يكمل سنتان ودخل في الثالثة لا دليل على اعتبار هذا القيد ومقتضى اطلاقات الادلة المعتبر هو الشاة العبرة انما هي بصدق هذا العنوان فاذا صدق هذا العنوان فيجزي دفعه للفقير بعنوان الزكاة وان لم يكمل سنة ولم يدخل في الثانية او ان لم يكمل سنتان ولم يدخل في الثالثة طال ما يصدق عليه عنوان الشاة كفى ذلك، فاذاً مقتضى اطلاقات الادلة على ذلك ولكن صاحب الجواهر قدس سره قد ناقش في اطلاقات هذه الروايات بدعوى انها ليست بمقام البيان من هذه الجهة فلا اطلاق لها، فاذا لم تكن بنحو البيان من هذه الجهة فلا اطلاق لها
وهذا الذي ذكره صاحب الجواهر قدس سره لا يمكن المساعدة عليه بل هو غريب فان كل كلام صادر من متكلم ظاهر انه في مقام البيان وحمله على انه ليس في مقام البيان بحاجة الى قرينة ومئونه زائدة فظاهر كل كلام صادر من متكلم عرفي ظاهر في انه في مقام البيان ولا سيما الروايات الواردة من الائمة الاطهار عليهم السلام فهي ظاهرة في ان المولى في مقام البيان فاذا قال المولى في اربعين شاة شاه لا شبهة على انه في مقام البيان وعينها بالشاة ولا اجمال في لفظ الشاة ولا ابهام فيها لا مفهوما ولا مصداقا فكيف لا يكون الامام عليه السلام ليس في مقام البيان في هذا الروايات، بل انه في مقام البيان ويعني تحديد النصاب وبيان ما وجب في كل نصاب من الزكاة شاة في اربعين شاة وشاتان في مئة وواحد وعشرين وهكذا وكذا في حمسة ابل شاة وفي عشرة شاتان وهكذا فلا شبهة في ان هذه الروايات في مقام البيان ولها اطلاق فالعبرة انما هي بصدق عنوان الشاة فمتى يصدق هذا العنوان يجزي في دفع الزكاة، الظاهر ان هذا العنوان يصدق على من لم يكمل سنة واحدة ولم يدخل في السنة الثانية بل لا يحتمل ان هذا العنوان لا يصدق عليه في اليوم الاخير في السنة الاولى وفي اليوم الاول من السنة الثانية يصدق عليه مصداق الشاة الفرق يوم واحد احتمال انه في اليوم الاخير لا يصدق وفي اليوم الاول من السنة الثانية يصدق وهذا الاحتمال غير محتمل والعبرة انما هي بصدق العنوان لا بهذا القيد كمل سنة ودخل في الثانية وكمل سنتان ودخل في الثالثة لا دليل على اعتبار هذا القيد الدليل غير موجود وقد يستدل على هذا القيد بروايتين :
الاولى : نبوية وهي لم تصدر من طرقنا انما صدرت من طرق العامة وقد وردت ان النبي صلى الله عليه واله قد نهى عن الاخذ بالمراضع وامر بالأخذ بالجزعة والثنية، فهذه الرواية تدل على اعتبار هذا القيد  في اخراج الزكاة ودفعها ولكن لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية لأنها ضعيفة باعتبار انها لم تثبت بطرقنا ولم تكن موجوده في كتب الاصحاب وانما هي مروية من طرق العامة وموجودة في كتبهم فلا تكون معتبرة عندنا فلا يمكن العمل بها، ودعوى ان عمل المشهور بها جابر لضعف هذه الرواية فان المشهور كيف عمل بهذه الرواية مع انه لم تكن موجوده في كتبنا فالمشهور لم يعمل بها لأنها غير موجوده في كتبنا وانما عمل المشهور بمضمونها ولعل عمل المشهور بمضمونها من جهة الاجماع او الشهرة ليس من جهة هذه الرواية فالعمل غير معلوم بل معلوم العدم، مع الاغماض عن ذلك وتسليم الصغرى والكبرى ممنوعة وذكرنا ان عمل المشهور لا يكون جابر ولا اثر له فان عمل المشهور في نفسه لا يكون حجة فكيف يجعل ما ليس بحجة حجة فان الرواية بنفسها لا تكون حجة ولا مشمولة لأدلة الحجية فكيف عمل المشهور يجعلها حجة ومشمولة لدليل الحجية فلا يكون عمل المشهور جابرا ولا اثر له
الرواية الثاني : مرسلة الغوالي الالية عن الامام عليه السلام انه امر عامله بالأخذ بالجزع والثني في الزكاة، وهذه الرواية ايضا ضعيفة من ناحية السند بل صاحب الحدائق ناقش في روايته وفي نفس صاحب الكتاب مع ان دئب صاحب الحدائق ليس المناقشة في سند الروايات وانه يرى ان الروايات الموجودة في الكتب المعتبرة جميعها قطعية الصدور وان كانت مذكورة في الكتب بسند واحد بنحو اخبار الاحاد الا انها جميعا قطعية الصدور ولهذا اشكل على العلامة فانه جعل الروايات على اقسام صحيحة وموثقة وضعيفة فالرواية الضعيفة لا وجود لها ولا معنى لهذا التقسيم اذا كانت كل هذه الروايات صادره من المعصوم جزما بل عبر عن هذه التقسيم سقيفه ثانية لتخريب المذهب وكيف ما كان فصاحب الحدائق يرى ان الروايات جميعا قطعي الصدور ومع ذلك ناقش في هذه الرواية وناقش في مؤلفه ايضا فاذا هذه الرواية ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها وجبرها بعمل المشهور لا اصل له كما مره هذا من جهة
الجهة الثانية : لو بنينا على ان المعتبر في زكاة الضأن الجزعة وفي زكاة المعز الثنية لو سلمنا ذلك واعتبرناه الا ان تفسير الجزعة بما كمل سنة ودخل في الثانية وتفسير الثنية بما كمل سنتان ودخل في الثالثة هذا التفسير له معارض فان جماعة من اللغوين فسر الجزع والثنية كذلك وجماعة اخرى فسر بشكل اخر ففسر الجزع بما كمل ستة اشهر ودخل في السابع وايضا فسر بما كمل سبعة اشهر ودخل في الثامنة او ما كمل ثمانية اشهر ودخل في التاسعة، فاذاً هذا التفسير بنفسه غير ثابت مضافا الى ان قول اللغوي لا يكون حجة فان الحجة انما هو ظهور الالفاظ دون القول اللغوي وتفسيره فلا يكون حجة انما الحجة هو ظهور الالفاظ فاذا كان ظاهرا في معنى فظهوره يكون حجة والا فلا يكون حجة .


[1] العروة الوثقى، السيد محمد كاظم اليزدي، ج4 ص36، ط . ج.