الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

35/01/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الزكاة
 الماتن قدس سره بعدما ذكر ان النذر المشروط بشرطٍ وان الشرط قد يحصل قبل الحول وقد يحصل بعد الحول وقد تقدم الكلام في كلا القسمين بتمام شقوقهما
ذكر الماتن قدس سره قد يقترن حصول الشرط مع حلول الحول ، انتهاء الحول مقارن لتحقق الشرط فاليوم الذي ينتهي الحول في نفس هذا اليوم يتحقق شرط وجوب الوفاء بالنذر ففي هذا الفرض أي فرض التقارن ذكر الماتن قدس سره في المسألة وجوه
الوجوه الاول وجوب الزكاة وانه لا اثر لوجوب الوفاء بالنذر ، الوجه الثاني عدم وجوب الزكاة ووجوب الوفاء بالنذر ، الوجه الثالث القرعة الامر مردد بين وجوب الزكاة ووجوب الوفاء بالنذر المرجع هو القرعة ، الوجه الرابع التخيير فالكلف مخير بين اختيار دفع الزكاة وبين الوفاء بالنذر
اما بناءً على المشهور من ان وجوب الوفاء بالنذر مانع عن وجوب الزكاة كما هو عند الماتن قدس سره فبناءً على هذا فوجوب الوفاء بالنذر مانع عن وجوب الزكاة ولا فرق في مانعية ان يكون وجوب الوفاء بالنذر قبل الحول او مقارن فكما انه اذا كان قبل الحول مانع عن وجوب الزكاة فكذلك اذا كان مقارن فاذاً مانع عن وجوب الزكاة ، ولا ندري ان الماتن كيف لا يبني على ذلك مع ان مسلكه هو مسلك المشهور من ان وجوب الوفاء بالنذر مانع عن وجوب الزكاة فكيف ما كان فعلى المشهور لا فرق من مانعية وجوب الوفاء بالنذر عن وجوب الزكاة بينما يكون متقدم عليه او مقارب له ، واما بناءً على ما هو الصحيح من ان وجوب الوفاء بالنذر لا يكون مانع عن وجوب الزكاة فاذا لا فرق بين ان يكون وجوب الوفاء بالنذر متقدما على وجوب الزكاة او مقارن او متأخرا فعلى جميع التقادير فهو لا يكون مانع عن وجوب الزكاة فعندئذ هل يقع التعارض بينهما او التزاحم بينهما فانه في عام واحد هذه العين الزكوية متعلقة وجوب الوفاء بالنذر وايضا متعلقة لوجوب الزكاة غاية الامر ان وجوب الزكاة تعلق بعشر منها فبحصة الفقراء بعشر منها واما وجوب الوفاء بالنذر تعلق بالتصدق بتمامها فهل يقع التعارض بينهما في حصة الفقراء أي في العشر بين وجوب الوفاء بالنذر وبين وجوب الزكاة او لا يقع التنافي بينهما فان قلنا بان وجوب الزكاة تعلق بعشر هذه العين الزكوية فقط فعندئذ يقع التعارض بينهما فان وجوب الزكاة تعلق بالعشر ووجوب الوفاء تعلق بتمام هذه العين منها عشرها فعندئذ يقع التعارض بينهما في مرحلة الجعل
ولكن ذكرنا ان وجوب الزكاة تعلق بالجامع لا بخصوص عشر هذه العين الزكوية باعتبار للمالك سلطنة على التصرف في حصة الفقراء وتبديلها بغيرها فالمالك حيث انه مخيرُ بين ان يدفع حصة الفقراء من نفس العين او يدفع من مال اخر او من النقدين فهذا التخيير كاشف على ان الواجب هو الجامع بين الحصة المتعلقة بهذه العين وبين عديلها وبديلها وهو مال اخر والا فلا معنى للتأخير وذكرنا في باب الواجب التخيير فان الوجوب تعلق بالجامع والمكلف مخير في اتيانه في ضمن هذا الفرض او اتيانه في ضمن الفرض الثاني فلا تعارض بين وجوب الزكاة وبين وجوب الوفاء بالنذر فان متعلق كل منهما غير متعلق الاخر ، واما التزاحم فأيضا غير موجود فلا تزاحم بينهما لان المكلف متمكن من اتصال كلا الواجبين معا من الوفاء بالنذر بان تصدق بتمام هذه العين ويدفع زكاته من مال اخر
ومن ناحية اخرى ان هذه المسالة لا اصل لها ولا اساس لها من الاول وذلك لما ذكرناه غير مرة من ان الروايات التي تنص على (ان شرط الله قبل شرطكم)[1] فهذه الروايات تدل طال ما يكون حكم الله موجود فلا تصل النوبة الى الحكم الجائي من قبل المكلف فان وجوب الزكاة حكم الله واما وجوب الوفاء بالنذر فهو حكم جاء من قبل المكلف وكذلك وجوب الوفاء بالعهد والشرط وهذه الاحكام احكام جاءت من قبل التزام المكلف ايضا هذه النصوص تدل على ان شرط الله قبل شرطكم أي حكم الله قبل حكمكم ، فاذاً صرف وجود حكم الله رافع للحكم الذي جاء من قبل المكلف فطالما يكون حكم الزكاة موجود فصرف وجوبها رافع لوجوب الوفاء بالنذر بانتفاء موضوعه لأنه موضوعه مقيد بان لا يكون حكم من قبل الله تعالى وتقدس فاذا كان هناك حكم من قبل الله فيرتفع الحكم الذي جاء من قبل المكلف بانتفاء موضوعه فاذاً لا وجوه للبحث في هذه المسألة فان وجوب الوفاء بالنذر مانع عن وجوب الزكاة او لا فانه طالما يكون وجوب الزكاة موجود فلا وجود لوجوب النذر ويرتفع بصرف وجوب الزكاة فهو وارد عليه ورافع له وجدانا بمقتضى هذه الروايات ، هذا بناءً على ما ذكرناه من ان هذه الروايات تشمل المقام واما ما ذكره الماتن قدس سره من الوجوه
الوجه الاول وجوب الزكاة وهذا الوجه مبني على ان وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح ان يكون مانع عن وجوب الزكاة اذا كان مقارن له مبني على ذلك ولكن هذا لا يتم على المشهور الذي اختاره الماتن الذي اختاره قدس سره ايضا
الوجه الثاني عدم وجوب الزكاة وهذا مناسب لقول المشهور
الوجه الثالث القرعة ولا وجه للتمسك بالقرعة بالمقام فأنها مختصة بالشبهات الموضوعية أي في الشبهات الموضوعية فيما اذا لم يكن فيها اصل يعين حكم هذه الشبهات او يرفع حكمها من اصل البراءة او اصالة الاحتياط وما شاكل ذلك ، اذا كانت الشبهة موضوعية ولم يكن فيها اصل عملي يرجع اليه لتعين الوظيفة فيها ففي مثل ذلك يرجع الى القرعة فهي مختصه بالشبهات الموضوعية التي ليس فيها اصل عملي يعين وضيفة المكلف ، واما الشبهة في المقام فهي حكمية ولا مجال للقرعة في الشبهات الحكمية فان الوجه فيها الادلة الشرعية واما ما ذكره الماتن من التخيير فان اراد من بالتخيير التخيير في باب التعارض وانه يقع بالمقام التعارض بين دليل وجوب الوفاء بالنذر وبين دليل وجوب الزكاة في صورة التقارن وهذه التخيير في باب التعارض ولكن التخيير في باب التعارض غير ثابت فان الروايات التي تدل على التخيير فهذه الروايات بأجمعها ضعيفة من ناحية السند فلا يمكن الاعتماد عليها على تلك الروايات فاذاً لا يمكن الالتزام بالتخيير بين الروايتين المتعارضتين فالتخيير غير ثابت في باب التعارض هذا مضافاً الى انه لا تعارض بين دليل وجوب الوفاء بالنذر وبين دليل وجوب الوفاء بالزكاة فان وجوب الزكاة تعلق بالجامع لا بخصوص الحصة الموجودة في هذه العين التي هي متعلقة لوجوب الوفاء بالنذر فلا تعارض بينهما ، واما اذا اراد الماتن من التخيير التخيير في باب التزاحم ايضا يرد عليه لا تزاحم بين دليل وجوب الوفاء بالنذر وبين دليل وجوب الزكاة لان المكلف متمكن من العمل بكلا الدليلين فلا تزاحم في البين حتى نقول بالتخيير ، فالنتيجة ان ما ذكره الماتن قدس سره من التخيير لا يمكن المساعدة عليه وانه غير تام في المقام  


[1]وسائل الشيعة ج21 ص297 ط ال البيت.