الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة  - فصل في زكاة الانعام الثالث
ذكرنا ان الشارع جعل في النصاب الثاني عشر للابل ضابطين، اذا زاد عدد الابل على المئة والعشرين ففي كل خمسين حقة وفي كل اربعين بنت لبون، جعل ضابطين والامام عليه السلام بين كل من الضابطين بنحو الكبرى الكلية والقضية الحقيقية ولم ينصب قرينة على التخيير فان لا يكون هنا ما يدل على ان المكلف مخير بينهما وان الواجب هو الجامع بينهما ليس هنا شيء يدل على ذلك وكذلك لم ينصب ما يدل على الجمع بينهما وكذلك لم ينصب ما يدل على عدم التلفيق بينهما فالشارع اوكل كل ذلك في مقام التطبيق للمكلف
اما نكتة ان الشارع جعل ضابطين في هذا النصاب فبطبيعة الحال نكتة ذلك هي مراعات حق الفقراء اذ لم يكن جعل الضابطين جزافا من المولى فبطبيعة الحال يكون مبني على نكتة وهي مراعات حق الفقراء وعلى هذا فالمكلف في مقام الامتثال وفي مقام التطبيق ليس مخيرا بين تطبيق الضابط الاول او الثاني لان ليس مخير بينهما عقلا ولا التخيير الشرعي ثابت فان التخيير العقلي قد يؤدي الى تضيع حق الفقراء فمن اجل ذلك على المكلف مراعات حق الفقراء فحينئذ ان كان احد الضابطين مستوعب لتمام العدد دون الاخر كما اذا كان عنده مئة وستين فان احد الضابطين وهو الاربعين مستوعبا لتمام العدد واما الضابط الاول وهو الخمسين لا يستوعب تمام العدد فيتعين عليه تطبيق الضابط الثاني وهو الاربعين لمراعات حق الفقراء واذا كان كل منهما مستوعبا لتمام العدد كالمئتين فهو مخير عقلا بين تطبيق الضابط الاول وهو الخمسين وبين الثاني وهو الاربعين واما المع بينهما فهو غير جائز فان لازم الجمع ان يزكي ماله في السنة مرتين وهو غير جائز فان كل مال لا يزكى الا مرة واحد، وكذا اذا كان مستوعبا كلاهما بالتلفيق فحينئذ يجب على المكلف التلفيق بتطبيق كلا الضابطين ملفقا كما اذا كان عنده مئة وسبعين فانه بالتلفيق يستوعب كلا الضابطين بتمام العدد فانه يطبق خمسين وبقي عنه ثمانين يطبق عليه اربعين مرتين فيكون مستوعب لتمام العدد واما اذا لم يكن التطبيق مستوعبا لتمام العدد فلابد من مراعات أي الضابطين يكون مستوعبا لأكثر العدد فهو متعين كما اذا كان عنده مئة وتسعين فانه بالتلفيق لا يمكن لابد مراعات اختيار ما هو اكثر استيعابا للعدد ويدل على ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة الفضلاء (وليس على النيف شيء ولا على الكسور)[1] فان النيف هو بين العقدين فلا يشمل العقود فالنتيجة انه لابد على المكلف من مراعات حق الفقراء في التطبيق وفي مرحلة الامتثال
ثم بعد ذلك ذكر الماتن قدس سره في النصاب السادس وذكر في هذا النصاب ثلاثة : القول الاول ان ابن لبون بدلا عن بنت مخاض طولا فيكون ابن لبون في طول ابنة مخاض اذا لم يكن عند المكلف بنت مخاض فوظيفته ابن لبون كقوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[2] فقد ورد في الروايات فان لم تكن عنده بنت مخاض فابن لبون القول الثاني ان ابن لبون في عرض بنت مخاض والبدلية عرضية ليست طولية القول الثالث اذا لم يكن عند المكلف لا بنت مخاض ولا ابن لبون فهل هو مخير في شراء أي منهما شاء او انه يجب عليه شراء بنت مخاض، ذكر الماتن قدس سره انه مخير في شراء ايهم شاء
اما القول الاول فهو مطابق لظاهر صحيحة ابي بصير وصحيحة محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عمر بن أذينة، عن  زرارة (فاذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض الى خمسة وثلاثين فان لم يكن عنده ابنت مخاض فابن لبون ذكر)[3] القضية الشرطية ظاهرة في الطولية وان وظيفته دفع ابن لبون بعد ان لا يكون عنده بنت مخاض، فظاهر الصحيحة هو القضية الشرطية وترتب الجزاء على الشرط وكذلك الحال في صحيحة محمد بن الحسن بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال (فان كانت خمسة وعشرين ففيها خمسة من الغنم فاذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض الى الخمسة وثلاثين فان لم يكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر)[4] فان هذه الصحيحة واضحة الدلالة على ذلك فمقتضى هاتين الصحيحتين ان البدلية طولية فاذا لم يكن عند المكلف ابنة مخاض فوظيفته ابن لبون واما اذا كانت عنده ابنة مخاض فوظيفته ابنت مخاض ودفعها بعنوان الزكاة ومن هنا يظهر ان القول بان القول ان ابن لبون في عرض بنت مخاض وان البدلية عرضية لا يمكن الالتزام بهذا القول لأنه مخالف لظاهر هاتين الصحيحتين ظاهر القضية الشرطية، ودعوى ان الشرط صوري ليس حقيقي والقضية الشرطية قضية صورية وليس قضية شرطية واقعية لكي تدل على المفهوم وعلى ترتب الجزاء على الشرط بل هي قضية شرطية صورية ولا تدل على الطولية
هذه الدعوى مدفوعة بان هذه الدعوى بحاجة الى عناية زائدة ثبوتا واثباتا أي بحاجة الى قرينة ولا قرينة لا في نفس هذه الصحاح ولا من الخارج فاذاً لابد من الاخذ بظاهر هذه الصحاح، وهل تشمل هاتين الصحيحتين ما اذا لم يكن عند المكلف ابنة مخاض ولكنه متمكن من شرائها فهل يجب عليه شرائها ولا تصل النوبة الى ابن لبون او لا يجب، ظاهر الصحيحتين انه غير واجب فان في الصحيحتين جعل الشرط عدم وجود بنت المخاض عند المكلف اما انه متمكن من الشراء او ليس بمتمكن فعدم وجود بنت المخاض بنحو صرف الوجود يكفي في الانتقال الى ابن لبون سواء كان متمكن من الشراء او لا وظاهر الصحيحتين ان عدم وجود بنت المخاض يكفي في الانتقال الى ابن لبون وان كان متمكن من الشراء، ان هذا القيد بحاجة الى قرينة ولا قرينة على اعتبار هذا القيد فالنتيجة ان القول الثاني لا يمكن المساعدة عليه
واما القول الثالث وهو اذا لم يكن عند المكلف لا بنت مخاض ولا ابن لبون فهل يجب عليه شراء بنت مخاض او هو مخير بين شراء بين شراء بنت مخاض وابن لبون، الظاهر هو التخيير لان هذه الصورة غير مشمولة للروايات لا لصحيحة زرارة ولا لصحيحة ابي بصير فانهما ما اذا لم يكن عنده بنت مخاض وكان عنده ابن لبون فعندئذ وظيفته ابن لبون واذا لم يكن عنده شيء منهما لا بنت مخاض ولا ابن لبون فعندئذ وظيفته الشراء فهل يجب شراء بنت مخاض او يجب عليه شراء ابن لبون او هو مخير، الظاهر انه لا دليل على تعيين وجوب شراء بنت مخاض الظاهر هو التخيير والواجب هو الجامع بينهما .


[1] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص112 ح6، باب اسنان الابل، ط ال البيت.
[2] قران كريم سورة المائدة اية6.
[3] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص108 ح1، باب تقدير النصب في الابل، ط ال البيت.
[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج9 ص109 ح2، باب تقدير النصب في الابل، ط ال البيت.